الجزيرة نت
تصدير المادة
المشاهدات : 3116
شـــــارك المادة
مثل كل السوريين تعرض الأطباء في حلب لعمليات قتل واعتقال واضطهاد، فاستهدفوا بعمليات تصفية جسدية، وجهت فيها أصابع الاتهام للنظام السوري، لكن الثورة كانت في بدايتها فقيدت ضد مجهول.
يقول الطبيب محمود المحمد من ريف حلب الشرقي "أعرف الكثير من الزملاء الذين قرروا الهجرة بعد مقتل الزميل صخر حلاق في حلب، والتمثيل بجثته، حيث أدرك الزملاء أن البلاد مقبلة على أحداث خطيرة لا مكان فيها لصوت العقل، ولا احترام للعلم". وأضاف في حديث للجزيرة نت، "لم يكن مقتل الطبيب صخر حالة فردية، فقد توالت عمليات القتل والخطف، وأصبحت تحدث علناً كما حصل مع الطبيب عبد الباسط عرجة في مدينة حلب أيضاً، ومع الطبيب نور مكتبي في سجون النظام، وتمت ملاحقة كل معارض أو عامل في مستشفى ميداني". أهداف للعصابات: ومع سيطرة الثوار على الكثير من أحياء حلب والريف الشمالي والشرقي، لم يتحسن حال الأطباء، فقد جعلتهم حالة البحبوحة التي يعيشونها هدفاً ومطمعاً للعصابات المسلحة، التي استغلت الفراغ الأمني، إذ لا يمر أسبوع دون حادثة خطف لطبيب للحصول على فدية، ووجد كثير من أطباء حلب وريفها في الهجرة مخرجاً وملجأ مناسباً بعد أن أصبحوا على قائمة المطلوبين للنظام وللعصابات الإجرامية معاً. وبقدر ما توافرت العوامل الطاردة في سوريا، توافرت أيضاً عوامل الجذب والإغراء في الغرب حيث المميزات والرواتب المرتفعة، خاصة لأصحاب الاختصاصات النادرة والتخصصات الدقيقة. تنظيم الدولة: يقول الطبيب (أحمد م) من ريف حلب الشرقي الخاضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية إنه قرر الهجرة وإكمال تخصصه في جراحة القلب، "فالوضع هنا لا يساعدني على إكمال تخصصي في جامعات سوريا كوني مطلوباً للنظام، وتنظيم الدولة قيد حريتنا في كل شيء تقريباً، والطبيب غير المتخصص لا مستقبل له، وألمانيا هي وجهتي". مئات الأطباء تركوا المستشفيات النظامية والميدانية في حلب وريفها، وغادروا مناطق سيطرة النظام، والمناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الحر أيضاً، وتلك التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، وكانت وجهتهم أوروبا طلباً للأمان والوضع المادي الأفضل. لكن عدداً من الأطباء رفض الهجرة، وفضل مواجهة الخيارات المرة. يقول الطبيب (محمود س) من مدينة الباب، "فكرت بالهجرة لكني لم أستطع اتخاذ القرار، إذ شعرت أن فيه خيانة للوطن، خاصة بعدما رأيت زملاء من مصر ودول أخرى يأتون لعلاج السوريين". اضطهاد وصمود: ولم تشفع هذه الغيرة لعدد من الأطباء، فقام تنظيم الدولة الإسلامية باعتقال الطبيب أبو ريان وقتله، كما اعتقل الطبيب (م الحامض) بعد عودته من المهجر إلى سوريا، ليعمل متطوعاً بريف حلب، ولا يزال مصيره مجهولاً. وفرض تنظيم الدولة مبالغ مالية جزية على الأطباء من الديانة المسيحية، والزكاة على زملائهم المسلمين، ورغم ذلك استمر كثير من الأطباء في عملهم ومنهم الطبيب الأرمني (فاسكين) الذي آثر البقاء للعمل في المستشفى الوطني، وفي مدينة منبج رغم تعرض عيادته للسرقة. وزاد تنظيم الدولة الإسلامية من مضايقاته للأطباء حتى وصل الأمر إلى إلزام أصحاب التخصص بالدوام ساعات طويلة في المستشفيات العامة، ومعالجة عناصر التنظيم فيها مجاناً، وهذا ما وصفه الطبيب (حسن ع) من مدينة منبج بأنه خطأ كبير، حيث لا يمكن للطبيب أن يعمل في ظل الإجهاد. المواطن ضحية: ويشهد الوضع الصحي انحداراً غير مسبوق، ولا سيما بعد قرارات تنظيم الدولة وممارساته بحق الأطباء وسيطرته على المشافي الوطنية، وتخصيص أغلبية أسرتها لعناصره، وإغلاقه بعض المشافي والعيادات بدعاوى مختلفة، كما حصل مع مستشفى الهلال الأحمر القطري الذي قدم الكثير لمناطق ريف حلب الشرقي. ويدفع المواطن السوري فاتورة هجرة الأطباء، وتردي الوضع الصحي، وتدمير المشافي، وانعدام الوسائل البديلة، فقد عادت أمراض ظنها السوريون ولت إلى غير رجعة، وحصلت وفيات كثيرة نتيجة غياب الأطباء، فضلاً عن العاهات التي يسببها القصف، والتي كان يمكن تدارك تفاقم الكثير منها قبل أن تتحول إلى عاهات دائمة لو وجد الطبيب المتخصص.
جلال بكور
الرياض
كلنا شركاء
المرصد الاستراتيجي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة