مركز كارنيغي
تصدير المادة
المشاهدات : 3683
شـــــارك المادة
هذا هو السؤال الرئيسي الذي حاول الباحث خضر خضور إجابته في دراسته التي نشرها معهد كارنيغي للسلام في الشرق الأوسط كجزء من مشروع إعادة النظر في العلاقات المدنية العسكرية والذي يهدف إلى البحث عن حلول لتحديات العلاقات المدنية العسكرية وأزمات الانتقال الديموقراطي. (1) الجيش: بوابة للامتيازات المعيشية والرقي الاجتماعي
وفقًا للباحث، توفر الدولة السورية لضباط الجيش العديد من الامتيازات والتي تبدأ بأنظمة السكن العسكري. ياخذ السكن العسكري نظامين مختلفين، النظام الأول من خلال مجمعات خدمات للجيش مثل منطقة الإسكان في قطنا في دمشق، والريان في حمص، وصيدا في درعا، وهي أنظمة تسكين لا تضمن الملكية. أما النظام الثاني فيشمل شراء منزل مدعوم من الدول في مناطق سكنية يشرف عليها الجيش وبالتالي يتم التحكم في المنح والمنع من قبل الدولة، وأبرز مثال لهذا النمط من السكن هي ضاحية الأسد.
شيدت الضاحية في عام 1982 بموجب مرسوم من الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد، كمساكن للضباط وعائلاتهم، وتم تنفيذ المشروع بواسطة شركة الإسكان العسكري، وهي المقاول الرئيسي للإسكان العسكري في البلاد، ثم أسندت إدارته إلى مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية، وهي مقاول عقارات عام، تابع للجيش، يعمل في القطاعين العام والخاص.
وضع وزير الدفاع آنذاك، مصطفى طلاس، حجر الأساس للمجمع في عام 1985، وبحلول مارس/ آذار عام 2011 كان يقطنه قرابة 100 ألف نسمة. ووفقًا للباحث فإنه، وعلى عكس الانطباع السائد عمومًا، فإن المنطقة ليست مجمعًا يتمتع برفاهية عالية، بل إنها افتقدت في كثير من الأحيان إلى خدمات رئيسية من تأخر ترميم الشوارع إلى الانقطاع المتكرر للمياه والكهرباء، وقلة وسائل النقل بسبب التكدس ومشكلات النفايات وإحراقها داخل المجمع، حتى إن أول مخبز حكومي في الضاحية قد تم افتتاحه فقط في عام 2014.
ووفقًا للباحث، فإنه خلال العقد الماضي، ومع ارتفاع أسعار العقارات، فإن مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية، المالكة للأرض، وبسبب سلطتها المطلقة في إطلاق تراخيص البناء، فقد استغلت المؤسسة الأمر ومنحت العديد من الوحدات للسكان المدنيين من أجل تحقيق عوائد اقتصادية.
ارتفعت أسعار العقارات في المنطقة بشكل ملحوظ لتصل إلى حاجز يقارب 30 مليون ليرة سورية (حوالي 600 ألف دولار) وهو ما شكل قيمة كبيرة بالنسبة للضباط الذين لا تؤهلهم رواتبهم التقليدية لامتلاك عقارات بمثل هذا الثمن. وقد كان الجيش يحول عمليات امتلاك العقارات بمثابة التزام ضمني مدى الحياة. يتخرج الضابط برتبة ملازم أول، حيث يقضي ما بين 10-15 عام يقيم في مسكن انتقالي مجاني ويقتطع ما يقرب من 5-7 في المائة من راتبه كدفعة أولى لشرء منزل محتمل. وغالبًا ما يحتاج الضباط إلى علاقات نافذة لأجل الحصول على منزل في الضاحية، وبمجرد التخصيص فإن ذلك يعني التزامًا جديدًا لمدة 20 عاما أخرى من المدفوعات عبر الاقتطاعات من الراتب.
ووفقًا للباحث فإن الإسكان العسكري يمثل فرصة كبيرة بالنسبة للضباط الفقراء القادمين من الريف من أجل الارتقاء في السلم الاجتماعي، حيث يوفر الانضمام إلى الجيش بالنسبة لهم وضعية اجتماعية لائقة وأجرًا لائقًا وآفاق تملّك منزل في العاصمة وهو ما يعتبره البعض ذروة النجاح الشخصي. كما يحسن الانتقال إلى دمشق الرصيد الاجتماعي لعائلة الضابط ككل ويسمح لأبنائه بالنشأة والدراسة في العاصمة بالإضافة إلى العلاج المجاني في مستشفيات الجيش، ناهيك عن بطاقات الوقود والملابس وسائر الخدمات التي توفر مجانا أو بأسعار زهيدة. كما يحصل الضباط أيضا على اشتراكات مجانية في الصحف إضافة إلى التقدير الأدبي والمعنوي. (2) غيتو الضباط.. المجتمع المنعزل
ووفقا للباحث، فإن نظام السكن العسكري قد صار مركزا لصناعة هوية مشتركة وخاصة بين الضباط ومن ثم تنمية الشعور بالتضامن بينهم والتباهي بإنجازاتهم الاجتماعية. مع مرور الوقت ونمو الهوية الخاصة للضباط، جنبًا إلى جنب مع محدودية شديدة للعلاقات الرسمية بين الضاحية وبين الأماكن المحيطة بها والتي اقتصرت على بعض التعاملات التجارية، فقد ازدادت الهوة، وجاءت انتفاضة عام 2011 لتزيد من تعقيد الأمور، حيث كان ينظر إلى سكان ضاحية الضباط في معظم الأحوال على أنهم من المرتبطين بالنظام سواء كان الضباط على المستوى الشخصي يدعمون نظام الأسد أم لا، فإن مجرد إقامتهم في ضاحية الأسد، ومواقعهم في الجيش، وطوائفهم، فإن ذلك يضعهم موضع الاستهداف من قبل المعارضين.
ووفقًا للباحث فإن الطائفية لا تلعب دورًا رسميًّا في الجيش أو حتى في الضاحية لأن ذلك يتنافى مع الطبيعة العلمانية للنظام، ورغم ذلك فقد ظل الانقسام وانعدام الثقة قائمًا بين العلويين وغير العلويين وقد ازداد وضوحًا مع الانتفاضة. إلا أن نظام السكن العسكري قد صنع لحمة ما بين هؤلاء الضباط (ومعظم من العلويين). حيث لا تكاد تجد فارقًا، وفقًا للباحث بين طريقة نظر الضباط العلويين وغير العلويين إلى التهديدات الخارجية، “حيث يعتبر الضابط نفسه ضابطًا أولا قبل كل شيء” أو بتعبير أحدهم “أنا من أهل الضاحية”.
مع انطلاق مظاهرات عام 2011 في درعا، كان الضباط السنة يتجنبون اللقاء ببعضهم البعض منعًا لإثارة الشكوك ووقع الضباط السنة تحت ضغوط كبيرة بسبب كونهم تحت تشكيك دائم في مدى ولائهم للنظام. على جانب آخر فقط فقد عمقت الانتفاضة من عزلة الضباط العلويين بالخصوص عن سائر مجتمعهم ودفعتهم إلى الاعتماد أكثر على الجيش.
وفقًا للباحث، فإن العلاقة بين العلويين الضباط وبين المدنيين من العلويين لم تكن علاقة ودودة خلال مرحلة ما قبل الانتفاضة السورية، حيث كان الضباط غالبًا ما ينظرون إليهم نظرة متدنية. إلا أن هذه العلاقة تطورت مع تطور مجريات الصراع من العداء إلى الشفقة، إلا أنه بشكل عام ظل الانتماء إلى الجيش مهيمنًا على الانتماء إلى الطائفة.
مع مرور الوقت تحولت الضاحية إلى منطقة عسكرية تشن منها الهجمات ضد المعارضة وصارت المنطقة السكنية أشبه ما تكون بقاعدة عسكرية. وفي يونيو/ 2012 مع تقدم الجيش الحر نحو الضاحية فقد ازدادت تعزيزاتها العسكرية وأقيمت حواجز التفتيش وانتشرت السيارات العسكرية. وازداد الارتباط الرمزي بين الضاحية والنظام حيث رفعت صور الأسد بكثافة بالإضافة إلى الأعلام السورية، حتى إن المدنيين المقيمين في الضاحية قد انضم بعضهم إلى قوات الدفاع الوطني بهدف إثبات الولاء. (3) الفساد وشبكات المراقبة
تضطلع شركة الإنشاءات العسكرية، المسؤولة عن الضاحية بتنفيذ برامج مراقبة رسمية لحماية أمن النظام. تعمل المؤسسة بإشراف مباشر من الجيش ولا تخضع لسلطة القضاء. يشرف “علي صقر” وهو صف ضابط مقرب من النظام على مجموعة عمليات تشمل الاستتباع والمراقبة داخل الضاحية. وكان الضباط يؤمرون بالتجسس على بعضهم البعض وتزويد النظام بالمعلومات حول الأشخاص الذين يقومون بانتقاده. إضافة إلى ذلك فقد أصبح الفساد هو السمة المتجذرة، وصار الضباط يدركون جيدا أن مستواهم المعيشي يستند بدرجة كبيرة إلى مصادقة العناصر الموالية للنظام والمنافسة في الوشاية ببعضهم البعض وطعن زملائهم بالظهر.
ويخلص الباحث في النهاية إلى أن الروابط الطائفية وحدها لا تصلح لتفسير مدى ولاء الجيش للنظام، وتستدل على ذلك بأن نسبة كبيرة من الضباط غير العلويين لم تنشق عن النظام، وأن المزايا الممنوحة للضباط وعائلاتهم بالإضافة إلى الهوية المصطنعة التي ولدها السكن العسكري داخل الجيش خلقا مصلحة مشتركة في دفع الناس إلى الحفاظ على ولائهم للنظام.
ووفقًا للباحث، فإنه على مدى عقود ساهم النظام في إفساد الجيش عن طريق منح الضباط الامتيازات على أسس شخصية وليست مؤسسية حيث ضمن النظام بذلك أن الضباط وعائلاتهم ليس لديهم خيار آخر سوى البقاء موالين له، كما قام النظام يتحطيم شبكات الثقة بين الضباط وبعضهم البعض عبر نشر ثقافة الوشاية والتجسس وهما ما يستتبع بالضرورة صعوبة تركز أي بؤر معادية له. المصادر:
1- "غيتو" ضبّاط الأسد: لماذا لايزال الجيش السوري مواليا؟ 2- Image Credit: Getty Images
عبد الله النفيسي
المرصد الاستراتيجي
ياسمين إيفجي
في الحقيقة إن الجيش السوري صارطائفيا منذ السبعينات. وتم رفض قبول الضباط من الستة وتم وتسريح من كان من السنة وتمت المحافظة على أعدادفليلة فقط من الضباط السنة ممن كانوا أكثر تكتما على ممارسةالشعائر ولا يصلي ويظهرون الولاء للنظام وأو كانوا فعلا من شركائهم في المكاسب سواءبالسكن أو بالمتلاك الشركات وأخذ الأتاوات من التجار والمرتشين. أما عن استمرار الولاء والدفاع عن النظام فهي مغالطة إذ لم يبق منالسنة في الجيش إلا من كان لا يستطيع الهروب أو يخشى على ملاحقة أهله وذويه
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة