ميجور جاريت
تصدير المادة
المشاهدات : 9446
شـــــارك المادة
لم يبدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأزمة السورية, كما أنَّ الحرب الأهلية الغارقة في الدماء هناك لم تقدم أبدًا أي خيارات سهلة, بل إنَّ الخيارات المتاحة, في الواقع, كانت من بين أصعب الخيارات التي واجهها أي رئيس أمريكي في المنطقة.
يبدو أنَّ سوريا أكثر من مجرد دولة, كما أنَّ الحرب الأهلية فيها أكثر من قصة دموية متوحشة لنظام دكتاتوري يسحق سكانًا مدنيين عزل, لكن سوريا تقف في مفترق طرق استراتيجي, كما عملت لعقود طويلة كممر مالي لإيران وخبرائها باتجاه الشرق نحو حزب الله في لبنان.
ربَّما يكون أوباما قد نجح في وضع نهاية لحرب العراق ولم تكن له مصلحة بطبيعة الحال في الانخراط في حرب جديدة في سوريا. لكنه راهن على أنَّ النظام السوري سوف يخضع للضغوط ولن يختار الدمار لمدن البلاد وتاريخها وشعبها, وهذا ما لم يحدث, فلم يخضع الأسد أو ينهار حتى الآن, لكنه قاتل وتخندق. لكن قرار نشوب حرب جديدة في سوريا لم يخل من منافع إستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها, حيث يقول أحد التحليلات لهذه المنافع داخل البيت الأبيض وله نواحٍ ايجابية أثرت على سياسة أوباما. دون شكّ ستكون سوريا, أقل نشاطًا من الناحية المالية والعملية في لبنان, من خلال الحرب الأهلية كما أنَّ محاصرة النظام السوري سيجعل طهران ترتجف عندما تنظر للمستقبل دون وجود دولة عميلة لها على أعتاب المنطقة التي ترغب بقوة في زعزعة استقرارها. لذلك تنظر الإدارة الأمريكية إلى هذا الجانب البراجماتي من الحرب الأهلية, حيث يقول (الواقعيون) "إنَّ هذه الإيجابيات الاستراتيجية تمنح الولايات المتحدة الوقت الكافي للتأقلم مع رقعة شطرنج ما بعد الربيع العربي المعقدة التي تشمل سياسات وتحالفات جديدة في الشرق الأوسط. أما بالنسبة لمصلحة الجمهوريين في إنشاء منطقة حظر جوي وتقديم الأسلحة للمتمردين, فإنّ الحزب الجمهوري كان صامتًا تقريبًا حيال سوريا في الحملة الانتخابية عام 2012 ولم يكرس أي اهتمام لتطوير سياسة أفضل يمكن أن تحشد الناخبين الذين أنهكتهم الحرب, فليس لدى البلاد أي رغبة في الصراع السوري. حيث يشير آخر استطلاع لقناة سي بي إس نيوز, أن 24% من المستطلعين يرون تحمل مسئولية التدخل في سوريا, بينما رفض 62% تحمل أي مسئولية, وحتى المتابعين للأحداث في سوريا وهم حوالي 10% من الشعب الأمريكي, قال 47 % بتحمل المسئولية بينما رفض 48% تحمل المسئولية. تبدو سياسة أوباما تجاه سوريا متخبطة بعض الشيء, ولا سيما فيما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية, والتي قال عنها أوباما أنها "الخط الأحمر" كأسلوب للردع, زاعمًا أنَّه سيتحرك بعمل غير محدد ضد الأسد إذا ما لجأ إلى الأسلحة الكيماوية, معتقدًا أن الأسد سوف يُحجم عن استخدام الأسلحة الكيماوية وغاز الأعصاب ويقبل بمخرج سياسي بسبب هذا التهديد لينقذ حياته. بيد أنَّه مع وجود الأدلة على استخدام الأسلحة الكيماوية, حيث استخدم السارين مرتين في الشهر الماضي وفقًا لوزير الخارجية جون كيري فإنَّ خط أوباما الأحمر أصبح يكتنفه الغموض, فما هو الخط الأحمر, ومتى تَمَّ اجتيازه وما هي العواقب؟ هذه هي الأسئلة غير المريحة لسياسة أوباما المبالغ بها. عاد أوباما بسياسته المبهمة الأسبوع الماضي؛ حيث أعلن أنَّ الولايات المتحدة لن تتغاضى عن "الاستخدام الممنهج للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين", حيث أضاف كلمة "ممنهج" التي خلقت حالة من الرعشة أسفل العمود الفقري عند المدنيين السوريين وعمال الإغاثة في الأمم المتحدة الذين لا حيلة لهم للدفاع أنفسهم أمام مثل هذا الهجوم. بدا أوباما, في المؤتمر الصحفي, في حيرة من أمره في تحديد الخط الأحمر والسياسة المتبعة أو العواقب, عندما وضعت أمامه الأدلة التي ظهرت حول استخدام السارين من قبل النظام السوري, حيث قال: "علي التأكد من الحصول على الأدلة, إذا سارعنا بالحكم دون وجود أدلة قاطعة, فإنَّه من الممكن أن نجد أنفسنا في موقف لا يمكن لنا فيه أن نحشد المجتمع الدولي لدعم ما نقوم به". قد يكون الجميع متفق على أنه ليس من الحكمة التسرع في الحكم أو خسارة دعم المجتمع الدولي, لكن أوباما ظهر غير قادر على وصف الخطوات التالية, كما أوضح كذلك "ليس الولايات المتحدة وحدها ولكن المجتمع الدولي جميعه واثق بأن استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل نظام الأسد سوف يكون بمثابة مغير للعبة, أعني أن علينا أن نعيد التفكير في الخيارات المتوفرة لاستخدامها". وفقًا لصحيفة واشنطن بوست, تدرس الإدارة الأمريكية إمكانية إرسال أسلحة مميتة إلى المتمردين, حتى الآن تبدو العديد من التفاصيل غير واضحة, قد يكون أوباما يشتري الوقت بخطاباته الغامضة لكنه بذلك يخاطر بحياة الآلاف من السوريين, الذين ليس لهم جريرة من فقدانه لبوصلته تجاه الأزمة.
ترجمة الإسلام اليوم
ديفيد باتريكأركوس
الديلي بيست
ديفيد إغناتيوس
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة