دانيل على
تصدير المادة
المشاهدات : 6137
شـــــارك المادة
يبدو أن فلاديمير بوتين قد بدأ حملة ذات طابع عصري في سوريا، وهذا الأمر ربما من الممكن أن يحدث كون السياسة الروسية الخارجية هي الآن بيد الكنيسة الأرثودوكسية الروسية وليست بيد الكريملين.
وبالنسبة للمسؤولين الأمريكيين فإنهم يعتقدون بأن روسيا تشرع هذه الأيام ببناء قاعدة عسكرية بجانب الميناء السوري الرئيسي مدينة اللاذقية، وهي القاعدة التي سوف يقيم فيها أكثر من ألف شخصية عسكرية وذلك بحسب ما أفادته تقارير صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية.
وستكون هذه القاعدة مزودة بمهبط للطائرات حيث ستتمكن الطائرات والمروحيات الروسية من دعم قوات الطاغية بشار الأسد في حربها الدائرة الآن مع تنظيم الدولة الاسلامية.
لقد كان المسؤولون مشوشين بسبب عدم تمكنهم من فهم السبب الذي يجعل لدى روسيا الرغبة في زج قواتها العسكرية في الصراع السوري. ويبدو أن السبب يعود إلى التاريخ الروسي والتأثير المتنامي للكنسية الأرثودوكسية الروسية على بوتين ونظامه المثير للشفقة.
وكما أشرت في وقت سابق من هذا العام فإن روسيا قد أصبحت دولة خاضعة لحكم رجال الدين تماماً مثل إيران. إن بوتين يعتمد وبشكل كبير على دعم الكنيسة الأرثودوكسية الروسية وقائدها البطريرك كيريل وهو الذي يشبه بوتين كونه عميل سابق للاستخبارات السوفييتية.
لقد قدمت الكنيسة ومازالت تقدم الدعم لمغامرات بوتين العسكرية في أوكرانيا وغضت الطرف عن وضع الرئيس للديمقراطية وقانون الحكم تحت قدميه.
وفي المقابل وقف بوتين إلى جانب الكنيسة حتى أنه استغل السلطة الأمنية لفرض بعضاً من تعاليمها مثل اضطهاد مثيلي الجنس، وبالتالي فإن الدعم الشعبي لحقوق مثليي الجنس يعتبر الآن غير شرعي في روسيا وأن التظاهرات التي يقوم بها هؤلاء للمطالبة بحقوقهم يتم تفريقها من قبل شرطة مكافحة الشغب.
كيف تفسر حرب القرن التاسع عشر مع ما يقوم به بوتين من مغامرة في الشرق الأوسط؟!.
إن هذه الدولة الجديدة التي تخضع لرجال الدين والتي تجمع بين القومية الروسية والتشدد الأرثودوكسي بالإضافة إلى الشعور بالحنين إلى استعادة أمجاد الإمبراطورية القيصرية لتفسر السبب وراء التحرك الروسي نحو سوريا.
إن أحد الدوافع الرئيسية للسياسة الخارجية للإمبراطورية القيصرية كانت تتمحور حول إقامة سيادة عسكرية لها في الشرق الأوسط تحت ذريعة حماية المسيحيين الأرثودوكس من اضطهاد المسلمين لهم في المنطقة. أما الهدف الآخر لهذه السياسة يمكن ترجمته إلى إقامة سيادة روسية على مختلف المزارات والأضرحة المسيحية في الأرض المقدسة وبالتالي استبعاد الكاثوليك. لقد أشعل هذا الأمر حرب القرم بين روسيا الأرثودوكسية وبين التحالف المكون من المسلمين السنة ممثلين بالإمبراطورية العثمانية التركية والإمبراطورية البريطانية البروتستانتية اسمياً والإمبراطورية الفرنسية الكاثوليكية تحت إمرة نابليون الثالث.
وما يثير الاهتمام إلى حد الكفاية هنا هو أن روسيا خسرت تلك الحرب وتم طردها من الشرق الأوسط كنتيجة لهزيمتها. وبالنظر إلى هذا التاريخ فإن السبب الحقيقي الذي يدفع بوتين إلى إنشاء قاعدة عسكرية في سوريا هو حماية المسيحيين في الشرق الأوسط والذي ينتمي البعض منهم للطائفة الأرثودوكسية من تنظيم الدولة الإسلامية.
لقد تم نقل الكثير من الأخبار والقصص التي تتعلق بتنظيم الدولة الإسلامية وما يقوم به مقاتليه من ذبح للمسيحيين في الأشهر الأخيرة حيث كان العديد منهم ينتمي للطائفة الارثودوكسية.
ولأن فلاديمير بوتين والبطريرك كيريل يقدمان أنفسهما على أنهما قياصرة هذا العصر الحديث فإنهما يشعران بأن الرب وهبهما مهمة يجب عليهما تأديتها ألا وهي استخدام القوة العسكرية للأم المقدسة روسيا لحماية المسيحيين في الشرق الأوسط. وكنتيجة لذلك يكون باستطاعتهما أن يستولوا على حقول النفط أو أن يضعوا أنفسهم في موضع يستطيعون من خلاله ابتزاز الدول الغنية بالنفط مثل المملكة العربية السعودية وبالتالي هذا أفضل بكثير لهم.
هل هي حرب للدفاع عن الدين أم حرب من أجل الحصول على النفط.؟!
وهناك ميزة إضافية لما تقوم به روسيا تتمثل في أن بوتين وكيريل ربما سيكونون قادرين على إشعال عدد قليل من حقول النفط في الشرق الأوسط وتفجيرها، هذا الأمر سيجعل النفط والذي يعتبر الشيء الوحيد الذي يحافظ على قوة الاقتصاد في الاتحاد الروسي يقف على قدميه وترتفع قيمته، حيث أن انخفاض سعر النفط يقتل الاقتصاد الروسي ببطء.
كما يمكننا القول إن أي حرب صليبية مقدسة ضد قوى الشر المتمثلة بتنظيم الدولة الإسلامية سيكون باستطاعتها أن تصرف انتباه الشعب الروسي عن الفوضى التي أحدثها بوتين وجماعته في بلادهم. سوف يستخدم بوتين الحرب الصليبية كستار للقيام بالمزيد من أعمال القمع ضد المعارضة وفرض القيود على حرية التعبير في بلاده.
ستكون مغامرة بوتين في الشرق الأوسط محفوفة بالمخاطر، فليس هناك ما يضمن بأن يؤيد الجيش الروسي أو الجندي الروسي العادي ذلك. إن رؤية الجنود الروس وهم يعودون إلى وطنهم جثثاً محملين في أكياس الموت سيثير معارضة واحتجاجات واسعة وسيطلق العنان لهذا النوع من الفوضى السياسية والتي من شأنها أن تطيح بحكم بوتين.
أما الوضع الأسوأ سيتمثل بهزيمة القوات الروسية على يد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وبعد كل شيء سيتم اعتبار الجيش الروسي جيشاً أخرق و غير مدرب بشكل جيد.
إلى متى سيستمر حكم بوتين وربما كيريل في حال واجه القائد الروسي في اللاذقية الضرورة الملحة بالاستعانة بالأمريكان أو الإسرائيليين أو الأتراك من أجل الدفاع عن قاعدته العسكرية من أي هجوم قد ينفذه تنظيم الدولة الإسلامية ضده؟
وهناك أخطار أخرى محتملة الحدوث تتمثل في وقوع صدامات جوية بين الأمريكان أو الأتراك أو البريطانيين وبين الروس أو ربما حدوث مناوشات بين الجنود الروس والقوات الخاصة لحلف شمال الأطلسي أو بين الطائرات الروسية والطائرات الإسرائيلية. هذا الأمر سيؤدي إلى إشعال حرب مسلحة أو على الأقل إلى حدوث وقائع بشعة.
يبدو أن الصورة لا تبدو واضحة فيما يتعلق بالوجهة التي ستقودنا إليها مغامرة بوتين في الشرق الأوسط، لكن شيئا واحداً يعتبر مؤكداً والذي يتمثل في أن روسيا تبدو وكأنها لم تعد تتبع سياسة خارجية واقعية, وبدلاً من ذلك فإن سياستها الداخلية يتم تشكيلها الآن بمزيج من المكونات الثلاث ألا وهي الشعور السخيف بالحنين إلى الماضي و الحماس الديني المضلل والانتهازية.
بوتين هو النسخة الروسية من الإيطالي بينيتو موسوليني.
إن الوجهة النهائية لتلك السياسة ربما ستكون كارثية وذلك لأن بوتين ونظامه يعيدوننا بالذاكرة إلى أحد أسوأ الطغاة في القرن العشرين ألا وهو بينيتو موسوليني. لقد كان موسوليني يشبه بوتين في كونه أحد القوميين الذين خدعوا وضللوا شعبهم بروح الحربية وسيطرة الطبقة العسكرية وأحلام الإمبراطورية. كما كان يشبهه أيضاً في كونه مدين بالفضل للبابا بالوصول إلى السلطة. لقد صنع موسوليني صفقته الفاسدة مع الفاتيكان من أجل تعزيز سلطته.
ويمكننا أن نعتبر هذا الشبيه الذي تحدثنا عنه أنه شخص مثير للقلق وذلك لأن موسوليني قاد ايطاليا الى كارثة حقيقية خلال الحرب العالمية الثانية. لذا يأمل كل منا أن يتعلم كيريل وبوتين من هذا التاريخ وبالتالي يتجنبان أن تصل بهم الأحداث إلى حرب حقيقية تكون نتيجتها دمار الدولة الروسية.
موقع My Thoughts - ترجمة مجلة البيان
آفي يسسخروف
ماثيو فون روهر
تشارلز شويبردج
SAM HELLER
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة