عاموس هرئيل
تصدير المادة
المشاهدات : 5357
شـــــارك المادة
تُبرز وسائل الإعلام العالمية في السنة الرابعة من الحرب الأهلية في سوريا إنجازا آخر لنظام الأسد، وهو النظام الذي كان يفترض أن ينهي منذ زمن دوره التاريخي بحسب تقديرات الاستخبارات في الغرب. يحدث في البلدة الحدودية يبرود شمالي دمشق بالقرب من حدود لبنان تقدم منهجي لقوات الجيش السوري التي تستعين برجال حزب الله في صراعها مع منظمات المتمردين.
ويضاف النجاح النسبي لموالي الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية إلى انتصارات سابقة وإلى احتلال مدينة القصير في الصيف الماضي والمعارك في جبال القلمون في الأشهر الأخيرة. فإذا ما تم احتلال يبرود فسيُبعد آخر حكم للمتمردين في هذه المنطقة وتتحسن قدرة النظام على الدفاع عن خطوط إمداده المتعوجة من شمال سوريا إلى دمشق. لكن يجدر إلى الآن ألا نبالغ في أهمية الإنجاز التكتيكي في أساسه في يبرود، فقد تم التحول الرئيس في سوريا في العام الماضي حينما نجح الطاغية السوري في صد هجمات المتمردين في أجزاء مركزية من الدولة، أما تزايد قوة فصائل موالية للقاعدة بين منظمات المعارضة فصد أوروبا والولايات المتحدة عن تعزيز مساعدة المتمردين.
يبدو أن بقاء الأسد تم إحرازه في الأساس بفضل مساعدة من الخارج: من روسيا وإيران وحزب الله. فقد ساعدته على البقاء مقادير كبيرة من الوسائل القتالية ومساعدة مالية ملحوظة مع مستشارين ومتطوعين جاءوا ليساعدوا النظام. فإذا تم إسقاط النظام آخر الأمر في السنة الرابعة للحرب فيبدو أن ذلك سيكون إذا نجح المتمردون في تصفية الرئيس جسديا. كلما مر الوقت تبين مبلغ أهمية دعم روسيا للأسد. فبعد سنة المعارك الأولى حينما كان يبدو أن الأسد يواجه هزيمة أفادت وسائل إعلامية في موسكو أن روسيا استقر رأيها على إخراج جميع مستشاريها وخبرائها من داخل سوريا. ولم يتحقق هذا الإعلان كاملا قط وعادت روسيا في الأشهر الأخيرة إلى الصورة بكامل القوة. تم دمج مستشارون روس الآن في جميع مستويات نظام الحكم وقوات الأمن من مساعدة ملاصقة لرئيس الأركان السوري حتى توجيه القوات في الميدان. وعن طريق المدينة الساحلية طرطوس في شمال سوريا حيث تحتفظ روسيا بميناء مستقل تسيطر عليه، تتدفق طول الوقت شحنات سلاح مرسلة وذخائر إلى نظام الأسد يُهرب بعضها في النهاية إلى حزب الله في لبنان. وتحافظ إسرائيل التي عادت واتهمت إيران وبحق قبل أسبوع فقط بالمساعدة على المذبحة التي يقوم بها الأسد على السنيين، تحافظ على صمت في كل ما يتعلق بالتدخل الروسي فيما يجري. يقول رئيس روسيا فلادمير بوتين إن بلده بخلاف قوة عظمى أخرى كان بوتين يستطيع أن يذكر اسمها لو أراد لا تتخلى عن أصدقاء قدماء، هذا إلى أن تثبيت أسس سلطة إسلامية متطرفة على نهج القاعدة في سوريا من المؤكد أنه ليس مصلحة روسية. وحينما كان يبدو للحظة واحدة أن الأسد تورط حقا بقتله 1500 مواطن بسلاح كيميائي في ريف دمشق في آب في العام الماضي، كانت روسيا هي التي خلصته من الأزمة. وأبقت التسوية والاتفاق على تجريد سوريا من مخزونات السلاح الكيميائي العظيمة والذي صيغ بين بوتين ورئيس الولايات المتحدة براك أوباما، أبقت النظام على حاله ومنعت في آخر لحظة عملية عسكرية أمريكية. ومن جهة أخرى ينبغي عدم المبالغة في القدرة العسكرية للنظام السوري، فالشهادة على ذلك موجودة في المعارك التي تمت في الجولان بالقرب من حدود إسرائيل في مطلع هذا الشهر. وقد أتمت منظمات المتمردين في السنة الأخيرة الاستيلاء على نحو من 80 بالمئة من المناطق بالقرب من حدود إسرائيل. ووجدت سرية من الجيش السوري نفسها محاصرة في موقع تل كدنة في مركز الهضبة. وأعلن النظام جهدا مركزا لتخليص الجنود المحاصرين وأُلقيت المهمة على قيادة طابور استعملت عدة جهود لوائية واستعملت الهجمات الجوية ونيران المدافع لإسقاط الحصار. وأظهرت قوات النظام برغم تفوقها الملحوظ بعدد المقاتلين ونوع السلاح، أظهرت باعثا على القتال ضعيفا وفشلت العملية. ويبدو أن هذه هي الصورة التي هي أكثر اتزانا لوضع القتال بعد ثلاث سنوات وبعد أكثر من 140 ألف قتيل وهي التعادل بلا حسم، الذي يسفك دماء المواطنين. تجري في سوريا حرب فتاكة لم يُر مثيل لها في هذه المنطقة منذ عشرات السنين. والذي ينظر في أفلام يوتيوب عن القتال أو في تقارير وسائل الإعلام الأجنبية يجد مناظر وأوصافا فظيعة يصعب هضمها (تثير أيضا خواطر كئيبة عن الثقافة التي تسود دولة جارة حاولت إسرائيل التوصل معها إلى سلام كامل في عدة فرص). ويصعب أن نرى في واقع الأمر، برغم فرقعة لسان المجتمع الدولي مخرجا ممكنا من هذه الورطة في سنة الحرب الرابعة. يتعلق سؤال يجب أن يقلق اسرائيل بدور حزب الله في الحرب. فلا شك في أن المنظمة اكتسبت تجربة عملياتية ملحوظة واستجمعت ثقة بالنفس أيضا بسبب أسهامها في نجاحات الأسد. وفي مقابل ذلك يقدر الجيش الإسرائيلي أنه يوجد في سوريا بصورة ثابتة نحو من 5 آلاف مقاتل من حزب الله، أي ربع قوته النظامية. واعترف أشخاص في المنظمة في الأسبوع الماضي بأن أكثر من 500 من رجاله قتلوا في المعارك. وأشد من ذلك عند حزب الله أن تورطه في القتال في سوريا جاء بالحرب إلى البيت، إلى البلدات الشيعية في البقاع اللبناني وإلى الضاحية في جنوب بيروت حيث أصبح إطلاق القذائف الصاروخية هناك وتفجير السيارات المفخخة جزءً من الحياة اليومية. لكن الوضع الجديد ينطوي على خطر آخر على إسرائيل. ففي يوم الجمعة الأخير انفجرت عبوة ناسفة في مزارع شبعا بالقرب من قافلة للجيش الإسرائيلي. وكان ذلك كما يبدو ردا من حزب الله على قصف قافلة سلاح للمنظمة في لبنان في نهاية شباط قصفها سلاح الجو الاسرائيلي كما يزعم. إن استطالة الحرب في سوريا تضعضع مستوى الأمن على حدود اسرائيل في الشمال وإن كان يحدث ذلك إلى الآن بأقساط قليلة وبقوة غير كبيرة.
القدس العربي نقلا عن هآرتس
الجزيرة نت
دينيس روس
ديفيد إغناتيوس
ماكس بوت
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة