عبد العظيم عرنوس
تصدير المادة
المشاهدات : 6352
شـــــارك المادة
إن كنت أنسى فلا يمكن أن أنسى رغيف الخبز في طفولتي في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، ألمُ وذلُّ الوقوفِ في طابور الخبز المشؤوم لأكثر من ثلاث ساعات للحصول على حفنة من أرغفة الخبز في ظل النظام الأسدي الأب، وبعد هذا الوقوف الطويل إذ بالمفاجأة تعلن عن نفسها بانتهاء الخبز وإغلاق المخبز، فأخرج من المخبز خالي الوفاض حتى من خفي حنين تخنقني العبرات لتبدأ رحلة عذاب ثانية للبحث عن مخبز آخر ، وهكذا دواليك في كل يوم .
وإن كنت أنسى فلا أنسى مشهد تطاير أرغفة الخبز فوق رؤوسنا كأنها أطباق فضائية طائرة فيحاول كل فرد منا أن يتناوش شيئا من هذه الأطباق الفضائية الطائرة وكأنها عجيبة من عجائب الدهر، وأنَّى لطفل صغير نحيل ضعيف في مثل سنّي أن يحصل على طبق خبز طائر بوجود الرجال الأشدّاء، فكنت أشبع نهمتي وأعلل نفسي بمنظر طيرانها البديع، وأمتّع عيني برؤية هذه الأرغفة كأنها النجوم والكواكب في مداراتها, وكلٌّ في فلك يسبحون. ودار الزمن دورته، وتطوَّر المشهد ، فإذا بالأرغفة في ظل النظام الأسدي الابن تتعطَّل عن الطيران ، لأن طيرانا آخر دخل حلبة المنافسة ، طيران يلقي للجوعى الواقفين في الطوابير ليس أرغفة فضائيّة كالتي كنا نراها ونحاول تناوشها ؛ بل صواريخ مدمِّرة، وبراميل متفجِّرة، وقنابل حارقة، ليمزج ويعجن الطحين بدم الفطير النُّصيري الأسدي، وإن الرغيف ليستحيي أن يطير عندما تحلق طائرات حماة الديار؛ بل إنه ليخجل أن يطلَّ بوجهه أمام عجائن اللحم والدم التي تخبزها على عجل هاتيك الطابخات، لتطير أرواح هذه العجائن بسرعة الضوء والبرق مخترقة آفاق السموات العلى، متَّجهة صوب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، لتأكل وقد حظيت بالشهادة من خبز الجنة الذي لا يدانيه ولا يماثله كل خبز الدنيا. إنه عرس الشهادة الجماعي الذي تقام احتفالاته أمام أبواب المخابز، العرس الجماعي الفريد الذي لم يقم سوقه من قبل في دنيا الناس، أعراس شهداء المخابز التي لم تشهدها البشريّة من قبل ولا أظن أنها ستشهد مثلها. أعراس شهداء المخابز التي تستقدم لها عازفات القنابل وراقصات الطائرات وموسيقى البراميل المتفجرة ، وألعاب الصواريخ النارية. أعراس شهداء المخابز التي ابتدعها بشار وعصابته وتفتَّق عنها عقله الخبيث، وإن إبليس ليعجب ويغار من بشار كيف نافسه في ابتداع هذه البدعة النتنة!!
وكنت امرء من جند إبليس فارتقى *** بي الدهر حتى صار إبليس من جندي فلو مات قبلي كنت أحسن بعده *** طرائق فسق ليس يحسنها بعدي
هذه يا سادة أعراسنا!! فهلا متَّع العالم الحر ناظريه برؤيتها، وهلا ابتهج مجلس الأمن بأعراسنا، وهلا سعى بان كي مون لحضورها حتى يزول عنه القلق.. فليتفضل الجميع لشهود أعراسنا قبل نفاد التذاكر، وحتى لا ينزعجوا نوصيهم ألا يصطحبوا معهم الأطفال.
رابطة العلماء السوريين
مهدي الحموي
علي بركات أسعد
صالح عبد الله السليمان
فداء السيد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة