..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

الطفل الهارب

عبد الرحمن العشماوي

٢٤ فبراير ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 8867

الطفل الهارب
547.jpg

شـــــارك المادة

 

 

 

 


وقفْتُ على رصيف الأُمْنِـــيَاتِ
             أُفَــــتِّشُ عن شـــوارد ذكرياتي

أُفَتّـــــشُ عن ملامح وجه طفلٍ
              بريء ، ذاتُـــه مُزِجَـــتْ بذاتي

لقد عشنا ســـــويّاً في صــــبانا
           فليــــس صفــــاتُه إلاّ صفـــاتي

ولــــيس حنـــــينُه إلاّ حنــــيني
             ولا لَفَــــتَــاتُه إلاّ الْتــــــــــفاتي

وليـــــس بكـــــاؤه إلاّ بُكــــائي
           وليـــــس شـــكَاتُه إلاّ شَــــكَاتي

ونَبْضُ فؤاده هوَ نَبْــضُ قَـــلْبي
            وأُمْنِـــــــــيَّاتُه هيَ أُمْنِـــــــيَاتي

لَعِبْنا بالتُّـــراب وكان عِـــــطْراً
             تُعَــــطِّرُنا به كــــفُّ الحــــــياةِ

وسابَقْـــــنا انْبِـــثَاقَ الفجر نغدو
                إلى المرعى بــــزاد الرَّاعيـات

لقد كان الصَّغيرُ رفـــيـقَ درْبي
           يُقـاسِمُني ثبـــــاتي وانْفِـــــلاتي

فكم ســــرنا إلى الوادي سَـــويّاً
            ســـواءُ في الرَّوَاح أَم الغَـــــدَاةِ

شربْنا المــــــاءَ من نَبْـــــع نَقيّ
             تَفَجّر من صخــــور مُحْــكَمَات

شَبِعْــــنا من جنَى عِنَب وتِيْـــن
               ومِن أشـــجار لَــــوْز مُثْمِراتِ

سَمِــــعْنَا كلَّ يوم صوتَ جَــدّي
            يُنــــادي بالأذان إلى الصّــــلاة

وأتْقَـــــنّا السِّـباحةَ في غـــــدير
             تَكَــوَّنَ من هُطــــول السَّابِحاتِ

فما بـــالُ الصّغـــير يفـــرُّ منّي
             فِرارَ الأتقـــــياء من العُــــصَاةِ

أُفَتِّــــشُ عنــه في الوادي فألْقى
             نَـــــسَائمَ روحِهِ بيــــنَ النَّــباتِ

وأَلْقى منه عِطْـــراً في الرَّوابي
             تَخَـبَّأَ في الزّهــــور النّاضرات

أُفَتِّــــشُ عــــنه في جبَل وسَهْل
             وأعشاش الطيور الصَّـــادحات

وفي البــــيت القديم وقد تَهاوى
              على وَقْـع السّنــــين الماضيات

فـــما ألْقى سِـــوى أَثَـــر حزين
              وَفَيـــــض من عــــيون باكياتِ

تَدَفَّقَ سيـلُ أسْئلَتي ، فمــــن لي
            بأَجْـــــوِبة لقـــــلبي شافـــــياتِ

هُنا، وقَفَ الزَّمانُ ، وقال: مَهْلاً
              لقد رحـــلَ الصّغيرُ رَحيــلَ آتِ

مضى وَأَتَيْتَ أَنْتَ ،فأنت طفــلٌ
             لأنّ الطـــفلَ أنتَ على الثبـــاتِ

نعم فالطّـــفْلُ أصْبَحَ فيـكَ شَيْخاً
              وعندك منه أقـــــوى البيِّــــنات

أغــــرَّكَ أنَّ شَيْــــبَك قد تَراءى
             كَواكبَ في الليـــالي المظلـمات

لقد كبِرَ الصَّــغيرُ ولم يُبــــارِحْ
              مَرَابِــــعَ حُـــــــبِّه المُتَـــــألِّقات

فقلْـــبُكَ قَلْـــــبُه حُـــــبَّاً وشَــوْقاً
           وَإحــــساساً بهـــــمِّ الكائــــنات

وما الإنْـــسانُ إلاّ روحُ طِــــفْل
            تَـدَرَّجَ في الحــــياة إلى الممات

وشَــــرُّ النّاس مَنْ يَغْــتالُ طفلاً
             بريـئاً  بالخـــــطايا المُوْبِقَــــاتِ

وخَيْرُ النّـــاس مَنْ يَبْــقى كطفل
             بَريء القلب مَيْـــــمُونَ السِّمات

فَعِشْ بالطّــــفْل فيكَ كما عَهِدْنا
              

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع