بدر الدين حسن قربي
تصدير المادة
المشاهدات : 7206
شـــــارك المادة
في حديث للأستاذ ميشيل كيلو، اعتبر فيه أن السوريين دخلوا الربع الأخير من الأزمة في سوريا مع اقتراب تدمير دمشق وحلب، باعتبار أن الأسد لن يتنحى قبل الإتمام عليهما كلياً. وقال: الأسد يقول في العلن أنّه سيبقى، لكنّه أبلغ الروس مؤخرا أنّه يستعد للرحيل. وقد وصف كيلو المرحلة الحالية بـمنتهى الخطورة باعتبار انّه يتم فيها تدمير سوريا بالكامل حجراً وبشراً.
ورغم أنه لم يمض على الكلام غير أيام معدودات، فإذا بجنده وشبيحته يُشعلون النار في المسجد الأموي الكبير الذي هو أحد أشهر المعالم الدينية والأثرية للمدينة التاريخية حلب الشهباء مع انسحابهم منه تحقيقاً لبعضٍ من شعار يبقى الأسد أو نحرق البلد. ولربط الأمور ببعضها وفهم ما انتهت إليه الأمور من فاحشة حريق الجامع من بعد جرائم حرائق الأسواق التاريخية المحيطة به قبل قرابة أسبوعين، فإننا نذكّر بأنه تم اعتقال فضيلة الشيخ يوسف هنداوي مدير الجامع الأموي يوم الثلاثاء الرابع من أيلول/سبتمبر الماضي لاعتراضه على قيام أفراد من قوات النظام وشبيحته المتمركزين داخل المسجد والمتمترسين فيه بشرب الخمر في ساحته. وإنما ردهم القاسي عليه ومواجهتهم له، دفعه للاتصال بمحافظ حلب الذي وعده بأن هذا الأمر مرفوض تماماً وسيتم التوجيه لحل المشكلة فوراً. ويبدو أن الذي حصل بعد تنبيههم أو توبيخهم بطريقة ما، دفعهم من جديد إلى استفزاز الشيخ شفهياً أثناء خروجه من المسجد، ومن ثم مجادلته لهم، وهو ما استتبع اعتداءهم عليه واعتقاله لدى المخابرات الجوية السيئة السمعة رغم أنه رجل دين لاعلاقة له بالمسائل الجوية. نبأ اعتقال الشيخ هنداوي كواحد من أشهر علماء حلب وعضو دائرة الإفتاء فيها، وكونه مدرس في ثانويتها الشرعية، وخطيب الجمعة في مسجد الإمام أبي حنيفة، أثار عدداً من علماء حلب لتصل المسألة إلى وساطة الشيخ البوطي، وتدخل مفتي الجمهورية أحمد حسون لإطلاق سراحه، وإنما بدون فائدة لأن رد بشار الأسد فيما يتناقله الحلبيون كان بأنه يثق بضباطه وفي حال لم يسيء الشيخ إلى البلد، فسيتم إطلاق سراحه. وعليه، فإن الذي لم يعجب الشيخ هنداوي من قبيحة كبيرة شرب المسكرات وسط المسجد الشهر الماضي، فاستنكره، واشتكى به إلى من يعتقد أنه يهمه الأمر، وأوصله ليكون في أحد أقبية المخابرات، قد بات من ماضي الشبيحة وفعالهم القميئة، بعد أن أشعلوا الحريق فيه، وتوقف الأذان فيه يومها للمرة الأولى في تاريخ المسجد المحروق منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً متواصلة. ومن ثم، فلئن أحرق الصهاينة بعضاً من الإضافات الكبيرة للخليفة الأموي عبدالملك بن مروان على بناء الأقصى وبصماته المعمارية فيه، فإن النظام السوري وشبيحته مشياً على طريقة الصهاينة وتأسياً بما فعلوه قبل أكثر من أربعة عقود في حرق بعض معالم المسجد الأقصى، فلم يقصّروا في حرق حرم مسجد حلب الأموي الذي شيّده من بعده ولده الخليفة سليمان. حرق المسجد الكبير في حلب، ودمار قرابة سبعين مسجداً من قبله وخمسة كنائس في عموم البلدان السورية الثائرة. تدمير معظم المدن الرئيسة والبلدات السورية والأرياف مما لايعرفه السورييون في تاريخهم القديم والحديث. قتل الآلاف من أطفالنا ونسائنا عدا عن عشرات الآلاف من مواطنينا قتلاً وذبحاً وقصفاً وحرقاً وأمثالهم من المعتقلين، ومئات الألوف من المشردين والنازحين. تدمير الأسواق التاريخية والأثرية لمدينة حلب وغيرها للعديد من الأماكن والأوابد الحضارية مسجداً وكنيسة وسوقاً وقلعة وأبنية. تواصل أعمال القصف الوحشي والقتل اليومي يؤكد توجه النظام الفاشي وشبيحته إلى حرق الأخضر السوري ويابسه إنساناً وحجراً تحقيقاً لشعار قالوه وأكّدوه: الأسد أو لا أحد، وإنما تأكيده الأبلغ وإعلانه الأكبر في العالمين عدم انتمائه إلى سوريا إنساناً وشعباً وتاريخاً وحضارة. إن تدمير النظام لأسواق حلب ومسجدها إعلان عن سقوطه فيها، وإن تدميره القادم لأسواق دمشق ومسجدها الأموي إعلان صريح وفصيح عن سقوطه فيها وتأكيد لرحيله إلى الأبد من حياة السوريين إلا أن يتداركوا ذلك، فيُقضى عليه قبل أن يُقضى عليها، وإلا فقد يتحقق لقامع السوريين وقاتلهم وسارقهم تمام إنجاز الوعد بدمار البلد.
المصدر: رابطة العلماء السوريين
محمد عياش الكبيسي
سلوى الوفائي
أبو طلحة الحولي
علي الصراف
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة