اريك مارغوليس
تصدير المادة
المشاهدات : 3308
شـــــارك المادة
قال هنري كيسينجر مرة إن التحالف مع أمريكا كثيراً ما يكون أخطر من معاداتها. فزعماء الدول الحليفة الذين تستنفد الفائدة منهم قد «يذهبون مع الريح»، في حين أن بعض الحلفاء قد يسببون مشاكل كبرى لأمريكا، ويمكن حتى أن يجروها إلى حروب لا تريدها. عندما يهزم أعداء لأمريكا، كثيراً ما يحصلون على الكثير من الأموال، ويصبح بإمكانهم النفاذ بسهولة إلى السوق الضخم في أمريكا الشمالية، ما يضمن مشاركتهم في دائرة الثراء الأمريكية. ولنأخذ كمثال بارز ألمانيا واليابان. في المقابل، لنتأمل في مصاير حلفاء سابقين للولايات المتحدة، مثل فيتنام الجنوبية، وقوات حركة «يونيتا» المتمردة المعارضة للشيوعية في أنغولا، وزعيم زائير (الكونغو الديمقراطية حالياً) موبوتو سيسي سيكو، وشاه إيران (الراحل)، ورئيس باكستان (الراحل) الجنرال ضياء الحق. وعندما لم يعد هؤلاء القادة نافعين لأمريكا، كانوا يصبحون موضع تجاهل، أو يتم إسقاطهم. وفي حالة ضياء الحق، الذي ساعد الغرب لهزم السوفييت في أفغانستان، فإن مكافأته كانت تفجير طائرته في الجو. وحسب دبلوماسي أمريكي سابق رفيع المستوى في لواندا، فإن جوناس سافيمبي، المقاتل الأنغولي الأسطوري المعادي للشيوعية، اغتيل على أيدي فرقة اغتيالات «إسرائيلية» دفعت لها واشنطن مالاً. وكما قال ستالين يوماً: «رجل يختفي، مشكلة تختفي». والولايات المتحدة كانت على العموم محظوظة في اختيارها لحلفائها. فبعضهم، مثل بريطانيا وفرنسا، هم حلفاء صادقون تجمعهم بأمريكا مصالح مشتركة. وهناك آخرون، مثل ألمانيا واليابان، لا يزالون خاضعين لشبه احتلال، وهم تابعون أكثر منهم حلفاء حقيقيين، حيث إنهم مدعوون لإطاعة النظام العالمي الذي تقوده أمريكا، وإلى تقديم جنود وأموال عندما تقتضي الضرورة. ومن حسن حظ الولايات المتحدة أن جميع حلفائها الكبار أثرياء جداً - ولو أنهم ينفرون من إنفاق الكثير على قواتهم العسكرية. غير أن واشنطن لديها أيضاً بعض الحلفاء الذين يمثلون خطراً بقدر ما هم نعمة، لأنهم يمكن أن يجروها إلى حروب لا تريدها. ولنأخذ كمثال اليابان، المنشغلة في نزاع خطر مع الصين حول صخور جرداء في بحر الصين الجنوبي، حيث يحشد كلا الطرفين سفناً حربية وطائرات. وفي عمل دبلوماسي طائش في الماضي لا بد أن واشنطن تندم عليه الآن، أصبحت الولايات المتحدة ملزمة بموجب معاهدتها الأمنية مع طوكيو (1951) بالدفاع عن مجموعة جزر صغيرة تسميها اليابان سنكاكو، بينما تسميها الصين دياويو. والولايات المتحدة عقدت أيضاً تحالفين لا يقلان خطورة. أولهما طبعاً هو تحالفها مع «تل أبيب». ومنذ عقود والولايات المتحدة تتعهد بالدفاع عن «الكيان الصهيوني» في حال تعرضه لهجمات من جيرانه العرب وإيران. ولكن ماذا عن هجمات «الكيان الصهيوني» على جيرانه؟ سبق أن كشف رئيس الوزراء «الصهيوني» السابق إيهود باراك أن مجلس الوزراء «الصهيوني» عطل خططاً أعدها بنيامين نتنياهو لمهاجمة إيران، وذلك في 2010 و2011. ومثل هذا الهجوم كان سيجر الولايات المتحدة إلى حرب - علماً بأن قادة البنتاغون ينفرون من التورط في حرب كبرى أخرى في الشرق الأوسط. ولا يزال الجنرالات والمخططون الاستراتيجيون الأمريكيون يشعرون بقلق شديد من أن تجر «تل أبيب» أمريكا إلى حرب رغم إرادتها. وهناك أيضاً التحالف المتنامي بين الولايات المتحدة والهند. وبينما كان هناك ضجيج وصخب حول برنامج نووي إيراني لا وجود له، كانت الهند تبني بهدوء ترسانة نووية مدعومة بقوات برية وبحرية ضخمة إضافة إلى قوة صاروخية. وعلى كل حال، القادة الهنود أذكى من أن يقبلوا الاضطلاع بدور بيدق تحركه واشنطن، ولكن يبدو في الوقت ذاته أنهم مستعدون لجر الولايات المتحدة إلى نزاع مع الصين. واليوم، العلاقات بين الولايات المتحدة والصين قابلة للانفجار، حيث إنه يتعين على واشنطن ألا تثير مخاوف في بكين من تحالف أمريكي - هندي يشكل تطويقاً استراتيجياً للصين. وأخيراً، لا بد من الحذر من تحالف واشنطن مع بولندا وأوكرانيا. فهاتان الدولتان تكنّان مخاوف عميقة من روسيا، ولهذا يتعين على واشنطن أن تحذر من توريطها في نزاع عسكري خطر مع الروس.
موقع «ذا أمريكان كونسرفاتيف» ترجمة مجلة البيان
المرصد الاستراتيجي
روبرت ساتلوف
كينيث روث
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة