..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

الاقتصاد الروسي يدفع ثمن "مغامرات بوتين" في سوريا

محمد الأخضر

٢٥ نوفمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2890

الاقتصاد الروسي يدفع ثمن

شـــــارك المادة

في الوقت الذي ما زالت فيه روسيا تعاني من تبعات إسقاط طائرتها المدنية في سيناء، أواخر الشهر الماضي، ومقتل جميع ركابها البالغ عددهم 224 راكباً، على يد تنظيم "داعش"، الذي أعلن عن تبنيه العملية رداً على الحرب التي تشنها روسيا على الأراضي السورية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء، عن إسقاط طائرة حربية تابعة لها من طراز "سو-24" تابعة لمجموعة مقاتلاتها في سوريا على يد سلاح الجو التركي.

 

يأتي هذا في ظل تنامي التساؤلات التي يطلقها خبراء ومحللون، حول ما ستؤول إليه الأوضاع الأمنية والاقتصادية الروسية في ظل "مغامرات بوتين" في سوريا ودعمه اللامحدود لنظام بشار الأسد، حيث يرى مراقبون أن الحادثتين المتعاقبتين تمثلان بعداً أمنياً خطيراً يضاف لتبعات تأثر الاقتصاد الروسي المتردي في الفترة الأخيرة على وقع التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، واستمرار العقوبات الغربية ضد موسكو، فضلاً عن الأزمة في أوكرانيا والتي لم تفق روسيا من تداعياتها حتى الآن.
إطالة الحرب في سوريا:
فمنذ أواخر سبتمبر الماضي، تقوم القوات الروسية بعمليات جوية على الأراضي السورية، وبصفة يومية توجه ضربات لمواقع المعارضة السورية وأماكن سيطرة تنظيم داعش، نتج عنها سقوط ضحايا من المدنيين بحسب تقارير صحفية، ومنذ ذلك الحين، أثيرت العديد من تساؤلات حول إمكانية الروس إطالة أمد حربهم هناك دعما لحليفهم الاستراتيجي بشار الأسد، في وقت تراجعت فيه أسعار النفط العالمية بصورة كبيرة، الأمر الذي أثر على اقتصاديات مُصدري النفط في العالم ومن بينهم روسيا.
واستشرافاً للمستقبل، تباينت آراء الخبراء والمراقبون فيما يتعلق بالتأثيرات المحتملة للتدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، على اقتصادها الذي يمر بعثرات أمام العقوبات التي فرضتها أمريكا والاتحاد الأوروبي، وانخفاض أسعار الطاقة على مستوى العالم، ففي الوقت الذي يعول الكثير من خبراء السياسية والاقتصاد على أن الاقتصاد وحده سيكون عاملا كافيا لهزيمة الحملة العسكرية التي تشنها روسيا على الأراضي السوري، يرى شارباتولو سوديكوف، الخبير بمركز البحوث العسكرية - السياسية في معهد موسكو للعلاقات الدولية، وبحسب وكالة الأناضول، أن العمليات العسكرية في سوريا لم تؤثر بشكل فعال على اقتصاد البلاد، لأنها غير منفصلة عن موازنة الصناعات الدفاعية.
كما أنه وفقا لـ" سوديكوف " فإن روسيا تنتج أسلحة وذخائر ولا تستعملها لعدم وجود حرب، ومن ثم يتم إتلاف تلك الذخائر لدى انتهاء مدى صلاحيتها، وعليه فهي تستخدمها حالياً في حربها على سوريا، فضلاً عن أن الوقود المستخدم في العمليات لن يكلف أكثر مما يتم إنفاقه في عمليات الطيران التدريبية.
فاتورة باهظة الثمن:
على النقيض، يرى فريق آخر، تمثله الخبيرة الاقتصادية بجامعة موسكو "إيرينا فيليبفا" التي قالت في تصريحات إعلامية سابقة، إن فاتورة الخسائر التي سيتحملها الاقتصاد الروسي بسبب التدخل العسكري في سوريا، ستكون "باهظة الثمن"، حيث اعتبرت "فيليبفا"، أن قرار التدخل المباشر في سوريا "لم يكن صائباً"، في ظل الأزمات الخانقة التي يمر بها الاقتصاد الروسي، بعد العقوبات الغربية وأزمة أوكرانيا.

مشيرة إلى أن التدخل العسكري يتطلب زيادة الإنفاق العسكري، وتقليص الإنفاق على قطاعات حيوية كالصحة والتعليم، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمجتمع الروسي.
إعلام مضلل:
من جانبه يرى الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط "أندريه ستيبانوف" وفق تقرير نشره الجزيرة نت، إن إعلام بلاده يمارس التضليل والكذب العلني تجاه ما يحدث في سوريا، ولا يقدم صورة حقيقية للجرائم التي يرتكبها نظام بشار الأسد بحق المدنيين العزل، وكشف "ستيبانوف" أن الشعب الروسي يعارض التدخل العسكري بسوريا، مستشهدا باستطلاع رأي أظهر أن ما يزيد على 69% من الروس عارضوا التدخل العسكري بالشأن السوري.
أفغانستان جديدة:
الخبيرة في السياسات الروسيّة تجاه الشرق الأوسط "آنّا بورشفسكايا" من "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" ذكرت وفق النهار اللبنانية، أن هناك أصوات مناهضة للكرملين بسبب القلق من أن تصبح سوريا أفغانستان جديدة لروسيا، مشيرة إلى أن أوجه الشبه في الحالتين واضحة، سواء كان بالنسبة للأزمة الاقتصاديّة العميقة أو النفقات العسكريّة الضخمة.
فيما تساءل النائب في مجلس الدوما "غينادي غودكوف" مؤخراً عبر صفحته على "فيس بوك" عن السبب الذي يدفع الجنود الروس الى الدفاع عن نظام السوري بدون موافقة البرلمان، موضحاً أن النواب ظنوا أن إخفاء حجم الخسائر العسكرية الروسية واعتبارها "أسرار الدولة"، كان إجراءً خاصاً بأوكرانيا، لكنه اتضح أنه فيما بعد أنه يشمل التدخل في سوريا أيضاً.
مغامرة "بوتين" بالأرقام:
ويرى مراقبون أن شغف "بوتين" ومغامراته نحو استعادة الإمبراطورية السوفيتية، في ظل الأوضاع الحالية للاقتصاد الروسي، الذي لا يتجاوز 3% من حجم الاقتصاد العالمي، وما صاحبها من زيادة في حجم الإنفاق العسكري، يعمق جراح الاقتصاد المثقل في الأساس بنفقات الدفاع التي تتجاوز خُمس الموازنة على حساب التعليم والصحة وغيرها.
حيث تشير التقارير والإحصائيات إلى أن حجم الإنفاق العسكري الروسي بلغ 84 مليار دولار في العام الماضي مقابل 610 مليارات في الولايات المتحدة، وعليه يرى محللون أن "مغامرة بوتين" في سوريا لتثبيت قدمه في المنطقة، ومناطحة الوجود الأمريكي في الخليج "مكلفة جدا ومن الصعب أن يتحملها اقتصاد روسيا".
معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، نقل في تقريره الصادر في سبتمبر الماضي، عن خبراء روس، قلقهم من حجم الإنفاق العسكري المتزايد في روسيا والذي يجري على حساب النمو الاقتصادي والاستثمارات الضرورية في مجال البنى التحتية.
ونقل التقرير عن الخبير الاقتصادي الروسي "سيرغي غورييف" قوله أن الكرملين لن يستطيع تحمل حجم الإنفاق العسكري الحالي، وأن روسيا أنفقت خلال الفترة الماضية أكثر من نصف مجموع ميزانيتها العسكرية لعام 2015، وحذر غورييف من أن استمرار الإنفاق بهذا المعدل، سوف يؤثر على صندوق روسيا الاحتياطي بشكل خطير قبل نهاية العام الحالي.
فاتورة الحرب على سوريا:
من جانبه أفاد "ألكس كوكشاروف" المحلل البارز في مؤسسة البحوث الدولية "اي اتش اس" في تصريحات سابقة لوكالة الأناضول أن تكلفة العمليات العسكرية لروسيا في سوريا للفترة بين 30 سبتمبر و20 أكتوبر الماضي، تراوحت بين 80 إلى 115 مليون دولار أميركي، موضحا أن هذه الأرقام تشمل فقط الأيام العشرين الأولى من العمليات العسكرية الروسية في سوريا، معرباً عن اعتقاده أن الزيادة في الإنفاق العسكري الروسي تشكل ضغطاً على اقتصاد البلاد.
ووفقاً لأرقام مؤسسة البحوث الدولية، وبحسب وكالة الأناضول، فإن تكلفة الغارات الجوية لروسيا وحشدها العسكري في سوريا، يبلغ بين 2.4 و 4 ملايين دولار يوميا، فيما يعتقد أن التكلفة اليومية لتحليق المقاتلات الروسية بمعدل 90 دقيقة، والمروحيات قرابة الساعة، ارتفع إلى 710 ألف دولار، كما أن الطائرات الحربية الروسية تلقي يوميا قنابل وقذائف تقدر تكلفتها بنحو 750 ألف دولار.
كما تبلغ النفقات اللوجستية اليومية لقرابة 1500 عسكري روسي في سوريا، 440 ألف دولار، وتصل التكلفة اليومية للوحدات الموجوة في قاعدة طرطوس على البحر المتوسط في سوريا، والقاعدة في بحر قزوين قرابة 200 ألف دولار، بينما يعتقد أن ترتفع كلفة النفقات اليومية للأنشطة الاستخباراتية، والاتصالات، والأمور اللوجستية الأخرى لروسيا في سوريا إلى 250 ألف دولار.
من جهته، اعتبر مؤسس "حزب 5 ديسمبر" الروسي، سيرغي دافيديس أن التدخل العسكري الروسي في سوريا سيكون له تأثيرات على اقتصاد البلاد، مشيراً إلى إنه حتى وإن لم تبدو نفقات الغارات الروسية في سوريا كبيرةً إلا أن روسيا في حالة حرب، وهذا يعني تخصيص موازنة أكبر للصناعات العسكرية، مما يؤدي إلى الاستقطاع من مخصصات الخدمات الاجتماعية، لصالح الصناعات العسكرية، وهو ما سينعكس على نفقات المواطنين.
الخطر الأمني على الداخل الروسي:
يحذر الخبراء من خطر حدوث عمليات إرهابية تطال الداخل الروسي كعقاب نتيجة التدخل في سوريا، فوفقاً لموقع دويتشة فيله الألماني، وصحيفة موسكو تايمز الروسية قال الخبير وقائد وحدة "ألفا" الخاصة لمكافحة الإرهاب "سيرغي غونجاروف" قوله "هناك إسلاميون، جهاديون، مسلمون متطرفون، سيحاولون الرد على الخطوات الروسية في سوريا".
ويرى المحللون أن الخطر الذي يهدد الأراضي الروسية يمكن أن يأتي من دول آسيا الوسطى والتي خرج منها وفقا لصحيفة نيويرك تايمز، حوالي خمسة آلاف رجل إلى تركيا بحجة العمل، ومن هناك انتقلوا إلى سوريا للقتال في صفوف "الدولة الإسلامية".
يذكر أن الاقتصاد الروسي، انكمش بنسبة 4.3% خلال الربع الثالث من العام الحالي، بحسب تصريحات "أليكسي فيديف" نائب وزير الاقتصاد الروسي، لوكالة الأنباء الروسية، ويأتي هذا في الوقت التي تستمر فيه معاناة اقتصاد بلاده من تأثيرات العقوبات الغربية وهبوط أسعار النفط، وفاتورة الأزمة في أوكرانيا وسوريا.
وكان "فيديف" قد أوضح الشهر الماضي، أن التقديرات تشير إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 4.3% في الربع الثالث، ليهبط بحوالي 3.8% في سبتمبر مقارنة بـ 4.6% في أغسطس الماضي، مشيراً إلى أن الاقتصاد قد انكمش في أول 9 أشهر من 2015 بنسبة 3.8% مقارنة بنفس الفترة من عام 2014.

 

 

 

 

 

الشرق القطرية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع