..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

روسيا تهين الأسد مجدداً... وغياب غطائها الجوي يُترجم بحلب

محمد أمين

٢٠ يونيو ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3167

روسيا تهين الأسد مجدداً... وغياب غطائها الجوي يُترجم بحلب
5dcfe384a7ce35de5528ffda2b58f826_M.jpg

شـــــارك المادة

تكبّد حزب الله خسائر كبيرة في أرواح مقاتليه في الأيام الأخيرة على يد قوات المعارضة السورية، في المعارك الدائرة في ريف حلب الجنوبي، التي أدت إلى تراجع قوات النظام، وحزب الله، ومليشيات إيرانية، تراجع عزته مصادر إلى غياب الغطاء الجوي الروسي، في الوقت الذي أثارت فيه زيارة "مفاجئة" لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى سورية، أسئلة حول الطريقة التي بدأت موسكو تتعامل فيها مع الرئيس السوري بشار الأسد، تحديداً لجهة ضرب مصداقيته أمام حلفائه ومواليه.

في سياق خسائر حزب الله، تفيد مصادر في المعارضة السورية بأن "قوات حزب الله تكبّدت خلال يومي الجمعة والسبت، خسائر فادحة في الأرواح في معارك ريف حلب الجنوبي"، التي يُرجّح مراقبون أن تُبدّل الكثير من المعطيات العسكرية في شمال سورية، خصوصاً أن قوات المعارضة سيطرت على مواقع هامة منها قرية خلصة، وباتت أقرب إلى مركز المليشيات الإيرانية في بلدة الحاضر. بلدة تعتبر الهدف الأبرز لهذه القوات، التي استعادت زمام المبادرة مستغلة "خلافات دموية" بين قوات النظام من جهة، وقوات حزب الله من جهة أخرى، على خلفية اتهامات متبادلة بالتسبب بالهزائم المتلاحقة.
خسائر كبيرة للميليشيات:
من جهته، يشير الناشط الإعلامي عبد الكريم ليلى، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "نحو خمسين من قوات حزب الله، والمليشيات قُتلوا في معركة قرية خلصة وحدها"، موضحاً أن "جثث هؤلاء القتلى لا تزال مع قوات المعارضة، إضافة إلى سبعة أسرى من مليشيات عراقية، وقتيل ايراني، وآخر لبناني"، في هذا الإطار، اعترفت مواقع تابعة لحزب الله أنّ "16 عنصراً من الحزب، بينهم القيادي رمزي مغنية، قُتِلوا في المواجهات التي دارت على حدود بلدة خلصة"، مشيرةً إلى "انقطاع الاتصال بمجموعة كاملة، كانت موجودة على أطراف البلدة"، رجّحت مصادر وقوعها في كمين لقوات المعارضة.
وتُعدّ خسائر حزب الله في ريف حلب الجنوبي، الكبرى له منذ بدء انخراطه الرسمي في المعارك إلى جانب قوات النظام في مايو/أيار من عام 2013، إذ تحاول قوات هذا الحزب مع قوات إيرانية، وميليشيات عدة منذ أشهر الوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب، انطلاقاً من جنوب حلب، بغية تحقيق نصر إعلامي "يحفظ ماء وجهه أمام مناصريه". إلا أن المحاولات باءت بالفشل، وبات هذا الأمر بعيد المنال إثر الهزائم المتتابعة أمام قوات المعارضة السورية.
وعلى وقع هذه الهزائم، قام وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بزيارة غير متوقعة لبشار الأسد، وقال الأخير مرحباً به "لم أكن أعلم أنكم ستأتون شخصياً"، ما فتح الباب أمام أسئلة تتعلق بالطريقة التي يتعامل معها الروس مع حليفهم الأبرز في الشرق الأوسط، إذ تعمدت موسكو "إهانة الأسد مرتين، وضرب مصداقيته أمام حلفائه ومواليه"، وفق مراقبين. وتمّت إهانة الرئيس السوري في المرة الأولى حين استقبله الرئيس فلاديمير بوتين في موسكو، قبل بدء التدخل العسكري المباشر في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، إذ استُدعي وحيداً، ولم تتمّ له مراسم استقبال رسمية.
طريقة مهينة:
ويرى مراقبون أن الطريقة المهينة التي تعامل فيها وزير الدفاع الروسي مع بشار الأسد، تحمل العديد من الرسائل من موسكو للمجتمع الدولي، فهي "تريد تأكيد نفوذها المتنامي في سورية"، وأنها لا تزال المفتاح لباب الحل السياسي الذي ينهي مخاوف عواصم أوروبية من اتساع دائرة الصراع، ليصل إلى قلب القارة العجوز، التي لم تستطع فعل شيء في سورية، بسبب استفراد الروس والأميركيين بالملف، وعدم السماح لأطراف إقليمية ودولية في التدخل السياسي والعسكري المباشر.
في هذا الصدد، تكشف مصادر إعلامية مطلعة في موسكو، لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة شويغو هي جزء من ضغط روسي على بشار الأسد، كي يضبط العلاقة بين تصريحاته، وأعماله". وتشير المصادر إلى أن "موسكو تريد أن تتأكد من جديد إن كان الأسد صاحب قرار في سورية بالفعل، أم أن قدرته على الإمساك بكل خيوط السلطة بدأت بالتراجع، خصوصاً لجهة السيطرة على قواته"، لافتة إلى أن "هناك مؤشرات كثيرة أخذت تظهر في الآونة الأخيرة تثير الريبة لدى الروس"، وتشير إلى أن "موسكو تعلن تمديد الهدنة، وتبلغ الجانب السوري بذلك، إلا أن قوات النظام تتلقى البلاغ بالهدنة وكأنه أوامر تصعيد، فتبدأ بالقصف العنيف على منطقة الهدنة التي أعلنها الجانب الروسي. وقد تكرر الأمر في الآونة الأخيرة، خصوصاً في حلب، وريف دمشق". وبحسب مقطع مصور، بثّته قناة "روسيا اليوم" بنسختها العربية للزيارة، اعترف الأسد بأنه لم يكن يعلم بخصوص زيارة شويغو، حيث قال له عند استقباله "أنا سعيد جداً بلقائكم اليوم.. إنها مفاجأة سارة، أهلا بكم في سورية.. لم أكن أعلم أنكم ستأتون شخصياً"، إلا أنها سرعان ما حذفته وأعادت نشره على موقع "يوتيوب" بعدما اجتزأت منه كلام الأسد.
غضب روسي على الأسد:
وتسوق المصادر مثالاً آخر على "الغضب الروسي على بشار الأسد"، وهو المساعدات الإنسانية لمدينة داريا، جنوب غرب العاصمة دمشق، حين اضطر ضباط روس لمرافقة القافلة إلى الحاجز الأخير الذي يفصل قوات النظام عن قوات المعارضة، كي تتأكد موسكو أن المساعدات وصلت بالفعل، بالتالي، تُرجّح المصادر أن تكون زيارة شويغو في إطار نقل رسالة واضحة لبشار الأسد مفادها أن "للعملية العسكرية أهدافاً سياسية، وأن موسكو لن تقاتل إلى ما لا نهاية، وعلى الأسد أن ينصاع ويرضخ للأوامر الروسية، ويقبل بحل سياسي لا يرضيه".
من جانبه، يؤكد المحلل محمود الحمزة أن "الزيارة مرتبطة بالتطورات العسكرية والسياسية الأخيرة"، مبدياً اعتقاده في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "شويغو أبلغ الأسد رسالة من بوتين، بضرورة تعديل خطابه السياسي، وقبوله بحلّ تحت إشراف روسي، وليس إيراني"، وجاءت زيارة وزير الدفاع الروسي في خضم المعارك الدائرة جنوب حلب، حيث لم يشترك الطيران الروسي فيها مثلما شارك في معارك سبقتها، خصوصاً في ريف حلب الشمالي منذ أشهر.
وقتها قدّم الطيران الروسي غطاءً جوياً مكثفاً للمليشيات، التي تقاتل في ريف حلب الجنوبي، ما أدى إلى تعرّض الأخيرة لخسائر كبرى وتقهقرها في أكثر من مكان خلال اليومين الأخيرين، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن استياء "يسود في صفوف حزب الله والمسلحين الإيرانيين بسبب عدم مساندتهم من قبل الطائرات الروسية". ونقل المرصد عن مصادر لم يسمها أنه "في حال استمر غياب الدعم الجوي الروسي عن معارك ريف حلب الجنوبي، فإن قوات النظام والمسلحين الموالين لها قد يخسرون في أي وقت بلدة الحاضر بالريف الجنوبي لحلب".
ويبدو أن روسيا لا تبدي اهتماماً شديداً بالمعارك الدائرة في جنوب حلب، ما يؤكد أنها "معارك إيرانية" تدخل في سياق محاولات طهران الحثيثة، للتأكيد على أنها لا تزال لاعباً بارزاً في الميدان السوري، وأن التدخل الروسي المباشر لم يجعل منها أداة لتنفيذ مآرب غيرها، كما يذهب محللون.
ولم يعد خافياً أن هناك خلافاً جوهرياً بين موسكو وطهران، حيال المستقبل السياسي لبشار الأسد، إذ تصرّ الأخيرة على بقائه في السلطة، كونها تراه الضامن لمصالحها في المشرق العربي، كما يعتبره مسؤولون إيرانيون كبار بمثابة "خط أحمر" لن تسمح بتجاوزه، في حين لمّحت موسكو أكثر من مرة إلى أن مصير النظام يعنيها أكثر من مصير بشار الأسد.

 

 

 

 


العربي الجديد

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع