عبد الرحمن عبد الله الجميلي
تصدير المادة
المشاهدات : 6974
شـــــارك المادة
مع أبي الحسن النُّوري: في قرية عابد، قرب بلدة خناصر، ريف حلب الشرقي، كان ثلاث نقاط، يتمركز فيه المجاهدون، إلا أن أصحابها قد انسحبوا منها، علماً أن هذه الانسحابات المتكررة هنا وهناك خطيرة جداً على الثغور، فعلى الأخوة المجاهدين أن يتنبهوا لذلك، ولا يغادروا نقطة إلا لضرورة، وذلك بعد إطلاع الكتائب المجاورة، منعاً للعدو من التسلل إلى مواقع المجاهدين أو إلى بيوت الأهالي!!
علمت قوات النظام المجرم بفراغ هذه النقاط، فتسللوا إليها، وبدؤوا يجمعون الجموع ويحشدون الحشود لمزيد من التقدم، كي يصلوا إلى القرية(عابد)؛ فالقرية على أرض مرتفعة، يستطيع المستولي عليها التأثير على منطقة واسعة من بلدة خناصر، تصدت لها كتيبتان من المجاهدين، ولكنهم شعروا بصعوبة الموقف وشدته، فطلبوا مؤازرة، فأنجدتهم كتيبة مجاورة مصطحبة رشاش(12,5)... أبلت الكتائب بلاء عظيماً في مقاتلة جيوش الأسد ونصر اللات والحرس الثوري ومن وراءهم من أهل الكفر والإجرام.
انسحبت كتائب المجاهدين من أرض القتال، وهم كذلك أصيب أبو علي رامي الرشاش(12,5) في يده، وهو لا يشعر بنزيف جرحه، بل تراه يتابع عمله: يحمي إخوانه المنسحبين، ويحفظ ظهورهم من ضربات العدو اللئيم، غير هيَّابٍ ولا مستكين...!! ناداه صاحبه أبو الحسن: لقد أُصبت يا أبا علي! فما أتم أبو الحسن النوري جملته حتى جاءته رصاصة غادرة في جنبه!! تراجع الشباب، مصطحبين معهم ثلاثة شهداء؛ فهم مكشوفون أمام النيران، ولم يقدروا على نقل أخيهم أبي الحسن خارج المعركة، فنيران العدو كثيفة جداً، فهي تأتي على الأخضر واليابس... كيف لا؟ والعالم الأرضي يمدُّه بالأموال والذخائر، ليقضي على آمال الشعب المنكوب الصابر!! فماذا جرى للمصاب، وقد وصلته أقدام الشبيحة والذئاب؟! تقدم جنود الشبيحة والإجرام حتى أصبحوا على بعد أمتار من أخينا أبي الحسن النوري، فعزم الجريح على رميهم بالنار، لكنه لم يستطع حمل بارودته، حاول عدة مرات، إلا أنه في النهاية أغمي عليه؛ فقد اجتمع عليه الخوف والإصابة والجوع!!
ظل مغمًى عليه من الساعة العاشرة صباحاً إلى منتصف الليل...ثمَّ أفاق، وهو لا يدري ماذا يفعل، ولأيٍّ يتجه...! وقد أعمى الله عيون عصابات النصيرية عنه... فالله أكبر، الله أكبر، والعزة لله!! رأى أضواء قرية مجاورة، فاتجه إليها، وهو يتحامل على نفسه، تاركاً سلاحه وجعبته، وإذ به يفاجئ بخيمة لشبيحة الأسد، وقف، وهو يكاد يموت من العطش، قال: نويت أن أطرق عليهم لأطلب الماء، ولو قتلوني بعدها!! ثم قال: استعذت بالله من شر ذلك التفكير، وانحرفت في سيري نحو القرية، وصلتها ودخلت أحد بيوتها، وجلست فيه حتى صباح يوم الأحد. في هذه الحال كان زملاؤه المجاهدون يبحثون عنه، ولقد وصلوا إلى مكانه في ساحة المعركة، ووجدوا سلاحه وجعبته، ولم يجدوا له أثراً، فرجعوا، وهم يدعون الله له بالسلامة والنجاة.
في صباح يوم الأحد خرج أبو الحسن يبحث عن مخرج، وهو في الأصل ليس من هذه المنطقة، إنما جاء به إلى الأرض النائية حبُّ الشهادة وداعي الجهاد في سبيل الله!! مشى، وإذ به يرى راعي غنم، فأقبل نحوه، سأله الراعي: من أنت(من المجاهدين أم من جيش الأسد؟) قال: بل من المجاهدين. أخذه الراعي، وأكرمه، ثم هيَّأ له الوصول إلى أقرب نقطة طبية، قام الأخوة الأطباء والممرِّضون بعلاجه. فأذن الله -جل وعلا- بشفائه، كما أذن وتكرَّم -تبارك اسمه- بنجاته، فكانت فرحة عظيمة عندما لقيه زملاؤه، حيث علت صيحات التكبير الساحات، ورجَّت البيوت بالهتاف، فلله الفضل والمنة، وله الحمد سبحانه!!
مفكرة الإسلام
سراج برس
أبو مجاهد الحريري
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة