..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

مأساة الإنسان في حيّ الميدان – حمص

سلوى الوفائي

١٤ يوليو ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7331

مأساة الإنسان في حيّ الميدان – حمص
1.jpg

شـــــارك المادة

في الميدان أرواح تئّن ...جار عليها الزمان ، ترزح تحت الحصار، في الميدان، لم يعد هناك وجود لملامح الإنسان، فقد غاب في ذاكرة الحرب التي لا تبق و لا تذر ، نسيته عدسة شاب حمصي تلتقط الصور لتخلد المأساة لمدينة شقّت طريقاً نحو القمم وسط بركان النار و زلزال الحقد الأسود، نسيته كميرات الناشطين فلم يوثقوا كم شهيد ودّع، و كم جريح يداوي و كم طفل جاع و عطش و لم يجد من يروي ظمأه، لماذا يصبح الإنسان نسياً منسياً و مازال يتنفس رائحة القذائف و الحرائق و قد خالطت عبق دماء الشهداء؟

 

ربّما لأنّ حمص أصبحت الآن كلّها تحت الحصار ، ربّما لأنّ بعض أحيائها أصبحت أكثر نكبة و أكثر جوعاً و أكثر بعداً عن عالم الإنسانية، لكنّ الحمم البركانية التي تلفظها مدافع الطغاة وصلت إلى كلّ ركن احتمينا فيه نتفيأ ظلّه من حرّ الشمس و نستظلّ به من أمطار كانون، وصلت إلى كلّ رصيف مشينا عليه نتسامر ، نضحك، نتبادل الحبّ و الرحمة و نوزّع ابتسامات المودة على كلّ أطفال الحارات المارة على الدروب العتيقة، حمم البركان لم ترحم حيّ الميدان و أهله فتركت أكثر من 800 عائلة في حالة من الرعب و الفقر و الجوع و الحاجة، و تركت الأهل عرضة للتشبيح المستمر ، فلم يبق بيت لم يعيثوا فيه فساداً، حتى وصل الحدّ إلى طرد الأهالي من بيوتها لتصبح جاهزة للنهب و السرقة ، تمتدّ يدّ الشبيحة إليها لتنهب خيراتها و تحمّلها في وضح النهار في شاحناتها و تمضي بها إمعاناً بالظلم و القهر و الاستغلال، لقد أعلنت الحكومة فقرها فكفّت عن دفع رواتب الشبيحة و قالت لهم البلد كلّها تحت تصرفكم ... انهبوا ما شئتم و اسرقوا ما شئتم لا عين رأت و لا أذن سمعت ، لقد أطلق الوحش عنانه و فتح المجال لكلّ نوازع الشرّ داخله لتتحرر من عقال القوانين فحين يأمن الشرّ العقوبة يفعل ما يشاء، هكذا علّمتنا سير الرحّالة إلى الأراضي البعيدة ، هكذا نهب الأوربيون إفريقيا ، حين جاؤوها يحملون مشاعل النور يدّعون مدّ جسور الحضارة إليها، و تحرير الإنسان من الجهل و الفقر ، و رفعه إلى سوية الحضارة الأوروبية المزعومة ، فأخذتهم العزة بالإثم ، و سادوا و مادوا و استيقظ الوحش النائم في قلب حضارتهم المزعومة، كيف لا يصحو و قد بهرته كنوز أفريقيا ، بهرته سواحل العاج ، و مناجم الألماس؟ أرضٌ تزخر بالكنوز الدفينة، و رجال يزخرون بالأطماع الدفينة، معادلة حاصل جمعها وحش كاسر استعبد البسطاء، لدرجة تأليهه ، و اتخذ من جلودهم خيمة، و من عظامهم أوتاداً و من جماجمهم كؤوساً يشرب بها نخب انتصاراته المنحطّة، هكذا في غفلة عن الرقابة و القانون الضابط لسلوك البشرية، يحصل الانعتاق الأسوأ لكلّ قوى الشرّ الكامنة. تلك هي قوى الشرّ التي أطلقها الأسد في شبيحته و قال لهم " امضوا على خطا الشيطان ..." الميدان تستصرخ أهل النخوة .... ارفعوا الحصار عن الميدان، احموا الأهالي من عبث العابثين ، من إهانات القذرين على الحواجز الأمنية، من قنص القناصين المتمركزين فوق رؤوس الأهالي، من قذائف الهاون الموجّهة إليهم من المدافع المتمركزة في حديقة جامع الدروبي التي سيطر عليها أذناب الأسد، الأهالي في حصار خانق، حتى الشباب يعجزون عن الحركة، لم يخرجوا في مظاهرة واحدة منذ أسابيع بسبب الحصار الخانق، و آخر جمعة دخل عليهم الشبيحة بالهراوات و أمعنوهم ضرباً لمنعهم من التظاهر، لا تنسوا أخوة لكم على شفا الموت المحتّم هلعاً و جوعاً ... الميدان تنادي أبطال الجيش الحرّ ....

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع