..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

كيف يمكن للأمم المتحدة إنقاذ حلب؟

محمد عبد الرحمن آل ثاني

١٥ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3092

كيف يمكن للأمم المتحدة إنقاذ حلب؟
عبد الرحمن آل ثاني 0987.jpg

شـــــارك المادة

في وقت سابق من هذا الشهر، أدى القصف الجوي بواسطة طائرة هليكوبتر على مرفق صحي بحلب في سوريا، يديره الهلال الأحمر القطري، إلى قتل اثنين من المرضى وجرح ثمانية آخرين، وتدمير نصف المرفق الصحي، وهو ما اضطر قطر إلى إغلاق المركز، ودعا الدكتور هاشم درويش، رئيس برنامج الصحة في مقر بعثة الهلال الأحمر القطري في تركيا، إلى اعتبار هذا الاستهداف جريمة حرب.هذه العبارة تحديدا استخدمها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في وصفه لأعمال العنف المتصاعدة في حلب، والتي تقوم بها كل من سوريا وحلفائها، حيث قال: "إن أولئك الذين يستخدمون أسلحة التدمير يعرفون بالضبط ماذا يفعلون، إنهم يرتكبون جرائم حرب".

بعد خمس سنوات رد الرئيس السوري بشار الأسد بوحشية على الاحتجاجات السلمية لشعبه، ورصيده من جرائم الحرب في تصاعد مستمر، فلقد لقي نصف مليون شخص حتفهم، كما أن الملايين فروا من ديارهم هربا من البراميل المتفجرة وغاز الكلور الذي أطلقه الأسد على مواطنيه، فضلا عن جرائم التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية التي تمارس في قسوة وشراسة.

الأسد لا يتصرف بمفرده، إذ كان لديه من الدعم الخارجي ما يتقاسم معه مسؤولية الموت والدمار، فأولئك الذين وقفوا إلى جانب الأسد مشتركون معه، فعلى الرغم من كل الخطوط الحمر التي وضعت فإن الأسد تجاوزها دون أي رد، وحتى بعد إعلان وقف إطلاق النار قامت قوات النظام بانتهاكه، بعد أن ضمنت الإفلات من العقاب.

فشل مجلس الأمن والأمم المتحدة في وقف انتهاكات النظام السوري، رغم كل القرارات التي اتخذها، يستوجب عليه أن يستخدم كل الوسائل المتاحة لوقف الفظائع التي ترتكب ضد الشعب السوري، من مبدأ مسؤوليته في الحماية، خاصة أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وافقت، عام 2005، على قرار لمنع وقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهذا ما ينبغي أن يشكل أساسا لتدخل الأمم المتحدة في سوريا.

خلال السنوات الخمس الماضية، منع بعض أعضاء مجلس الأمن تنفيذ هذا المبدأ، مبدأ مسؤولية الحماية، لأسباب سياسية، كما أن الجمود الذي أصاب مجلس الأمن، وإفلات النظام السوري من العقاب، أسهم في مواصلة هذا النظام مذابحه ضد مواطنيه، والكارثة الإنسانية في حلب اليوم توضح عواقب الفشل في الأمم المتحدة.

سوريا ليست المكان الوحيد الذي أهمل مجلس الأمن وبشكل انتقائي ما يحصل فيه للمدنيين الأبرياء، ومنع وقوع جرائم حرب في الشرق الأوسط، ففي غزة 2014 أخفق مجلس الأمن في كبح جماح العدوان الإسرائيلي ضد السكان المدنيين، فلقد قتل نحو 2251 فلسطينيا، بينهم 1462 مدنيا، بينهم 551 طفلا و 299 امرأة.

عدم النزاهة والمساءلة في عمل مجلس الأمن أصاب العديد من الدول الساعية لتحقيق العدل بخيبة أمل، ولا سيما في ظل القيادة الدولية، وبخاصة عقب تحول بعض القوى الأجنبية لداعم للحكومات التي تعمل على إراقة الدماء.

بعد فشل الأمم المتحدة في منع الإبادة الجماعية في راوندا عام 1990، وفي سربيرينتشا خلال حرب البوسنة، تولى حلف شمال الأطلسي إجراءات وقف مجزرة وشيكة في كوسوفا، يومها قال الرئيس الأمريكي بيل كلينتون: إنه "إذا كان المجتمع الدولي ليس لديه القدرة على وقف ذلك، فإننا يجب أن نعمل على إيقاف الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ".

عندما يذبح المدنيون الأبرياء بلا رحمة، سواء أكانوا مسيحيين أم من التوستي أم الصرب أم المسلمين، فإن مسؤولية المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات حماية المدنيين، فبعد ست سنوات من مجزرة كوسوفا، أقرت الأمم المتحدة قانون حماية المدنيين، والآن حان الوقت لحماية الأبرياء في سوريا.

هناك من يرى أنه سيكون من الخطأ التدخل في أي صراع آخر بالشرق الأوسط، على غرار الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، إلا أن ما يجب الإشارة إليه هنا، أن غزو العراق كان حربا اختيارية، في حين لا يوجد أي خيار في سوريا لإنقاذ المدنيين من مذابح يرتكبها نظام الأسد، هذا الأمر هو مسؤولية أخلاقية.

إن العالم لديه القدرة على وقف إراقة الدماء في سوريا، تحت قانون مسؤولية الحماية والفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لذا فإن قطر تدعو أعضاء مجلس الأمن للتخلي عن حساباتهم الجيوسياسية، وأن تفي الدول الأعضاء بالتزاماتها لحماية أرواح المدنيين العزل في سوريا.

إننا نحث، وبقوة، مجلس الأمن الدولي على حماية السكان المدنيين في سوريا، من خلال توفير ملاذات آمنة في شمال وجنوب سوريا، وفرض منطقة حظر جوي، وفي حال كان مجلس الأمن غير قادر على الاتفاق على مثل هذه الإجراءات الأساسية، فإننا ندعو الجمعية العمومية للأمم المتحدة لتنفيذ القرار A 377، المعروف ب "الاتحاد من أجل السلام" أو "خطة اتشيسون" التي أقرت عام 1950، والذي نص على أنه في أية حالة يخفق فيها مجلس الأمن، بسبب عدم توفر الإجماع بين أعضائه الخمسة دائمي العضوية، في التصرف، كما هو مطلوب للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، يمكن للجمعية العامة أن تبحث المسألة بسرعة، وقد تصدر أي توصيات تراها ضرورية من أجل استعادة الأمن والسلم الدوليين. وإذا لم يحدث هذا في وقت انعقاد جلسة الجمعية العامة، يمكن عقد جلسة طارئة وفق آلية الجلسة الخاصة الطارئة.

الوقت ليس في مصلحتنا، ففي الوقت الذي ما زال قادة العالم مترددين، يمكن أن يموت الآلاف في حلب، وإذا كان المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية الفشل في راوندا والبوسنة، فإنه لن يستطيع تحمل فشل آخر.

 

 

 نيويورك تايمز: ترجمة منال حميد- الخليج اونلاين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع