شبكة شام الإخبارية
تصدير المادة
المشاهدات : 15346
شـــــارك المادة
ثبت للشام وأهله مناقب بالكتاب والسنة وآثار العلماء، وهي أحد ما اعتمدته في تحضيضي على غزو التتار، وأمري لهم بلزوم دمشق، ونهيي لهم عن الفرار إلى مصر، واستدعائي للعسكر المصري إلى الشام، وتثبيت العسكر الشامي فيه، وقد جرت في ذلك فصول متعددة. وهذه المناقب أمور: إحداها؛ البركة فيه، ثبت ذلك بخمس آيات من كتاب الله تعالى:
1-قوله تعالى في قصة موسى: {قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131) وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)) "الأعراف: 129-137" ومعلوم أن بني إسرائيل إنما أورثوا مشارق أرض الشام ومغاربها بعد أن أغرق فرعون في اليم. 2- وقوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1))"الإسراء: وصوله إلى أرض الشام. 3- وقوله تعالى في قصة إبراهيم: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) "الأنبياء: 70-71" ومعلوم أن إبراهيم إنما نجاه الله ولوطاً إلى أرض الشام من أرض الجزيرة والعراق 4- وقوله تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)) "الأنبياء . وإنما كانت تجري إلى أرض الشام التي فيها مملكة سليمان.
5- وقوله تعالى في قصة سبأ: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)) سبأ وهو ما كان بين اليمن وبين قرى الشام من العمارة القديمة كما ذكره العلماء. فهذه خمسة نصوص حيث ذكر الله أرض الشام، في هجرة إبراهيم إليها، ومسرى الرسول- صلى الله عليه وسلم- إليها، وانتقال بين إسرائيل إليها، ومملكة سليمان بها، ومسير سبأ إليها، وصفها بأنها الأرض التي باركنا فيها. وأيضاً ففيها الطور الذي كلم الله عليه موسى والذي أقسم الله به في سورة الطور، وفي: (والتين والزيتون. وطور سينين) "التين: 1-2"، وفيها المسجد الأقصى، وفيها مبعث أنبياء بني إسرائيل، وإليها هجرة إبراهيم، وإليها معراج ومسرى نبينا "صلى الله عليه وسلم"، ومنها معراجه، وبها مُلكه، وعمود دينه وكتابه، والطائفة المنصورة من أمته، وإليها المحشر والمعاد. كما أن من مكة المبدأ، فمكة أم القرى من تحتها دحيت الأرض. والشام إليها يحشر الناس كما في قوله: (لأول الحشر) "الحشر:3" نبّه على الحشر الثاني، فمكة مبدأ وإيلياء"4" معاد في الخلق، وكذلك بدأ الأمر. فإنه أسرى بالرسول "صلى الله عليه وسلم" من مكة إلى إيلياء، ومبعثه ومخرج دينه من مكة، وكمال دينه وظهوره وتمامه حتى يملكه المهدي بالشام. فمكة هي الأول، والشام هي الآخر في الخلق والأمر، في الكلمات الكونية والدينية. ومن ذلك أن بها الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة التي ثبت فيها الحديث في الصحاح من حديث معاوية –رضي الله عنه- وغيره: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة"."5" وفيهما"6" عن معاذ بين جبل قال: "وهم بالشام". وفي تاريخ البخاري مرفوعاً قال: "وهم بدمشق". وفي صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يزال أهل الغرب ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة". وقال أحمد بن حنبل: أهل المغرب هم أهل الشام. وهو كما قال لوجهين: أحدهما: أن في سائر الحديث بيان أنهم أهل الشام. الثاني: أن لغة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأهل مدينته في (أهل الغرب( هم أهل الشام، ومن يغرب عنهم، كما أن لغتهم في (أهل المشرق) هم أهل نجد والعراق، فإن المغرب والمشرق من الأمور النسبية، فكل بلد له غرب قد يكون شرقاً لغيره، وله شرق قد يكون غرباً لغيره، فالاعتبار في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، لما كان غرباً وشرقاً له حيث تكلم بهذا الحديث وهي: المدينة. ومن علم حساب الأرض بطولها وعرضها علم أن: حرّان، والرقة، وسميساط على سمت مكة، وأن الفرات وما على جانبيها من البيرة على سمت المدينة بينهما في الطول درجتين لتبين فما كان غربي الفرات فهو غربي المدينة، وما كان ثَمّ شرقيها فهو شرقي المدينة. فأخبر (صلى الله عليه وسلم) أن أهل الغرب لا يزالون ظاهرين، وأما أهل الشرق فقد يظهرون تارة، ويُغلَبون أخرى، وهكذا هو الواقع، فإن الجيش الشامي ما زال منصوراً. وكان أهل المدينة يسمون الأوزاعي: إمام أهل الغرب،ويسمون الثوري شرقياً، ومن أهل الشرق. ومن ذلك أنها خيرة الله الأرض، وأن أهلها خيرة الله وخيرة أهل الأرض، واستدل أبو داود في سننه على ذلك بحديث كثير مثل: حديث عبد الله بن حوالة الأزدي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "ستجندون أجناداً؛ جنداً بالشام، وجنداً باليمن، وجنداً بالعراق". فقال الحوالي: يا رسول الله، اخترْ لي. قال: "عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها حزبه من عباده، فمن أبي فليلحق بيمنه، وليَسْقِ من غُدْره، فإن الله تكفّل لي بالشام وأهله". وكان الحوالي (راوي الحديث) يقول: من تكفّل الله به فلا ضيعة عليه. ففي هذا الحديث مناقب المهاجرة. وحديث عبد الله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قل: "سيكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم، وتقذرهم نفس الرحمن، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير"9"، تبيت معهم حيثما كانوا، وتقيل معهم حيثما قالوا." فقد أخبر أن خيار أهل الأرض من ألزمهم مهاجر إبراهيم، بخلاف من يأتي إليه ثم يذهب عنه، ومهاجر إبراهيم هي الشام. وفي هذا الحديث بشرى لأصحابنا الذين هاجروا من حرّان وغيرها إلى مهاجر إبراهيم، واتبعوا ملة إبراهيم، ودين نبيهم محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-. وبيان أن هذه الهجرة التي لهم بعد هجرة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى المدينة، لأن الهجرة إلى حيث يكون الرسول وآثاره، وقد جعل مهاجر إبراهيم تعدل مهاجر نبينا -صلى الله عليه وآله وسلم- فإن الهجرة إلى مهاجره انقطعت بفتح مكة ومن ذلك أن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها على الشام، كما في الصحيحمن حديث عبد الله بن عمر. ومن ذلك أن عمود الكتاب والإسلام بالشام كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "رأيتُ كأن عمود الكتاب أخِذ من تحت رأسي، فأتبعتُه بصري فذُهِب به إلى الشام" ومن ذلك أنها عقر دار المؤمنين، كما قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: "وعقر دار المؤمنين بالشام"" ولهذا استدللتُ لقوم من قضاة القضاة وغيرهم في فتن قام فيها علينا قوم من أهل الفجور والبدع الموصوفين بخصال المنافقين، لما خوّفونا منهم، فأخبرتُهم بهذا الحديث: "وأن منافقينا لا يغلبوا مؤمنين" وقد ظهر مصداق هذه النصوص النبوية على أكمل الوجوه في جهادنا للتتار، وأظهر الله للمسلمين صدق ما وعدناهم به، وبركة ما أمرناهم به، وكان ذلك فتحاً عظيماً ما رأى المسلمون مثله، مثل صرح مملكة التتار –التي أذلت أهل الإسلام، فإنهم لم يهزَموا أو يُغلَبوا كما غُلِبوا على باب دمشق في الغزوة الكبرى التي أنعم الله علينا فيها من النعم بما لا نحصيه خصوصاً وعموماً. والحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً، كما يحب ربنا ويرضاه، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله.
أسرة التحرير
محمد سرحيل
صالح الوادعي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة