ديمة طارق طهبوب
تصدير المادة
المشاهدات : 6743
شـــــارك المادة
نحرص نحن -البشر- على صحتنا البيولوجية و النفسية، و منا من يتفقدها وقائياً بفحوصات دورية، و الكل يحرص على العلاج عند المرض، و لكن هل لدينا نفس الحرص على صحة إيماننا؛ وهو في صلابته قد يكون أعظم من الجبال، و لكنه عند زعزعته قد يكون أرق من خيط الثوب، و هو على كل الأحوال معرض باستمرار للزيادة و النقصان؛ بحسب أعمال العبد الوجدانية و المادية.
يعرف كثير من المسلمين العناصر الأساسية للإيمان، ولكنهم يغفلون عن التفاصيل و دقائق الكمال وطرائق الاتباع و التحقيق؛ فتجد الكثيرين يحرصون مثلاً على الصلاة، فروضها و نوافلها، بينما لا يعرفون أن السعي في حاجة مسلم تعدل وتزيد على الاعتكاف والقيام وهما من عظيم العبادات، يعرفون الزكاة و الصدقة و لكنهم لا يعرفون أن الأهم أن تضع قلبك و جهدك في هموم المسلمين؛ حتى تحسب منهم و عليهم مصداقاً لقول المصطفى "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" فلا يقر لك قرار، و لا يرتاح لك ضمير و في المسلمين من يئن خوفاً و جوعاً و اضطهاداً، إنك إن لم تحدث خاطرك و نفسك بالانتصار لإيمانك؛ فقد وصلت أدنى الدرجات في فحص الإيمان، و أصبحت تترنح على هاوية المرض و إن لم تحس، و مرض القلب سبب في مرض الجسد، و إذا مرض البعض أوشك أن يمرض الكل!
بهذا المنطق يكون ما قاله محمد إقبال يصب في سويداء و مركز الإيمان ""على كل مسلم عندما يولد ويسمع كلمة لا إله إلا الله أن يقطع على نفسه العهد على إنقاذ المسجد الأقصى " فالمسجد الأقصى ليس مجرد مسجد له حرمة و قداسة ككل بيوت الله في الأرض، و ليس مجرد أرض محتلة واجب على المسلمين إن يحرروها، إنه يحوز درجات عليا من القدسية و المكانة العقدية و المحورية في اهتمام المسلمين و أولوياتهم؛ فهو قرآن مكي عقدي يتلى، و هو طريق رباني، و هو بشرى مستقبلية، و هو محطة أخروية، و هذه السلسة الإيمانية لها استحقاقات على وجه الأرض و هي متصلة لا يمكن الإيمان ببعضها و التخاذل عن بعضها الآخر؛ فلا يكفي أن نقول إننا مؤمنون بالوعد الحق؛ فلقد نبه رسول الله صلى الله عليه و سلم حارثة يوم قال له: أصبحت مؤمناً حقاً، فرد عليه المصطفى "انظر ماذا تقول فإن لكل قول حقيقة فما حقيقة إيمانك؟"
إن الإيمان المقدسي له أركان قابلة للقياس، تدلل على مستوى و منسوب الإيمان في النفس، جمعها الدكتور راغب السرجاني في كتاب قيم بعنوان (فلسطين واجبات الأمة) قدم فيها ١١٣٥ دوراً إيجابياً، جماعياً و فردياً، قابلاً للتطبيق من المسلمين على اختلاف أوضاعهم ما بين الحد الأعلى و الأدنى بحيث يكون لكل مؤمن مكانة و دور و سهم و ضمانة أن لا ينزلق إلى دوائر التفريط؛ و من هذه الأدوار ما هو قلبي يدخل في تصحيح العقيدة بالعودة إلى الله و الانتماء و الولاء الأوحد للاسلام، و التوبة من الذنوب، و التخفف من الدنيا، و كمال العبادة، و التحلي بحسن الخلق و دراسة السيرة، ثم إيمان عملي بفهم القضية و دراسة لأحكامها الشرعية، و استيعاب لفكر العدو، ثم التحرك النشط بالقضية في الدوائر الضيقة و الواسعة من أول الأسرة إلى فضاء العالم، ثم الارتباط بمشروع يضمن توحيد الجهود و تركيزها و استمرارية العطاء و بغير هذا يكون في إيمانك نقص و ثلم؛ لا يعوضه سوى مقويات الاستدراك و العمل، و مراجعة مستمرة و نفس لوامة تسأل دائماً" أين أنا من القدس و الأقصى، و ماذا بذلت و أبذل له؟!"
"على كل مسلم عندما يولد ويسمع كلمة لا إله إلا الله أن يقطع على نفسه العهد على إنقاذ المسجد الأقصى " إن هذا القول يشير إلى أن الإيمان المقدسي إيمان فطري؛ يولد مع الإنسان، و يستثار بنداء الأذان و شهادة الحق التي تكون أول ما يسمعه الإنسان، و إن التربية عليه تكون منذ هذه المرحلة الأولى، فمن تأخر فربما يظل يعاني من ضعف الخطى إلا أن يعوض بمزيد من العطاء و التنافس، لقد فهمت هذا امرأة عمران؛ فلم تنتظر حتى ولادة جنينها، و إنما نذرتها و هي ما زالت تتخلق، فقد كان بيت المقدس في خطر لا يحتمل معه التأخير أو الانتظار!
فهل قطع لنا آباؤنا يوم ولدنا مسلمين عهد إنقاذ الأقصى و هل نستدرك إذا قصروا فنقطعه على أنفسنا قولاً و عملاً؟
المسلم
ياسر الشلبي
عبد العزيز محمد آل عبد اللطيف
عبد العزيز بن محمد الحمدان
رقية القضاة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة