..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الإنسان مادة أم روح؟!

مالك فتح الله

٢٠ ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7449

الإنسان مادة أم روح؟!

شـــــارك المادة

هناك علاقة وثيقة بين الإيمان وبين الكون الفسيح في أرجائه، الغني في مكنوناته، وإن فكرة الإيمان التي تحملها الأديان جاءت لتعرف الإنسان بخالقه، وتضاعف من انتباهه لرؤية وإبصار كل الموجودات من حوله، وأنه لم يأتِ إلى هذه الحياة عن طريق المصادفة؛ فيفعل ما يحلو له، ويتصرف فيها كما يحب ويشتهي، ويظن أن هذه الحياة بلا حسيب أو رقيب.

 

 

إن الدين أصفى نافذة يمكن للإنسان أن يرى من خلالها الكون بوضوح ونقاء، وأن يقرأ حروفه وأسراره، وأن يرى عمق هذا الكون وحقيقته؛ وهي أن لهذا الكون إلهاً واحداً، وأنه رب كل شيء ومالكه (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ) لقمان :20

لقد أوجدنا الله في هذه الحياة وميزنا على سائر المخلوقات، وسخر لنا كل شيء لنعرفه لا لننكره، ولنشكره لا لنكفره، ولا غرابة؛ لأن الإنسان في نظر الإسلام ملك هذا الكون وسيده (أمّن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون ) النمل: 60.

إن التبصر في محتوى هذا الكون والتفكير في عناصره ينمّي شجرة الإيمان الصحيح، ويدعّم جذورها ويقوي أوصالها، ومن هذه العناصر يكون الإيمان إما جليلاً أو قليلاً (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها ) الحج :64

إن القرآن الكريم.. ذلك الكتاب الفذ .. يربط الناس بالكون ويلفت أنظارهم إلى كوامنه وظواهره من خلال نقطتين:

1- جعل حياتهم المادية مرتبطة بحسن العمل فيه: إن الإسلام دين أساسه العلم بالعالم واستثمار كنوزه، ثم استخدام ذلك كله في خدمة الحقيقة ورفع لوائها، وإن التوفيق في الحياة الدنيا هو الطريق الوحيد لنيل الآخرة، فجسد الإنسان هو وسيلة لبلوغ غايته، فإذا وهن الجسد أو اعتلَّ قصر المرء في تحقيق ما يريد، فما استطاع تعلماً ولا جهاداً ولا سعياً لنفع نفسه أو نفع أمته.

2- جعل حياتهم المعنوية مرتبطة بحسن التفكير فيه: لأن الإسلام يحرك العقل ويرحب بكل ما يثيره، ويخلق الجو الذي ينعشه، وفي الوقت نفسه يحجز أهواء النفس أن تتحرك كيف شاءت.

فمن خلال هذا الاستنتاج: نستطيع أن نفهم الإسلام بأنه (مجموعة من التوازنات): بأنه دين روحي ومادي معاً.. يكفل للإنسان حياة معتدلة لا شطط فيها ولا قصور، ويرسم له مستوى عالياً من نعمة الدنيا والأخرة، ويرفض بقوة أي زهادة تشمل نماء الحياة، كما يرفض أي رهبانية تصادر غرائز الأبدان.

فالإسلام يمزج مزجاً تاماً بين مصالح الإنسان في دنياه وفي أخراه، كما يمزج مزجاً تاماً بين مصالح الإنسانية البدنية والروحية. ذلك أن الإنسان في نظر الإسلام كل لا يتجزأ، وأن كماله المنشود يتحقق في ارتقائه .. مادياً ومعنوياً.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع