مضر الزعبي
تصدير المادة
المشاهدات : 4121
شـــــارك المادة
أثبتت السنوات الخمس الماضية أن هناك أشخاص وقامات في ثورة الشعب السوري لا يمكن تعويضها أو سدّ الفراغ الذي تركته. ومن أبرز هذه الأسماء التي حملت على عاتقها همّ بلدٍ بأكمله، الشيخ (أسامة اليتيم)، مؤسس محكمة دار العدل في حوران ورئيس حتى لحظة اغتياله، وأحد أبرز رجالات الثورة في المحافظة منذ انطلاقتها، والذي اغتيل مع اثنين من أشقائه بتاريخ 15 كانون الأول/ديسمبر من العام 2015 الماضي.
من هو (اليتيم): “أسامة عايد اليتيم” من مواليد مدينة جاسم شمال دعا 1975، ولد في أسرة ريفية مكونة من عشرة أشقاء لأب يعمل في الزراعة، أكمل تعليمه الثانوي في مدينته جاسم قبل أن ينتقل للملكة العربية السعودية ويكمل مرحلة التعليم الجامعي في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ويحصل على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية.
الثورة تعيد اليتيم: مع الأيام الأولى من الثورة السورية عاد الشيخ أسامة اليتيم إلى مدينته جاسم ليكون قائداً للحراك السلمي في المدينة التي اشتهرت بمظاهراتها، ولاسيما إبان اقتحام قوات النظام لأحياء درعا البلد أواخر شهر أبريل/نيسان من العام 2011، عقب بروز اسم الشيخ أسامة كقائد للحراك في ريف درعا الشمالي، فاعتقل فرع المخابرات الجوية الشيخ لثمانية أشهر، وبعد الإفراج عنه ونتيجة احتلال مدينته من قبل قوات النظام، قرر الخروج الى الأردن.
تأسيس محكمة دار العدل: عاد اليتيم من الأردن إلى سوريا في العام 2014، وقد كان وقتها ملف القضاء من أكثر الملفات تعقيداً في الجنوب، حيث كان هناك ثلاثة محاكم رئيسة في المناطق المحررة، وأبرز هذه المحاكم كانت محكمة الكوبرا التابعة لجبهة فتح الشام (جبهة النصرة)، لكن اليتيم وفور عودته عمل بشكل يومي مع الفاعليات الثورية على تأسيس مؤسسة قضائية يتوحد فيها الجميع، وبالفعل نجح بتحقيق هدفه في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2014، وتم الإعلان محكمة دار العدل في حوران كجهة قضائية وحيدة.
عمله في المحكمة: قبل اغتيال الشيخ أسامة اليتيم بأسابيع قال لـ “كلنا شركاء” إن عدد القضايا في محكمة دار العدل وصل إلى 12 ألف قضية، وإن نسبة القضايا المفصولة تقارب النصف. وعن تعاون تشكيلات الثوار مع المحكمة قال وقتها إن التعاون ضعيف جدا، ويترتب عليه فوات مصالح عظيمة ووقوع مفاسد كبيرة، وطلب من جميع قادة الفصائل أن يقفوا عند مسؤولياتهم يرعوا الأمانة التي استرعاهم الله إياها حتى تحقن الدماء وتحفظ الأموال ويأمن الناس على حياتهم وأملاكهم. وخلال عمل الشيخ كرئيس للمحكمة كانت المعضلة الأكبر تتمثل بالتعامل مع جبهة فتح الشام، ولاسيما مطلع العام 2015، عندما بدأ الاقتتال غرب درعا بين جبهة فتح الشام ولواء شهداء اليرموك، فاليتيم كان له موقف مغاير لجبهة فتح الشام، حيث كان يفضل محاورة ومناظرة قادة لواء شهداء اليرموك، وبالفعل استمر لأشهر قبل أن يطلب من تشكيلات الثوار قتال المجموعات المرتبطة بتنظيم “داعش” تحت مظلة محكمة دار العدل. وأبرز أعمال المحكمة كانت إبان تسلم اليتيم رئاستها اعتماد القانون العربي الموحد، بالإضافة لحل الخلافات العالقة بين الفصائل، وإبعاد سطوة جبهة فتح الشام عن القضاء في المحافظة، وإطلاق سراح مجموعة من سائقي السيارات اللبنانيين الذين كانت قد أسرتهم تشكيلات الثوار عقب سيطرتها على معبر نصيب الحدودي مع الأردن في شهر أبريل/نيسان من العام الماضي.
اغتيال الثورة: في 15 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، وعقب الانتهاء من عمله في محكمة دار العدل شرق درعا، وتوجهه إلى منزله في مدينة جاسم، أطلق مسلحون النار على سيارة اليتيم على الطريق الحربي الفاصل بين أرياف محافظة درعا، مما أدى لمقتل الشيخ اليتيم واثنين من أشقائه، لتدفع عائلة الحاج عايد اليتيم ثمناً باهظا، فقدمت خمسة من أبنائها على مذبح الحرية، وفي سبيل ثورة الشعب السوري، وهم (أسامة – معاذ – مهند – براء – طارق). ولم يكن اغتيال الشيخ أسامة منفصلاً عن باقي عمليات الاغتيال بدرعا والتي ما تزال مستمرة منذ قرابة العام والنصف، ولكن كانت العملية ذات التأثير الأكبر على الأهالي والفعاليات الثورية على حد سواء، وذلك نظراً لدور الشيخ في توحيد الجهود وحشد الهمم. وشكل اغتيال الشيخ أسامة اليتيم نقطة تحول في الجنوب السوري، وقال الناشط أحمد الديري لـ “كلنا شركاء” إن اغتيال الشيخ أسامة اليتيم أتى بعد شهر من اغتيال مؤسس لواء شهداء اليرموك (أبو علي البريدي)، المتهّم بمبايعة تنظيم “داعش”، وذلك على يد جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) في منطقة حوض اليرموك، وردت المجموعات المحسوبة على تنظيم “داعش” باغتيال الشيخ اليتيم كونه الأكثر فاعلية بين الزعامات الثورية في المحافظة. وكانت مجموعات التنظيم تهدف لضرب أبرز القامات الثورية في المحافظة، وذلك في إطار سياسة التنظيم الهادفة لضرب الفعاليات الثورية بعد كل انكسار لهذه المجموعات، كما حصل نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، عندما نفذ انتحاري يتبع لتنظيم “داعش” عملية في مخفر مدينة إنخل شمال درعا، أدت إلى مقتل 14 شخصاً من أبرز الفعاليات الثورية، ومنهم (يعقوب العمار) وزير الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة، وذلك عقب هزائم التنظيم في منطقة حوض اليرموك غرب درعا. وعقب اغتيال الشيخ أسامة بأشهر، أعلنت محكمة دار العدل في حوران أن متزعم حركة المثنى (ناجي المسالمة) والقائد العسكري للحركة (زكريا المصري) هما من وقف خلف اغتيال اليتيم، وذلك بالتزامن مع بدء تشكيلات الثوار في المحافظة، وتحت مظلة دار العدل، حملة واسعة ضد المجموعات المرتبطة بتنظيم “داعش”، وقد أدت العمليات لاستئصال المجموعات من ريفي محافظة درعا الغربي والشرقي وحصرها في منطقة حوض اليرموك غرب درعا، لتعلن المجموعات اندماجها تحت مسمى (جيش خالد بن الوليد). ويشار إلى أن المدعو (زكريا المصري) والمتهم الرئيس بتنفيذ عملية اغتيال الشيخ أسامة اليتيم قتل بظروف غامضة منتصف العام الجاري في منطقة حوض اليرموك، عقب الإعلان عن تأسيس جيش خالد بن الوليد بأسبوع واحد.
كلنا شركاء
أسرة التحرير
عبد الرحمن عبد الله الجميلي
عمار البكور
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة