ماثيو ماكينيز
تصدير المادة
المشاهدات : 6009
شـــــارك المادة
لم يكن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بحاجة إلى سقوط صواريخ كروز الروسية داخل الجمهورية الإسلامية ليدرك أن المناورة الروسية الجديدة في حرب سورية "الأهلية" قد تدور خارج إرادة إيران. وكما حذرتُ سابقاً، فإن إحضار روسيا للمساعدة في حماية نظام بشار الأسد في دمشق سيكون خطراً على قيادة إيران الاستراتيجية للوضع في سورية.
إن التزام طهران بالحفاظ على دولة حليفة في بلاد الشام أمر مؤكد، لا يمكن لإيران أن تخسر الرادع الفعال (وحسن النوايا الأيديولوجية) ضد إسرائيل والذي يقدمه حزب الله الوكيل العسكري لها في لبنان. بالإضافة إلى أنه يجب أن تكون نصف مؤسسات الدولة السورية على الأقل فاعلة، من أجل استمرار الدعم الإيراني لها. ولا تزال سورية مشكلة وجودية بالنسبة لها.
إلا أن طهران كانت تخسر المعركة السورية منذ بدأ الحرب "الأهلية" في عام 2011. وبعد نكسات كبرى لقوات الحكومة السورية في عام 2012، حثت إيران حزب الله اللبناني المتردد على إرسال قوات برية في أوائل 2013. وهذا ساعد على تحقيق استقرار موقف الأسد لفترة من الزمن، ولكن بحلول عام 2015 كان النظام مجدداً أمام خطر فقدان مواقعه الأكثر أهمية بالقرب من ساحل البحر الأبيض المتوسط ودمشق. يبدو أن الأوقات العصيبة قد دفعت إيران إلى أحضان موسكو.
من الضرورة بمكان فهم آلية عمل الجهود الإيرانية والروسية المشتركة في سورية لمعرفة مآلاتها، حيث تدل التقارير غير المؤكدة على أن إيران والمتمثلة تحديداً بقائد الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس قاسم سليماني، الذي يعتبر الوكيل الرسمي لإيران في سورية والعراق؛ قد بدأ بالتواصل مع القيادة الروسية في الربيع الماضي.
وألمح سليماني من خلال تصريحه في 31 مايو/أيار إلى التدخل المحتمل لموسكو في سورية، بقوله: "إن العالم سيفاجأ بشكل سار بتحركات إيران التالية في سورية".
من الواضح أن عدداً كبيراً من الخطط الملموسة قد اتخذت حيز التنفيذ بعد الإعلان عن الاتفاق النووي، بعد لقاء المرشد الأعلى خامنئي مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف خلال الصيف الماضي. وحسبما زعموا فقد زار سليماني موسكو مرتين إحداهما في 24 يوليو/تموز والأخرى في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، من أجل العمل مع القيادات الروسية وفق الخطط العسكرية التي نراها الآن قيد التنفيذ في سورية؛ بما في ذلك إنشاء مركز استخبارات مشترك بين حزب الله وسورية وروسيا بالإضافة لإيران وذلك خارج مدينة اللاذقية.
إلا أنه من حيث المبدأ ينبغي أن تدعم هذه العمليات حملات الصراع الإيرانية في العراق وسورية، كما أنها ستنهي بشكل فعّال قدرة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على إجراء غارات جوية على نطاق واسع أو حتى إنشاء منطقة حظر طيران في سورية.
الدافع وراء تحرك موسكو في المقام الأول أهداف روسية محددة، وهي:
تأمين نظام الأسد، وضمان حصة روسيا في التسوية، ومحاربة "الإرهاب" الإسلامي وتدعيم موقف استراتيجي روسي أوسع في الشرق الأوسط.
هذه الحملة الجديدة لها قبول من قبل كل من طهران وموسكو، لكنها تحمل تكاليف كبيرة محتملة على المستوى الاستراتيجي لطهران. إلا أن روسيا سوف تحصل على المزيد من السطوة في المفاوضات للتوصل إلى تسوية، والشروط قد لا تفيد إيران.
الإبقاء على الأسد، أو أي شخص مطيع بالقدر نفسه لإيران، قد لا يكون مهماً بالنسبة لبوتين، وقد تأخذ روسيا دوراً أكبر في العراق؛ أي (فناء إيران الخلفي) في إطار فرضية القتال ضد جماعة "الدولة الإسلامية" هناك.
يوجد مقايضات مماثلة على المستوى العملي مع القوى الجوية المعززة وغيرها من أشكال الدعم التي قدمتها موسكو (مستشارون، "والمتطوعون" والمعدات الجديدة للجيش السوري)، وقد أخذت طهران على عاتقها نصيباً أكبر من الحملة البرية.
تسعى كل من روسيا وإيران إلى قلب خسائر القوات السورية التي حدثت في الربيع، والتي هددت اللاذقية ومعاقل النظام بشكل خطير. بما أن لإدلب الاهتمام الأقل، فمن المرجح أن يركزا على استعادة السيطرة على محافظتي حمص وحماة (بما في ذلك درعا) واسترداد حلب. "داعش" الثانية في سلم الأولويات في الوقت الراهن.
مع أن تحديات الاستهداف الحقيقية ستأتي في وقت لاحق، تجادل روسيا وإيران على كون الجماعات الجهادية تشكل التهديد الأكبر لأوطانهم. إن مخاطرة إيران بالمزيد من الأخطاء العسكرية الروسية وحوادث إطلاق النار الصديقة باتت غنية عن الإفصاح عنها.
سيكون من الصعب تجنب المزيد من الاختلافات في الأشهر المقبلة. موسكو على عكس طهران، لا تريد مواجهة تل أبيب. والكرملين غير حريص على التورط في اللعبة الاستراتيجية الإيرانية الجديدة في مرتفعات الجولان لبناء جبهة أخرى ضد إسرائيل. كما سيتم إعاقة حملة أمريكا ضد "داعش" بسبب الوجود الروسي في سورية، مما قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة من الدرجة الثانية بالنسبة لحملة إيران لسحب "داعش" من العراق.
موسكو قلقة أيضاً بشأن الحفاظ على علاقات جيدة مع دول الخليج أكثر من إيران. ولذلك روسيا قد لا تكون على استعداد للاستمرار بقدر ما تريده طهران في الهجوم ضد الجماعة التي تدعمها السعودية. ومع ذلك، فالكرملين قد لا يكون باستطاعته تجنب الوقوع في شرك الحرب الطائفية الإقليمية التي يغذيها تنافس طهران مع الرياض.
بينما يحقق التحالف بقيادة السعودية مكاسب في اليمن ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران ويصب دعماً أكبر في المواد لجماعات الثوار السوريين (وخاصة الأسلحة المضادة للطائرات الأكثر تطوراً والمضادة للدروع)؛ فإن روسيا قد لا ترغب في نقل المعركة في سورية إلى المستوى الذي تريدهم إيران أن يصلوا إليه.
حتى لو كانت طهران هي المحفز لدخول روسيا الدراماتيكي إلى المعركة في سورية، تبقى الأسئلة الخطيرة حول من يقود بالضبط هذا القطار وما إذا كانت موسكو أهل للثقة لدعم المصالح الإيرانية.
في نهاية المطاف، هناك مخاطرة عالية في أن لا يكون الجواب ملائماً لطهران.
ترجمة السورية نت
سامي كوهين
روجر أوين
شلومو تسيزنا
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة