الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 9835
شـــــارك المادة
يواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما انتقادات حول سياسته في سوريا، بين من يرى أنه لا يبذل جهدا كافيا لمعالجة الأزمة، ومن يعتقد أن بلاده تتدخل بشكل سلبي في الأزمة. وخلال الأيام الثلاثة الماضية صدرت تصريحات مختلفة من أوباما تدل على عدم التوصل إلى قرار نهائي حول كيفية التعامل النهائي مع الأزمة السورية، مع الإقرار بأهميتها. وأعلن أوباما أمس عن تخصيص بلاده 155 مليون دولار إضافية من المساعدات للشعب السوري، قائلا إن بلاده تريد أن تكون «شريكا» للشعب السوري في المستقبل، وإن نظام الرئيس السوري بشار الأسد منتهٍ لا محالة، من دون تحديد كيف يمكن أن تأتي نهاية النظام.
وأظهر أوباما طريقة تفكيره فيما يخص الوضع الإنساني في سوريا ومقتل عشرات الآلاف من السوريين، إذ قال في مقابلة مع مجلة «ذا نيو ريبابليك» نشرت أمس: «كيف أقارن عشرات الآلاف من الذين قتلوا في سوريا بعشرات الآلاف الذين يقتلون في الكونغو الآن؟». وبات واضحا من إجابة أوباما أن «مسؤولية الحماية» لن تكون وحدها دافعا للتدخل العسكري أو اتخاذ موقف أكثر صرامة للتعامل مع الأزمة السورية.
وردا على سؤال المجلة حول إمكانية التدخل في سوريا، قال أوباما إنه يفكر بالمسألة حسب «أين ومتى يمكن للولايات المتحدة أن تتدخل أو تتصرف بطرق تدفع مصلحتنا الوطنية وتدفع أمننا وتتماشى مع مبادئنا الأسمى وشعورنا بالإنسانية المشتركة». وأضاف أنه عندما يقيم هذه القضايا فهناك معايير محددة تؤثر به. وقال: «إنني واع أكثر من كثيرين، ليس فقط بقدراتنا وقوتنا الهائلة، ولكن أيضا بالقيود المفروضة علينا. في وضع مثل ما نشهده في سوريا، علي أن أسأل هل يمكن لنا أن نؤثر على الوضع؟ هل سيؤدي التدخل العسكري إلى تأثير (إيجابي)؟ وكيف سيؤثر على قدرتنا على دعم قواتنا التي ما زالت في أفغانستان؟». وعدد أوباما أسئلة أخرى، يبدو أنه لم يتوصل إلى إجابة عنها، مثل: «ماذا ستكون نتيجة تدخلنا على الأرض؟، هل من الممكن أنها ستطلق حالة عنف أسوأ أو استخدام أسلحة كيماوية؟ ماذا يمكن فعله للحصول على أفضل فرضية لاستقرار لما يلي نظام الأسد؟».
وجاءت تصريحات أوباما المنشورة أمس بعد يوم من تصريحاته في برنامج «60 دقيقة» الأميركي، حيث قال: «نريد أن نتأكد من أن تدخلنا لن يزيد فقط من أمن الولايات المتحدة، بل سيكون الأفضل للشعب السوري ودول جوارها مثل إسرائيل». وفسر محللون تصريحات أوباما على أنها دليل على إمكانية التدخل في حال اقتنع الرئيس الأميركي بأن حماية مصالح بلاده وحلفائه في المنطقة ستستفيد من مثل هذا التدخل.
وبعد أن قدم أوباما في مقابلتي «60 دقيقة» و«ذا نيو ريبابليك» أفكاره حول سوريا إلى الجمهور الأميركي بالدرجة الأولى، وجه كلمة إلى الشعب السوري أمس. فمع الإعلان عن إرسال 155 مليون دولار إضافية من المساعدات الإنسانية للسوريين المحتاجين داخل سوريا والآلاف من النازحين خارجها، وجه أوباما رسالة مسجلة عبر موقع البيت الأبيض الإلكتروني إلى الشعب السوري. وقال أوباما في الرسالة التي قرأها بالإنجليزية وحملت ترجمة فورية مكتوبة باللغة العربية: « مواجهة هذه الهمجية، انضمت الولايات اتحدة دول أخرى أء االم الدعوة إ و حد لنظام الأسد وإ ا تؤدي إ سوريا لكل الطوائف وتنعم م والديمقراطية، حيث تتم حقوق السوريين». وأضاف: «لقد عزل الأسد ونظامه، و ت لتجفيف تمويل النظام، وا ف ار ار ره الممثل الشرعي للشعب السوري، ودعونا إ خضوع مرتكبي تلك الفظائع للمحاسبة، كما قمنا بتوفير الإغاثة الإنسانية للسوريين الذين هم في أمس الحاجة إليها. ودافع أوباما عن موقف بلاده من السوريين، قائلا: «إن مواد الإغاثة التي نرسلها لا تحمل عبارة (صنع في أميركا)، لكن لنضع الأمور في نصابها الصحيح، فالمساعدات التي نقدمها إنما تجسد التزام الشعب الأميركي. المعونة الأميركية تعني الغذاء، والمياه النظيفة للملايين من السوريين. المعونة الأميركية تعني توفير الدواء والعلاج بمئات الآلاف من المرضى في دمشق ودرعا وحمص». وأضاف: «وافقت على تقديم 155 مليون دولار إضافية من المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري واللاجئين الفارين من العنف. وفي هذا المقام، أود أن أتحدث مباشرة إلى أبناء الشعب السوري. إن هذه المعونة الجديدة تعني مزيدا من الملابس الباعثة للدفء للأطفال والأدوية للمسنين، والدقيق والقمح لعائلاتكم، والبطانيات والأحذية والمواقف لأولئك المتجمعين في المباني المتضررة. كما أنها تعني تقديم الرعاية الصحية لضحايا العنف الجنسي، وتوفير مستشفيات ميدانية للجرحى، وحتى ونحن نعمل على وضع حد للعنف الحاصل ضدكم، فإن هذه المعونة سوف تساعد على تلبية بعض الاحتياجات العاجلة التي تواجهونها كل يوم».
ويذكر أن بعد إعلان أوباما أمس، تصل المساعدات الإنسانية الأميركية للسوريين إلى 365 مليون دولار مما يجعلها أكبر جهة مانحة للشعب السوري منذ بدء الأزمة. وقال أوباما: « ور أي أوهام. م امقبلة لا تزال شديدة الصعوبة واء. ولكن هو وا أن النظام يسير إ ضعف ووهن، ويفقد السيطرة ارا. وار تزال تنمو أقوى. وأكثر السوريين يدافعون كرامتهم. إن نظام الأسد سينتهي. وف يحظى أاد الشعب السوري تهم لتحديد مستقبلهم. وسوف يجدون دو الوت المتحدة الأميركية شريكا لهم».
وجاء الإعلان عن المساعدات الأميركية الإضافية عشية اجتماع الكويت للمانحين إلى سوريا الذي يعقد اليوم. وقالت المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس أمس إن بلادها تتطلع إلى إعلان المزيد من الدول مساعدات للسوريين.
ولا شك أن تخلي وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن منصبها يوم الجمعة المقبل، واستعداد السيناتور جون كيري تولي منصبها سيلعب دورا في توضيح السياسة الأميركية تجاه سوريا. ومع تولي وزير خارجية جديد ومعه وزير الدفاع المرشح تشاك هيغل منصبهما خلال الأسابيع المقبلة من المتوقع أن يكن هناك تأثير على السياسة الأميركية تجاه سوريا.
وعلى الرغم من أن مسؤولا أميركيا رفيع المستوى مطلعا على الملف السوري أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «السياسة لن تتغير لأن الإدارة نفسها والرئيس نفسه»، فإن المعطيات على أرض الواقع تتغير في سوريا كما ستتغير الأصوات الأكثر نفوذا في التأثير على أوباما. وكيري الذي كان يعتبر مقربا من الأسد وهو من أكثر المسؤولين الأميركيين الذين زاروا دمشق قبل بدء الثورة السورية، لذا سيكون عليه في الأيام الأولى من تسلمه منصبه إظهار قدرته على اتخاذ موقف أكثر شدة من نظام الأسد.
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة