مايك ويتني
تصدير المادة
المشاهدات : 3240
شـــــارك المادة
من المهم أن ندرك أن إيران لا تملك حالياً برنامجاً للأسلحة النووية كما أنها لا تملك أسلحة نووية أيضاً.
لقد أخبر مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ أن القائد الأعلى في إيران المرشد علي خامنئي قد أنهى برنامج الأسلحة النووية لبلاده في عام 2003 و"بحسب علمنا فإنه لم يتخذ قراراً لصناعة أي سلاح نووي"، ويبدو أن هذا يعيد الثقة العالية بالحكم الصادر عن لجنة الاستخبارات الأمريكية والذي تم اتخاذه لأول مرة في نوفمبر من عام 2007. "وذلك وفقاً لميكا زينكو وهو زميل لدى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية والذي وضع برنامج إيران النووي في السياق".
دائما ما يكون هناك مصدر عون للبدء بالحقيقة وبالنسبة لإيران فإن الحقيقة تبدو بسيطة إلى حد بعيد. إيران لا تملك أسلحة نووية وليس لديها برنامج لتصنيع الأسلحة النووية ولم يحدث أن تم القبض عليها متلبسة باستخدام الوقود النووي لأغراض أخرى, فهي تسعى لامتلاك تكنولوجيا نووية لأغراض سلمية فقط.
هذه هي الحقائق الصحيحة. ربما لا تنسجم هذه الحقائق مع الأكاذيب التي ينشرها الإعلام الغربي, ولكنها حقائق بالرغم من كل ما يحدث. فإيران ضحية قوة واشنطن المجنونة ومحاولتها للسيطرة على المصادر الحيوية في الشرق الأوسط وبالتالي تستطيع أن تعزز الهيمنة الصهيونية على المنطقة. هذا ما يجري بالفعل على أرض الواقع. إذاً فهي سياسات دول.
لقد ركزت التغطية الإعلامية لما يسمى المفاوضات النووية في لوزان والآن في فيينا على عدد أجهزة الطرد المركزي ومراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية للبرامج النووية والقدرة على تخصيب اليورانيوم وعدد كبير من القضايا السرية المقصود بها صرف النظر عن حقيقة أن إيران لا تمتلك برنامج أسلحة نووية وليس لها مصلحة في تطوير أي من هذه البرامج.
وبإمعان النظر في تفاصيل تلك القضايا وبشكل كبير فإنه يتكون لدى القارئ شعور بأن إيران تخفي وبشكل مؤكد شيئا ما وعليه فإنه من المؤكد أنها ستشكل تهديداً على الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية. ولكن هذا ما يأمل الكتاب بتحقيقه على وجه التحديد فهم يريدون أن يذروا الرماد في العيون من أجل جعل الناس يصدقون أمراً هو في حقيقة الأمر خاطئ.
إن إيران تطالب فقط بأن يتم احترام حقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية وذلك بموجب قوانين معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. لن تسمح إيران لنفسها أن يتم السيطرة عليها والتحكم بها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أو أن يتم التعامل معها على أنها مواطن من الدرجة الثانية.
إن وسائل الإعلام لا ترغب بأن تناقش "البروتوكولات الإضافية"، والتي قبلت بها إيران من أجل أن تبني الثقة بين أعضاء من الولايات المتحدة الأمريكية لأنه بعد ذلك سيدرك الناس بأن إيران قد ذهبت بعيدا ولمرات عديدة في الماضي فقط لكي يتم صفعها بالاتهامات الزائفة فيما يتعلق بعدم التزامها أو مخالفتها للقوانين. إنها فقط تخمينات لإثارة الخوف حيال قضية ما في أوساط العامة.
إن حيلة وسائل الإعلام الأخيرة تتمركز حول مصطلح "زمن الثورات والحروب" والذي يشير إلى حجم الوقت الذي ستقضيه إيران في تصنيع سلاح نووي في حال كانت تميل إلى ذلك وهي لا تميل في واقع الأمر. يعتبر هذا المصطلح الكلمة الطنانة الجديدة التي تتردد آلاف المرات في وسائل حيث تشير إلى أن إيران باتت قاب قوسين أو أدنى من إنشاء سلاح نووي والذي سوف يستخدم مباشرة في إبادة الكيان الصهيوني. فالولايات المتحدة ولأنها دولة ذات نزعة دموية قاتلة إلى درجة التي أقسم فيها أنها تفجر كل شيء يتحرك.
هذا الأمر خاطئ لأسباب عديدة. أولا إيران لا تريد أسلحة نووية وثانياً رؤساء الدول الأخرى لا يعانون من جنون العظمة فيما يتعلق بالطاقة حيث يستمتعون في حياتهم بتمهيد الطريق لحرق ما تبقى من الكوكب. هذا السلوك حكراً على قادة الولايات المتحدة الأمريكية فقط, أما الآخرون من قادة الدول الأخرى فهم لا يعانون من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
إن القضية النووية لا تملك أي شيء لتفعله مع برنامج تصنيع الأسلحة النووية الإيرانية الوهمي. إنه مجرد دخان يثار في الهواء لحجب الحقيقة. إن المشكلة الحقيقية تتمثل في أن إيران تعتبر دولة ذات سيادة وتمتلك سياسة خارجية مستقلة وأمريكا لا تحب الدول المستقلة بل تحب الدول التي تفعل ما يطلب منها.
إن العقوبات تعتبر العصا التي تلوح بها واشنطن من أجل أن تهزم منافسيها وتجبرهم على الخضوع لها. وإذا ما تابعنا الأخبار التي يتم نشرها في الآونة الأخيرة فإننا ندرك أن هناك شيئا غريبا يجري, فالولايات المتحدة الأمريكية غيرت سياستها مائة وثمانين درجة تجاه إيران.
حقاً إنه تطور صادم. لقد استخدمت الولايات المتحدة نفس السياسة البربرية تجاه كوبا لمدة ستين سنة دون أن يتغير شيء. وسواء كانت هذه السياسة ناجعة أم لا ليس هذا بالأمر المهم بل ما يهم هو الحاق أقصى درجة من الألم والمعاناة على شعب لا تحبه أمريكا.
إذا لماذا هذا التغير المفاجئ مع إيران؟ لماذا يحاول أوباما أن يتوصل إلى اتفاق مع الدولة التي تحتقرها الطبقة العالية والمثقفة في أمريكا وبكل صراحة؟.
يجب أن نضع في اعتبارنا أن ما يفعله أوباما لا يحظى إلى حد بعيد بشعبية وتأييد الجماعات القوية وهي الجماعات المتمثلة في الكونجرس ووسائل الإعلام و الحكومة الإسرائيلية وحتى لدى كبار المسؤولين في وزارة خارجيته. هل من الممكن أن تكون هذه المستجدات تشير إلى أن أصحاب القرار السياسي في أمريكا والذين يستخدمون تأثيرهم الشخصي على أوباما ويوجهونه كيفما يشاؤون قد رأوا فجأة النور وأصبحوا يرغبون بفتح الباب أمام حقبة جديدة من المصالحة والصداقة مع إيران؟ بالطبع لا, فلا أحد يصدق ذلك, لأن السبب الرئيسي وراء رغبة أوباما في عقد اتفاق مع إيران يعود إلى أن الولايات المتحدة تريد شيئاً في المقابل. ولكن الولايات المتحدة لا تريد شيئا في المقابل بل تريد أن تجد بديل عن الغاز الروسي لكي يتدفق إلى أوروبا وبالتالي يمكنها أن تدمر الاقتصاد الروسي وتنفذ خطتها الاستراتيجية لنشر القوة الأمريكية في جميع أنحاء القارة الآسيوية وبالتالي تستطيع الشركات الأمريكية الكبرى أن تحافظ على مكانتها المهيمنة في الاقتصاد العالمي. إن أوباما يلعب بشكل جيد وجميل مع إيران وبالتالي يمكنه أن يدير بوصلته نحو آسيا وبكل سهولة.
لذا فهل من المعقول أن يحل الغاز الإيراني محل الغاز الروسي في السوق الأوروبية المربحة؟
يمكنكم أن تقرؤوا هذا المقطع من إحدى المقالات التي كتبت في عام 2014 والذي توقع فيه الكاتب السيناريو الذي نراه يحدث هذه الأيام كما تم توقعه إلى حد بعيد. هذا السيناريو يقول بأن الولايات المتحدة تحاول أن تمنع وجود منطقة تجارة متكاملة حرة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا والتي من شأنها أن تقزم إجمالي الناتج المحلي الأمريكي ويجعل الدولة الشاذة تواجه سنوات من التراجع الحاد في اقتصادها. كان المقالة بعنوان "الاتحاد الأوروبي يتحول إلى الغاز الإيراني كبديل عن الغاز الروسي": إن الاتحاد الأوروبي يعمل رويداً رويداً على وضع خطة طوارئ من أجل استيراد الغاز الطبيعي من إيران. وذلك لأن العلاقات مع طهران أصبحت أكثر دفئاً في الوقت الذي تبدو فيه العلاقات مع أكبر موردي الغاز الروس باردة. وبحسب ما يقول المصدر: "يبدو أن إيران تذهب بعيدا نحو أولوياتنا المتعلقة بتدابير منتصف الطريق والتي سوف تساعد في تقليل اعتمادنا على إمدادات الغاز الروسي" ويضيف المصدر: "يمكن للغاز الإيراني أن يصل إلى أوروبا بسهولة كبيرة ويبدو أن هناك تقارباً واضحاً بين طهران والغرب من الناحية السياسية" وعلى الرغم من معاقبة إيران لنفسها إلا أنها تملك ثاني أكبر احتياطي للغاز بعد روسيا مما يجعلها بديلاً محتملاً مطروحاً على طاولة المحادثات بين طهران والغرب من أجل التوصل إلى اتفاق يتعلق ببرنامج الجمهورية الإسلامية النووي المثير للجدل.
وتقول إحدى المقالات التي تم كتابتها ليتم عرضها على البرلمان الأوروبي: "إن ما يجعل إيران بديل يمكن الثقة فيه مقابل روسيا يتمثل في إمكانيتها العالية على إنتاج الغاز والإصلاحات التي تجري على قدم وساق في قطاع الطاقة المحلية بالإضافة إلى عملية التطبيع المستمرة التي تقوم بها إيران مع الغرب".
ويقول كاتب المقالة: ونظراً للسياسة الروسية الحالية والتي تعتبر أحد سياسات المواجهة مع أوروبا فإنني أرى أن الاتحاد الأوروبي ليس لديه خيار سوى العثور على مصدر بديل للغاز.
ويقول مدير الأبحاث لدى المركز الأوروبي لشؤون الطاقة وأمن الموارد في كلية كينجز في لندن فرانك اومباش: "إن مصلحة إيران في تصدير الغاز لأوروبا كبيرة جدا. وهناك العديد من المؤسسات الإيرانية الاقتصادية والسياسية الكبيرة إلى جانب الشركات الغربية تقوك الآن بتهيئة نفسها لحقبة جديدة تعد بداية لنهاية العقوبات".
وقال المستشار انديجاني: "لقد تم الضغط على إيران لسنوات طويلة من أجل بناء خط أنابيب محدد والذي يربط حقل الغاز الفارسي الكبير في الجنوب والذي يسمى خط الأنابيب الفارسي بالسوق الأوروبية. إنه مشروع طموح للغاية". وحتى وإن تم بناء نصفه إلى الآن إلا أنه سوف يكون إنجازاً كبيراً لكل من أوروبا وإيران". وتشير مجموعة من دراسات الجدوى المستقلة للمشروع أنه وفي حال تم تخفيف العقوبات وبدأ الاستثمار في المشروع في أقرب وقت ممكن فإنه يمكن لإيران أن تورد من 10 إلى 20 مليار متر مكعب من الغاز في السنة الواحدة لكل من تركيا وأوروبا وذلك في بداية العقد القادم الممتد من عام 2020 وحتى عام 2029.
لهذا السبب يرغب أوباما في تخفيف العقوبات المفروضة على إيران فهو بحاجة أن يجد مصدر بديل للغاز لأوروبا في الوقت الذي يكون فيه مشغولاً بحربه على روسيا, فهزيمة روسيا تعتبر أولوية استراتيجية مهمة جدا وعلى سلم الأولويات بالنسبة لواشنطن, فالولايات المتحدة الأمريكية مستعدة للمخاطرة بكل شيء حتى بالحرب النووية من أجل أن تحافظ على سيطرتها على العالم ولكي تقوم بتوسيع هيمنتها لتبقى معتلية للعرش في القرن القادم.
مجلة البيان
مايكل أوهانلون. ترجمة/ حسن شعيب
العصر
أسرة التحرير
التقرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة