غداف راجح
تصدير المادة
المشاهدات : 10378
شـــــارك المادة
ثمة أسماء شهداء حُفرت في عقول السوريين قبل قلوبهم، ومن تلك الأسماء الشهيد مزيد الحمد الذي أحاط بالثورة من كلّ جوانبها، فمن تظاهر إلى اعتقال إلى جهاد.. ومن ثمّ شهادة. مزيد الحمد ابن الثلاثين ربيعاً، عرف وكما ينقل عنه أحد أصدقائه: "مزيد كان الأب والزوج والصديق والأخ، لم يشعر أيٌّ من المقربين أنه لا يحبه أو أنه بعيد عنه، وخصوصاً في بداية الثورة التي لم تكمل أيامها الخمسة عشر الأولى حتى بات اسمه يتصدر قائمة المطلوبين للنظام في أشهر حي من أحياء الثورة السورية.. حي بابا عمرو". ومع ازدياد الملاحقات الأمنية والتضييق على الناشطين، استطاعت عصابات الأسد اعتقال مزيد في بداية شهر نيسان، وخرج بعد مدة إثر عفوٍ أصدره القاصر بشار الأسد، يقول صديقه: "خرج مزيد من المعتقل ليتحول بعدها إلى شعلة متّقدة من الثورة، تحول من متظاهر عادي إلى ناشط إعلامي، ومصور يوثق مظاهرات (باباعمرو) التي ازدادت كمّاً ونوعاً مع ازياد قمع النظام لأهالي حمص، كان مزيد يصل الليل بالنهار في سبيل خدمة الثورة، وكانت كلمته التي اعتبرناها مناهج مزيد هي (والله كأن الله أحياني من جديد)، فمن خروجه من السجن وهو يكرر هذه الكلمة". بعد شهرين من خروجه من السجن؛ أُعيد اعتقال مزيد مرّة ثانية، ونال من التعذيب أضعافاً مضاعفة: "قضى الأشهر الثلاثة في المعتقل صائماً يفطر على فتات الطعام لا يُعينه على ذلك سوى الدعاء والتضرع إلى الله، كان لديه يقين بقوة الدعاء وثقة عظيمة بأنّ الله عز وجل سيخرجه من هذا المعتقل". وعند خروج مزيد من الاعتقال الثاني، بدأت الثورة تأخذ طابعها العسكري، فما كان من مزيد إلا أن لبّى نداء الثورة لحماية أهله وجيرانه؛ فشكل كتيبة عسكرية أذاقت جنود الأسد الويلات: خاض مزيد أعظم المعارك ضد جيش الأسد، وكان أولها اقتحام باباعمرو في شهر تشرين الثاني من العام 2011، فكان "المجاهد الأمين" وهي الصفة التي لازمته حتى استشهاده". ولأنه صدق الله في جهاده وثورته؛ صدقه الله، ولبى له الأمنية التي كانت تشغل باله طيلة فترة مكوثه في بابا عمرو، وهي أن يظفر بذلك المحقق الذي أذاقه صنوف العذاب، فساق الله ذلك المحقق إلى حتفه وأوصله إلى يدي مزيد واستطاع أخذ ثأره وثأر العشرات غيره. وعلى الرغم من أنه كان يتمنى الشهادة على أبواب المسجد الأقصى، غير أنه نالها على أرض حمص وبالقرب من مسجد ابن الوليد "قبل استشهاد مزيد بساعات جلس بالقرب من إحدى الجبهات، وغرق في تفكير عميق ليقطع خلوته أحد رفاق السلاح، ويسأله عما يشغل باله فيجيبه مزيد بعد تنهيدة: "ايمتا بدو يقلنا الله ادخلوها بسلامٍ آمنين"، فلم يمض على ما قاله وفكر به 24 ساعة حتى أصيب بشظايا قذيفة هاون في صدره وودع الدنيا بكلماته المعروفة -اللهم خذ من دمي حتى ترضى- ليرتقي مزيد شهيداً بتاريخ 6 شباط". غادر مزيد الحياة شهيداً مخلّفاً وارءه ثورةً كانت تشعّ ألقاً، رحل مزيد وعيناه ما تزالان ترقبان بابا عمرو والخالدية والوعر، رحل مزيد وبقي سراجاً للسوريين عشاق الحرية والكرامة.
سراج برس
أسرة التحرير
عبد العظيم عرنوس
محمود المحمد
عبد الرحمن عبد الله الجميلي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة