علي الكيلاني
تصدير المادة
المشاهدات : 4979
شـــــارك المادة
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه ومن والاه وبعد: رسالة تذكير وعزاء ومواساة وبشرى .... إلى كلّ من أُخرج من بيته ، وترك ماله وعقاره، ولم يحمل معه إلا ما يواري عورته، ولم يحمل إلا ما قل وزنه وغلا ثمنه... وإلى من ترك أحبته وفارق خلانه، وفقد فلذة كبده وثمرة فؤاده، وفُجع بموت أقربائه ومحبيه، ودُمّر وهدم بالصورايخ والبراميل المتفجرة منزله...
إلى من أرغمته وأجبرته يد الغدر وجلاوزة الطاغوت على مفارقة وطنه الذي ألفه وأحبه ونشأ وترعرع فيه... إلى من خرج من بلده وهو خائف يترقب، يخشى أن تطاله رصاصة قناص أو برميل مليء بالمتفجرات أو أن يطأ لغما مزروعا ، يمشي مرعوبا على أمل الخلاص من الظلم وأهله إلى عالم مجهول لا يعلم فيه مصيره ... وإلى من تركوا ديارهم وأوطانهم قسراً وخوفاً، تركوها وغادروا إلى بلد صاروا فيه غرباء، وصار الغني فقيرا، والعزيز ذليلا، والشريف وضيعاً..... إلى الأخ الحبيب الذي لم يجد إلا قطعة قماش تؤويه، وتستر عورته، لا تكنه من مطر ولا تحميه من حر، وكأنّ الأرض فراشه والسماء لِحافه، فحاصر البرد والريح والثلج والماء خيمته من فوقه ومن تحته وعن يمينه وعن شماله ، وحلّوا ضيوفاً ثقالاً عليه لا يفارقونه..... إلى من لا يجد في غربته لقمة العيش لتقيم صلبه وتكسر سورة جوعه، وتكفكف دموع أولاده الجوعى.... إلى هؤلاء المكلومين، الذين تفطرت أفئدتهم حزناً على فراق الديار والأوطان، وأُخرجوا من ديارهم في زمن يُنادى فيه بحقوق الإنسان، يتمنون الرجوع إلى بلدانهم ولو بذلوا المهج وأغلى الأثمان...
إلى هؤلاء جميعاً أوجه رسالتي من القلب مستشعراً معاناتهم، متألماً لمصابهم، مذكراً لهم بأمور لعلها تخفف من آلامهم ومبشراً لهم ببشارات تبعث الأمل في نفوسهم: أولاً : اعلم أخي الحبيب:
يا من اُبتليت بترك الوطن والأحبة والمألوف والمرغوب، وسكنت في منزل لم تألفه، وخيمة لا تُكِّن بردا ولا تدفع حراً، وجاورت جيراناً لم تعرفهم من قبل تختلف معهم في بعض العادات وتتفق معهم في الغاية والهدف والألم والأمل والأمنيات، أعلم أنك لست الوحيد في هذا المضمار، بل قد أُخرج من هو خير مني ومنك من ديارهم، وجابوا الصحارى والقفار، وأجبروا على تركها مع شدة حبهم لها، إنهم الرسل والأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام والصالحون من قبلنا، وقصصهم فيها عبرة وموعظة وتذكير وثبات وصبر وعزاء وأمل .... فلا يزال الطواغيت والفراعنة والمتجبرون في كل زمان ومكان يتجبرون ويمكرون ويخططون في إخراج من خالفهم من أوطانهم وتهجيرهم وترحيلهم، ليخلو ويحلو لهم الظلم والاستبداد، والقهر والذل للعباد. واللهُ سبحانه وتعالى قصّ علينا في كتابه قصصهم لنعتبر، وأخبرنا عن حال الطواغيت الكفرة مع رسلهم بعد مناقشتهم ودعوتهم للتوحيد وما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة فقال سبحانه وتعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } [إبراهيم:13] فهؤلاء الكفرة بعد أن أعرضوا عن الهدى واستكبروا زادوا الطين بلة فمنعوا الرسل من حقهم في العيش في بلادهم...وتوعدوهم بإخراجهم ونفيهم من أرضهم، إن لم يوافقوهم في الظلم والشرك وعبادة غير الله. وقد فعلوا هذا مع كثير من الأنبياء والرسل ، فهذا خليل الله إبراهيم عليه السلام ترك وطنه وهجره أبوه أقرب الناس إليه كما قال تعالى:{قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} مريم (46) وقد قال الملأ الكفرة من قوم شعيب لشعيب عليه السلام ولمن آمن به: { لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } [الأعراف: 88].
أرادوا إخراجهم لأنهم دعوهم لعبادة الله وتوحيده ، وترك ظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل وترك الغش والتطفيف في المكاييل والموازين، وهذا كحال المفسدين في زماننا السارقين الناهبين لخيرات البلاد بالغش والتزوير والرشاوى، الذين ضج الخلق من ظلمهم واستبدادهم، فيطردون كل من نادى بالحقوق ونهى عن الظلم والفساد والعقوق، ليعيشوا على أكتاف الضعفة والمساكين. وكذلك فعل قوم لوط حيث قالوا لنبيهم عليه الصلاة والسلام : { أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } [النمل: 56]،
وفي سورة أخرى يذكر الله عنهم: { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } [الأعراف : 82]، بعدما أن {قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [الأعراف : 80 ، 81].
وهكذا الحال في زماننا في سوريا كل من أمر بالطهر والعفاف يُطرد ويخرج، أما من أمر بالزنا والمتعة والفساد من أبناء الرفض والمجوس فهو المحبوب المقرب، والله المستعان، قلبت الموازين وصار الباطل حقاً والحق باطلا في بلاد المسلمين. وهذا موسى كليم الله عليه الصلاة والسلام خرج من بلده ومسقط رأسه هارباً من ظلم وبطش فرعون الطاغية المجرم الذي كان يقتّل الأبناء الذكور ويستحي الإناث، فقص الله تعالى علينا قصته وحاله عند خروجه من وطنه فقال : {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص : 20 ، 21]
وهذا حبيبنا وسيدنا وقائدنا للأبد محمد صلى الله عليه وسلم قد تشاور الكفار في أمره فخرجوا بعدة خيارات وآراء فقال تعالى إخبارا عن مشركي قريش ومؤامرتهم: { وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا } [الإسراء: 76]، وقال تعالى: { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وهي أحب البلاد إليه كما ورد في الحديث أنه لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ تِلْقَاءَ الْغَارِ ، نَظَرَ إِلَى مَكَّةَ ، قَالَ : أَنْتِ أَحَبُّ بِلاَدِ اللَّهِ إِلَيَّ ، وَلَوْلاَ أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ لَمْ أَخْرُجْ مِنْكِ ، فَأَعْدَى الأَعْدَاءِ مَنْ عَدَا عَلَى اللَّهِ فِي حَرَمِهِ ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ ، أَوْ قَتَلَ بِذحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجلَّ ، عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ} (1). وعن ابن عمر رضي الله عنهما : قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قد علمت أن أحب البلاد إلى الله عز و جل مكة ولولا أن قومي أخرجوني ماخرجت اللهم اجعل في قلوبنا من حب المدينة مثل ماجعلت في قلوبنا من حب مكة ) وما أشرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المدنية قط إلا عرف في وجهه البشر والفرح ( 2 ). . ولاقى في خروجه صلى الله عليه وسلم الأمور العظام، ومشى في الظلام، وسار في القفار والصحارى الموحشة أيام، ولوحق من قبل الكفار منذ خروجه من بيته، ودُفع لمن يظفر به مائة ناقة، ولحقه الكفار حتى كانوا منه قاب قوسين أو أدنى، وحماه الله وكان الله معه في الغار حافظاً له ولصاحبه أبي بكر رضي الله عنه، ولحق صاحبه الحزن والأسى والخوف على حبيبه {ثاني اثنين إذهما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} التوبة. وسار في خروجه قرابة تسعة أيام، ولم يتوفر له ما يتوفر في زماننا. والحمد لله غالب المضطهدين السوريين النازحين يوما أو يومين ويصلون إلى مكان فيه أمان. وكان قبل ذلك حوصر والمؤمنون في الشِّعب وقاطعتهم قريش وبني هاشم جميعا فكانوا يأكلون أوراق الشجر ، وأصابهم الجوع والعطش ونقص المؤنة ثلاث سنوات، فصبروا على ما أصابهم. وهكذا فعلوا بأصحابه فأُخرج صحابته الكرام عليهم من الله الرحمة والرضوان من مكة، وخرجوا فراراً بدينهم وخوفاً من ظلم وبطش الكفار من بني جلدتهم وأقاربهم، فمنهم من خرج قبله -صلى الله عليه وسلم- وهاجر إلى الحبشة ومنهم من هاجر إلى المدينة ومنهم من تبعهم بعد ذلك يقول تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) [الحج : 39 - 42]
وقال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [الحشر : 8 ، 9]
فما كان ذنبهم إلا أنهم وحدوا الله، وعبدوه مخلصين له الدين، فإن كان هذا ذنبا، فهو ذنبهم كقوله تعالى: { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}البروج:8. "ولم يكن معنى الهجرة إلا إهدار المصالح، والتضحية بالأموال، والنجاة بالشخص فحسب، مع الإشعار بأنه مستباح منهوب قد يهلك في أوائل الطريق أو نهايتها، وبأنه يسير نحو مستقبل مبهم، لا يدرى ما يتمخض عنه من قلاقل وأحزان. وبدأ المسلمون يهاجرون وهم يعرفون كل ذلك، وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم؛ لما كانوا يحسون به من الخطر، وهاك نماذج من ذلك: 1 ـ كان من أول المهاجرين أبو سلمة ـ هاجر قبل العقبة الكبرى بسنة على ما قاله ابن إسحاق ـ وزوجته وابنه، فلما أجمع على الخروج قال له أصهاره : هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه ؟ علام نتركك تسير بها في البلاد ؟ فأخذوا منه زوجته، وغضب آل أبي سلمة لرجلهم، فقالوا: لا نترك ابننا معها إذ نزعتموها من صاحبنا، وتجاذبوا الغلام بينهم فخلعوا يده، وذهبوا به. وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة. وكانت أم سلمة -رضي الله عنها- و بعد ذهاب زوجها وضياع ابنها تخرج كل غداة بالأبطح تبكى حتى تمسى، ومضى على ذلك نحو سنة، فرق لها أحد ذويها وقال: ألا تخرجون هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وولدها، فقالوا لها: إلحقي بزوجك إن شئت، فاسترجعت ابنها من عصبته، وخرجت تريد المدينة ـ رحلة تبلغ حوالي خمسمائة كيلو متر تمر بين شواهق الجبال ومهالك الأودية ـ وليس معها أحد من خلق الله. حتى إذا كانت بالتَّنْعِيم لقيها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وبعد أن عرف حالها شيعها حتى أقدمها إلى المدينة، فلما نظر إلى قباء، قال: زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعًا إلى مكة. 2 ـ وهاجر صُهَيْب بن سِنان الرومي بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما أراد الهجرة قال له كفار قريش: أتيتنا صعلوكًا حقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك ؟ والله لا يكون ذلك. فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي؟ قالوا: نعم، قال: فإني قد جعلت لكم مالي، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:( ربح صهيب، ربح صهيب ) . 3 ـ وتواعد عمر بن الخطاب، وعَيَّاش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل موضعًا اسمه التَّنَاضُب فوق سَرِف يصبحون عنده، ثم يهاجرون إلى المدينة، فاجتمع عمر وعياش، وحبس عنهما هشام . ولما قدما المدينة ونزلا بقباء قدم أبو جهل وأخوه الحارث إلى عياش ـ وأم الثلاثة واحدة، وهي أسماء بنت مُخَرِّبَة ـ فقالا له : إن أمك قد نذرت ألا يمس رأسها مشط، ولا تستظل بشمس حتى تراك، فَرَقَّ لها. فقال له عمر : يا عياش، إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله لو آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، فأبى عياش إلا الخروج معهما ليبر قسم أمه، فقال له عمر : أما إذ قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتى هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها. فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: يابن أمي، والله لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه ؟ قال: بلى، فأناخ وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه وربطاه، ثم دخلا به مكة نهارًا موثقًا، وقالا : يا أهل مكة، هكذا فافعلوا بسفهائكم، كما فعلنا بسفيهنا هذا. هذه ثلاثة نماذج لما كان المشركون يفعلونه بمن يريد الهجرة إذا علموا ذلك . ولكن على رغم ذلك خرج الناس أرسالًا يتبع بعضهم بعضًا . ولا يزال العلماء والصالحون يضطهدون ويُنفون ويرغمون على الخروج من بلادهم قسرا وقهرا كأمثال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره. فهذه سبيل الرسل والأنبياء والصالحين وأحوالهم، أُخرجوا ونُفوا واضطهدوا وتعرضوا للضرب وأصابهم الجوع والخوف في خروجهم، فصبروا لما أصابهم ابتغاء مرضات الله فأعقبهم نصرا مبينا. فيا أخي إن أصابك الضر والبلاء والاضطهاد والنفي والطرد والأبعاد عن وطنك وبيتك فاعتبر بأشرف الناس ، وتعزى بهم ، وتذكّر مصابهم يخفف عنك مصابك ويسهل ما نزل بك. ثانياً: البشرى، أبشر أخي الحبيب بالنصر والفرج والظفر القريب والرجوع إلى الوطن مكرماً معززاً إن أنت اتقيت الله ونصرت دينه، فأقمت الشرع في نفسك وأهلك ونويت إقامة السنة وقمع البدعة في وطنك، فهاهم الأنبياء الذين توعدهم قومهم بإخراجهم من أرضهم يوحي إليهم ربهم بأنه سينصرهم على عدوهم ويهلك عدوهم، ويتوعد العدو بسوء العاقبة في الدنيا والآخرة، ويورث الأنبياء أرضهم، التي طالما هددوهم بإخراجهم منها فيقول تعالى : {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)} [إبراهيم : 13 - 18] وهذا إبراهيم عليه السلام لما فارق الكفر وأهله واعتزلهم وآلهتهم ، وهبه الله الولد بعد أن لم يكن ينجب، ونصره على من عاداه، وعوضه خيراً مما تركه وفارقه، "قال الله في حقه: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا} من إسحاق ويعقوب {جَعَلْنَا نَبِيًّا} فحصل له هبة هؤلاء الصالحين المرسلين إلى الناس، الذين خصهم الله بوحيه، واختارهم لرسالته، واصطفاهم من العالمين.{ وَوَهَبْنَا لَهُمْ } أي: لإبراهيم وابنيه { مِنْ رَحْمَتِنَا } وهذا يشمل جميع ما وهب الله لهم من الرحمة، من العلوم النافعة، والأعمال الصالحة، والذرية الكثيرة المنتشرة، الذين قد كثر فيهم الأنبياء والصالحون.{ وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا } وهذا أيضا من الرحمة التي وهبها لهم، لأن الله وعد كل محسن، أن ينشر له ثناء صادقا بحسب إحسانه، وهؤلاء من أئمة المحسنين، فنشر الله الثناء الحسن الصادق غير الكاذب، العالي غير الخفي، فذكرهم ملأ الخافقين، والثناء عليهم ومحبتهم، امتلأت بها القلوب، وفاضت بها الألسنة، فصاروا قدوة للمقتدين، وأئمة للمهتدين،.ولا تزال أذكارهم في سائر العصور، متجددة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم" . وشعيب عليه السلام أعزه الله ونصره على عدوه وأهلكهم فقال تعالى مخبراً عما أصابهم: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِين} [الأعراف : 90 - 92] ولوطاً عليه السلام كذلك أنجاه الله تعالى وأهلك عدوه : {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84) } [الأعراف : 83 - 85] وموسى عليه السلام لما خرج من بلده أمده الله بمدد من عنده فهيأ له من يؤويه ويطعمه ويسقيه ويسكن إليه ويأنس به، وآمنه بعد خوفه فقال تعالى بعد أن حكى قصة خروجه وتضرعه ومساعدته للمرأتين في سقي أغنامهما: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) [القصص : 25]
ثم رزقه الله زوجة صالحة ابنة الرجل الصالح {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين...} الآية
وهكذا أخي النازح لا تبخل بمساعدة الناس وإغاثتهم قدر طاقتك، أثناء نزوحك فالله يوفقك في مسيرك ويهيء لك من يعينك في مسكنك ومطعمك ومشربك وملبسك ويؤويك ويؤنسك. وثم ماذا ؟ ماذا حصل لنبي الله موسى عليه السلام؟ لقد رجع إلى أهله بعد غياب عشر سنوات مؤيدا بالبينات فأهلك عدوه فرعون وملأه ، ونصره الله عليهم فأهلكهم باليم، وأورث الله المستضعفين ممن آمن بموسى عليه السلام الأرض فقال تعالى مخبراً عن مصير القوم : {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ}(137) [الأعراف : 136 ، 137] ورسولنا صلى الله عليه وسلم رجع إلى موطنه مكة الذي أُخرج منه – بعد أن بقي سنوات بعيداً عنه-منتصرا فاتحا له مرفوع الرأس عزيزا ، ووقف على الصفا وحمد الله الذي أعز جنده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده... "فكان من صنعه تعالى: أنه أظهر رسوله ونصره، وجعل له بسبب خروجه من مكة أنصارًا وأعوانًا وجندا، يقاتلون في سبيل الله، ولم يزل يرقيه الله تعالى من شيء إلى شيء، حتى فتح له مكة التي أخرجته، ومكن له فيها، وأرغم آناف أعدائه منهم، ومن سائر أهل الأرض، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا، وظهرت كلمة الله ودينه على سائر الأديان، في مشارق الأرض ومغاربها في أيسر زمان؛ ولهذا قال تعالى: { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ} كما قال تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } [الصافات: 171 -173]، وقال تعالى: { كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [المجادلة: 21]، وقال: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } [الأنبياء: 105]" ( ). وهكذا الصحابة الكرام والصالحون نصرهم الله على عدوهم... وبإذن الله سترجع إلى بلدك ووطنك أخي منصوراً فاستعن بالله، وانصر دينه....وامتثل قول الله تعالى: {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} إبراهيم (14) فخف الله وراقبه وامتثل أوامره... وحقق قوله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) [الحج : 39 - 42] الذي ذكره الله في سياق آيات الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق. فانصر الله ينصرك، انصره في تطبيق شريعته، ينصرك على عدوك ويمكّن لك في الأرض. ثالثاً: أخي الكريم أكثر من الدعاء والعبادة والاستغفار حال نزوحك وخروجك وحال حلك وترحالك وتنقلك وثباتك وقرارك والتجئ إلى الله وتضرع إليه واعلم أن من حكم الله سبحانه وتعالى الظاهرة في إنزال البلاء أن يتضرع إليه العباد ويلجؤوا إليه كما قال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام:42، 43) وقال في آية أخرى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (المؤمنون:76) فصار لزاماً أن يعلم َ المسلم أن من أوجب الواجبات في زمن الكوارث والملمات، رفع اليدين بالدعاء لله رب الأرض والسموات، الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه، ويكشف كربة المكروب إذا ناجاه، ويزيل الغم ويذهب الغم، ويحب العبد الأواه المنيب إليه وكل من دعاه، فلعل ذلك الدعاء من أكف بيضاء نقية، وقلوب صادقة وفيَّة، وأعين باكية تقيَّة تخفف من المآسي والآلام، وقد علَّمنا رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ أنَّه"لا يردَّ القضاء إلاّ الدعاء"( ). وهذا حال الأنبياء لما خرجوا من بلادهم فهذا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام يقول: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} مريم (48) وهذا موسى عليه السلام يدعو ربه أن ينجيه من ظلم الظالمين حال خروجه فيحكي الله تعالى حاله: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص : 20 ، 21] وقال تعالى عنه: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) 22 - 26]
فدعا ربه أن يهديه طريقاً سويا ، ولا يضل في الصحاري والقفار، ودعا الله بحاله أنه فقير ، والله هو الغني أن يرزقه ، فاستجاب له دعاءه كله، فرزقه أهلاً ومالاً ومسكناً ومأوى. وما أحوج النازحون أن يمتثلوا ويهتدوا بهديه فيجأروا إلى ربهم، ويدعوه ، ويكثروا من قول: ربي إني لما أنزلت إلي من خير فقير) وقول: يا رزاق ياذا القوة المتين ارزقنا، يكثروا من الدعاء ليلا ونهارا في سجودهم وخلواتهم وأوقات الإجابة فربنا قريب مجيب دعوة الداعي، والقصص كثيرة من النازحين المضطرين دعوا الله فهداهم في ظلمات الليل الحالكة أثناء نزوحهم وسيرهم، ورزقهم وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. كما أوصيك بالتوبة والإنابة لله، فما نزل ذنب إلا بمعصية ومارفع إلا بتوبة، فتب إلى الله توبة نصوحا، وغيّر ما بنفسك وأصلحها وزكها بالعمل الصالح لعل الله يغير الحال ويحسن المآل. رابعاً: عليك بالصبر وعدم الجزع على ما أصابك من فقد حبيب وترك وطن وخسارة منزل ومال وإياك والتسخط على أقدار الله، وعليك بالإكثار من قول : إنا لله وإنا اليه راجعون كما قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) [البقرة : 155 - 157] فهنا " أخبر تعالى أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن، ليتبين الصادق من الكاذب، والجازع من الصابر، وهذه سنته تعالى في عباده؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة، لحصل الاختلاط الذي هو فساد، وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر. هذه فائدة المحن، لا أزال ما مع المؤمنين من الإيمان، ولا ردهم عن دينهم، فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين، فأخبر في هذه الآية أنه سيبتلي عباده {بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ} من الأعداء {وَالْجُوعِ} أي: بشيء يسير منهما؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله، أو الجوع، لهلكوا، والمحن تمحص لا تهلك. {وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ} وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية، وغرق، وضياع، وأخذ الظلمة للأموال من الملوك الظلمة، وقطاع الطريق وغير ذلك. {وَالأنْفُسِ} أي: ذهاب الأحباب من الأولاد، والأقارب، والأصحاب، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد، أو بدن من يحبه، { وَالثَّمَرَاتِ } أي: الحبوب، وثمار النخيل، والأشجار كلها، والخضر ببرد، أو حرق، أو آفة سماوية، من جراد ونحوه. فهذه الأمور، لا بد أن تقع، لأن العليم الخبير، أخبر بها، فوقعت كما أخبر، فإذا وقعت انقسم الناس قسمين: جازعين وصابرين، فالجازع، حصلت له المصيبتان، فوات المحبوب، وهو وجود هذه المصيبة، وفوات ما هو أعظم منها، وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر، ففاز بالخسارة والحرمان، ونقص ما معه من الإيمان، وفاته الصبر والرضا والشكران، وحصل له السخط الدال على شدة النقصان. وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب، فحبس نفسه عن التسخط، قولا وفعلا واحتسب أجرها عند الله، وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له، بل المصيبة تكون نعمة في حقه، لأنها صارت طريقا لحصول ما هو خير له وأنفع منها، فقد امتثل أمر الله، وفاز بالثواب، فلهذا قال تعالى: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } أي: بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب. فالصابرين، هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة، والمنحة الجسيمة، ثم وصفهم بقوله: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَة} وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره. {قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ} أي: مملوكون لله، مدبرون تحت أمره وتصريفه، فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء منها، فقد تصرف أرحم الراحمين، بمماليكه وأموالهم، فلا اعتراض عليه، بل من كمال عبودية العبد، علمه، بأن وقوع البلية من المالك الحكيم، الذي أرحم بعبده من نفسه، فيوجب له ذلك، الرضا عن الله، والشكر له على تدبيره، لما هو خير لعبده، وإن لم يشعر بذلك، ومع أننا مملوكون لله، فإنا إليه راجعون يوم المعاد، فمجاز كل عامل بعمله، فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفورا عنده، وإن جزعنا وسخطنا، لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر، فكون العبد لله، وراجع إليه، من أقوى أسباب الصبر. { أُولَئِكَ } الموصوفون بالصبر المذكور {عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ} أي: ثناء وتنويه بحالهم { وَرَحْمَةٌ } عظيمة، ومن رحمته إياهم، أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر، {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} الذين عرفوا الحق، وهو في هذا الموضع، علمهم بأنهم لله، وأنهم إليه راجعون، وعملوا به وهو هنا صبرهم لله. ودلت هذه الآية، على أن من لم يصبر، فله ضد ما لهم، فحصل له الذم من الله، والعقوبة، والضلال والخسار، فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين، وأعظم عناء الجازعين، فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها، لتخف وتسهل، إذا وقعت، وبيان ما تقابل به، إذا وقعت، وهو الصبر، وبيان ما يعين على الصبر، وما للصابر من الأجر، ويعلم حال غير الصابر، بضد حال الصابر. وأن هذا الابتلاء والامتحان، سنة الله التي قد خلت، ولن تجد لسنة الله تبديلا وبيان أنواع المصائب." ( ). وتذكر أخي الكريم حديث أم سلمة رضي الله عنهما قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من قال عند المصيبة: ( { إنا لله و إنا إليه راجعون } اللهم أجرني في مصيبتي و اخلف لي خيرا منها ) إلا آجره الله و أخلف له خيرا منها قالت فلما توفي أبو سلمة قالت : من خير من أبي سلمة ؟ ثم قلتها فأخلفني الله رسول الله صلى الله عليه و سلم ] رواه مسلم ، فأكثر من هذا الذكر أخي الحبيب( { إنا لله و إنا إليه راجعون } اللهم أجرني في مصيبتي و اخلف لي خيرا منها ) لعل الله بمنه وكرمه يُخلفك ويعوضك خيرا مما فقدت. واحمد الله على ما أصابك من مصيبة وأنها لم تكن أكبر من ذلك، فإن كنت قد فقدت منزلاً فقد فقد الناس منازل، وإن كنت فقدت ولدا ، فقد فقد غيرك أولاداً، وإن فقدت بعض المال فقد فقد غيرك المال كله، وإن فقدت عضوا من أعضائك فقد فقد الناس أرواحهم وأنفسهم كلها ، واحمد الله أنك نجوت بدينك ولم تكن مبتدعاً رافضياً تسب الصحابة الكرام وتطعن بالقرآن ... وتأمل ما ذكر الشعبي أن شريحا (رحمهما الله جميعا) قال : إني لأُصاب المصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات : أحمده إذا لم يكن أعظم منها و أحمده إذ رزقني الصبر عليها و أحمده إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب و أحمده إذ لم يجعلها في ديني . و عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : نعم العدلان و نعم العلاوة { أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة } نعم العدلان {وأولئك هم المهتدون } نعم العلاوة . و أما إذا سخط صاحب المصيبة ودعا بالويل والثبور أو لطم خدا أو شق جيبا أو نشر شعرا أو حلقه أو قطعه أو نتفه فله السخط من الله تعالى و عليه اللعنة رجلا كان أو امرأة و قد روي أيضا أن الضرب على الفخذ عند المصيبة يحبط الأجر وقد روي أن من أصابته مصيبة فخرق عليها ثوبا أو لطم خدا أو شق جيبا أو نتف شعرا فكأنما رمحا يريد أن يحارب ربه ..والله عز و جل لا يعذب ببكاء العين و لا بحزن القلب و لكن يعذب بهذا ـ يعني ما يقول صاحب المصيبة بلسانه يعني من الندب و النياحة ـ... فالنواح حرام لأنه مهيج للحزن و دافع عن الصبر و فيه مخالفة التسليم للقضاء و الإذعان لأمر الله تعالى ( ). وإذا ابتليت أخي الحبيب بفقد ولدك فتذكر حديث أبي سنان قال: دفنت ابني سنانا و أبو طلحة الخولاني جالس على شفير القبر فلما أردت الخروج أخذ بيدي فقال ألا أبشرك يا أبا سنان ! قلت بلى فقال حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي ! فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده ! فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي ؟ فيقولون حمدك واستجرع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد" ( ). خامساً: أخي الحبيب يا من تسكن في المخيمات أو في بلد غير بلدك وقد تركت عملك وأشغالك ، وصار عندك فراغ كبير ووقت وفير، استغل وقتك في طاعة الله وعبادته فأكثر من الصالحات من قراءة القرآن وحفظه والالتحاق بحلق تحفيظ القرآن المتواجدة في تلك المخيمات والتي أقام بعضها الإخوة في هيئة الشام الإسلامية بارك الله في جهودهم، فإنها فرصة ثمينة لا تعوض، فإني أعرف بعض الإخوة استغلوا هذه الأيام لحفظ كتاب الله ومراجعته وتلاوته وفهمه ، وامتثلوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال لرجل وهو يعظه : «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك» . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي -صلى الله عليه و سلم- ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) وعن محمد بن واسع قال: كتب أبو الدرداء إلى سلمان أما بعد يا أخي اغتنم صحتك و فراغك من قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطيع أحد من الناس رده يا أخي اغتنم دعوة المؤمن المبتلي و يا أخي ليكن المسجد بيتك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: المسجد بيت كل تقي و قد ضمن الله لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح و الراحة و الجواز على الصراط إلى رضوان الرب. ويا أخي أدن اليتيم منك وامسح برأسه والطف به وأطعمه من طعامك فإن ذلك يلين قلبك و تدرك حاجتك و يا أخي إياك أن تجمع من الدنيا ما لا يؤدي شكره . وهذا شيخ الإسلام يجعل ما ابتلي به من سجن ونفي نعمة ويستغل وقته في طاعة الرحمن فيقول: (ما يفعل أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أنَّى رحت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة إنها جنة الإيمان واليقين) . ثم يمرض فيثبت ثبات المؤمن في أوقات الشدائد، دخلوا عليه وهو مريض وما اشتكى، فيقولون له: ماذا تشتكي يا إمام؟ قال:
تموت النفوس بأوصابها *** ولم يدرِ عُوَّادها ما بها وما أنصف مهجة تشتكي *** أذاها إلي غير أحبابها
ثم يختم المصحف في السجن بضع وثمانين مرة، حتى إذا بلغ قول الله -جل وعلا-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ). لقي الله فرحمه الله، وجمعنا به وبالصالحين من أمة محمد بن عبد الله صلَّى الله عليه وسلم، ويقول ابن تيمية - رحمه الله -: "المحبوس من حبس عن ربه، والمأسور من أسر هواه" . فأنتم يا إخواني رغم التهجير والطرد والنزوح أحرار لأنكم موصولون بالله، أنتم الذين لم يوهن عزائمهم ظلم الظالمين، فكنتم رجالاً في زمن قل فيه الرجال، فإن ضاق عليك يا أخي جدران الخيمة، ففي صدرك فسحة واسعة من أرض هذا الوطن الجميل تجوب بها روحك المؤمنة الصادقة بين أرجاء المعمورة.. بين أشجار الزيتون وعبق الرياحين والياسمين ، فاصمد يا أخي صمود الجبال، واثبت ثبوت الأبطال فأنت صاحب موقف لا يثنيك عنه موت أو نفي أو اعتقال. واعلم أن أن أرض الله ليست بضيقة فاصبر وتوكل على مولاك { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ الزمر : 10] . وبادر بالطاعة وتقرب لله أينما كنت وأينما حللت ونزلت فـ(أفضل الأرض في حق كل إنسان أرضٌ يكون فيها أطوعَ لله ورسوله، وهذا يختلف باختلاف الأحوال، ولا تتعين أرض يكون مقامُ الإنسان فيها أفضلَ وإنما يكون الأفضلُ في حق كل إنسان بحسب التقوى والطاعة والخشوع والخضوع والحضور، وقد كتب أبو الدرداء إلى سلمان: هلم إلى الأرض المقدسة! فكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدس العبد عمله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء، وكان سلمان أفقه من أبي الدرداء في أشياء من جملتها هذا'' (ابن تيمية ) وأكثر من الصيام والقيام والذكر والاستغفار واملأ وقتك بما يرضي الرحمن وابتعد عن القيل والقال وابتعد عن الغيبة والنميمة والكلام البذيء. وللأسف سمعت بعضهم يحكي عن أناس في المخيمات أنهم يشتمون ويتضاربون ويسبون الرب والعياذ بالله، ويغتابون ويسعون في الفتنة، بدل أن ينكسروا ويتضرعوا ويخبتوا لرب العالمين ليكشف كربتهم ويزيل محنتهم. سادساً: التعاون والتكافل مع إخوانك داخل المخيم وفي الحارة التي تسكن فيها ، فتعاون معهم وخالق الناس بخلق حسن فهو من أحب الأعمال لله، فتعين ذا الحاجة وتغيث الملهوف، وتحنو على اليتيم وتمسح على رأسه ، وتساعد الثكلى والأرملة ، وتخفف الألم عن المفجوعة بزوجها ووالدها وأخيها، وتكفكف الدمع عن العجوز، وتقدم كل ما تستطيعه من عون لعل الله يرحمك، وتكون عضواً فعالاً تخدم أمتك، وتقوم بالتنظيم والترتيب إن احتيج إليك، وتمر على أصحابك وجيرانك وتتفقد أحوال الضعفة والمساكين والمحتاجين فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزول الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل. ومن أهم ما تتعاونون عليه هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكن يا أخي الكريم داعياً إلى الله بين إخوانك النازحين، فالدال على الخير كفاعله، ولك بكل كلمة طيبة صدقة، ولأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حُمر النعم، فكن من أهل الخير الدالين عليه، والناهين عن المنكر. سابعاً: رسالة أخيرة أوجهها إلى الأخوة المسلمين في كل مكان، إلى من ينعم بالدفء والأمان إلى من يأكل ويشرب وينام ويتلذذ بما أنعم الله عليه من المباحات، تذكروا أن لكم إخوانا: قلّ عندهم الطعام والشراب ، ونزل بهم البرد والثلج فأقض مضاجعهم، لا يهنؤن بنوم ولا بطعام، فواسوهم بأموالكم وارفعوا أكف الضراعة لمولاكم عسى الله أن يخفف عنهم، يا من لا يستطيع الجهاد بنفسه فهذا باب الجهاد بالمال مفتوح فالبدار البدار والمسارعة المسارعة فمدوا أيديكم وشمروا عن سواعدكم لمساعدة إخوانكم، وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى). وفي رواية "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). وعن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه).
وأخيرا: أذكركم أيها المسلمون بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)} [التوبة : 111] وبقوله سبحانه:{ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) [التغابن : 15 - 18]}
أخي الحبيب النازح:
لا تحزن ولا تيأس ولا تظن أنك وحيداً في محنتك فكثير من المسلمين يفكرون في أمرك ويشاركونك أحزانك وآلامك، ويسعون لتحقيق آمالك، ويدعون لك ويسعون لحل أزمتك، فتوكل على الله وثق به واعلم أن رحمة الله قريب من المحسنين..
للهم أعن إخواننا النازحين والمضطهدين واحفظهم وأطعم جائعهم واكسوا عاريهم واشف مرضاهم وعافي مبتلاهم وداوي جرحاهم، وأرجعهم إلى بلادهم سالمين آمنين منصورين ، وعوضهم خيراً مما أُخذ منهم، وضاعف حسناتهم وعظم أجرهم واجزهم بلا حساب ... آمين
نهال عبد الله
عامر الهوشان
سلمان العودة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة