نذير رضا
تصدير المادة
المشاهدات : 3042
شـــــارك المادة
أنهى الصراع السوري على نحو 75 في المائة من القطاعات الاقتصادية الحيوية في البلاد، وأجبر معظم الحرفيين الذين تضررت مصانعهم ومصالحهم على حمل السلاح، فيما أجبر أبناء الأرياف في المناطق الزراعية على حمل السلاح بهدف حماية عائلاتهم وأرزاقهم، وسط وضع متوتر، مما دفعهم لتجميد أعمالهم.
وبرز الحرفيون في صدارة المقاتلين في ريف دمشق وحلب، على ضوء ملاحقتهم من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام. وتقلص العمل في القطاعين الصناعي والزراعي في البلاد إلى مستويات منخفضة جداً، منذ بدء الأزمة في مارس (آذار) 2011، نتيجة الأعمال العسكرية التي تلف البلاد، وحملات الاعتقال والقصف المتبادل، إضافة إلى سيطرة تنظيم "داعش" على أكثر من ثلث البلاد، مما أجبر معظم السكان على النزوح، علما أن المنطقة التي يسيطر عليها التنظيم في شمال وشرق سوريا، تعد خزان البلاد من الحبوب والمنتجات الزراعية الموسمية. تأثر العمالة الريفية: ويؤكد رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا" والمستشار الاقتصادي أسامة قاضي لـ"الشرق الأوسط" أن التقديرات تشير إلى أن العمالة الريفية على مدى 4 سنوات "تأثر أكثر من 75 في المائة منها على ضوء الحراك الثوري"، لافتاً إلى أن "المنخرطين من السوريين هجروا أرضهم ما بين سجين ومصاب ومعوق وقتيل وثائر مسلح، كذلك غير المنخرطين، لكن الذين بلغهم بطش النظام وتأثروا بالقوى العسكرية الأخرى قد بات إما نازحاً أو مهاجراً". ويشير القاضي إلى أن عدداً قليلاً من العمال في الأرياف "لا يزال في أرضه ويعاني من قلة المياه والكهرباء التي تساعد المضخات على ري الأراضي وتسميمها بالمواد الكيماوية من جراء الكميات الهائلة من القذائف التي رميت فيها، وخصوصاً في المعرة والغوطة وغيرهما". فضلاً عن "قلة البذار والسماد وبات ما تبقى من قاطني الأرياف السورية والذين كانوا يشكلون أكثر من 50 في المائة من السوريين، يعيشون في أقسى حالات شظف العيش"، لافتاً إلى أنّ "بعض الأرياف لم تعد قابلة للحياة أصلاً"، وتشير تقارير إلى أن مناطق سهل حوران والجزيرة التي تعد السلة الغذائية لسوريا، "تدنت فيها الإنتاجية إلى أقل من النصف بفعل المعارك في جنوب البلاد، وسيطرة (داعش) شمال وشرق البلاد. علما أن المنطقتين "تنتجان كميات كبيرة من الحبوب والقمح والقطن"، أما الزراعات الشهرية، مثل الخضار، فقد تدنت بشكل كبير في ريف دمشق وحلب وسهل الغاب في حماه بسبب المعارك المتواصلة بين قوات النظام والمعارضة. القطاع الاقتصادي: وأصيبت القطاعات الاقتصادية بشبه شلل كامل، كما يقول القاضي، موضحاً أن "معظم القطاعات تعمل بربع إنتاجيتها وبالحد الأدنى، وفي ظروف انعدام الأمن"، ويوضح أن "أرياف حلب وإدلب والمناطق الشرقية كلها وهي السلة الغذائية السورية تعيش حالات انعدام أمن مخيفة"، كما ينطبق ذلك على ريف دمشق وريف حماه وريف حمص ودرعا. القطاع الصناعي: أما القطاع الصناعي، فتشير التقديرات إلى أنه يعمل "بأقل من ربع إنتاجيته ويعاني من انعدام الأمن على الطرقات بين المحافظات وارتفاع أسعار الوقود فضلاً عن انعدام أمن المناطق الصناعية"، كما يقول القاضي. فمنطقة الشيخ النجار، وهي أكبر المناطق الصناعية في حلب، "تعرضت ولا تزال لقصف ممنهج من قبل النظام فضلاً عن القيام بعمليات النهب والسطو والتدمير والاستيلاء من قبل بعض العصابات أكثر من مرة مما ساهم في انخفاض عدد المصانع في المنطقة من أكثر من 1500 مصنع إلى أقل من 300 ووصل إلى 150 مصنعاً يعمل فقط". وتلتقي نسبة تدني الموارد الصناعية والزراعية، مع نسبة البطالة في البلاد، إذ أشار المنتدى الاقتصادي السوري إلى أن معدلات البطالة في القطاع الخاص الذي يشغل 3.682 مليون عامل، ارتفعت في عام 2013 إلى أكثر من 75 في المائة نتيجة تراجع المشاريع الاستثمارية بنسبة 50 في المائة. ودفع واقع الحرب المزارعين والحرفيين إلى حمل السلاح، بهدف الدفاع عن أنفسهم، وقتال النظام الذي نفّذ حملات واسعة في جميع أنحاء سوريا لاعتقال المعارضين. قرار حمل السلاح دفاعاً عن النفس: ويقول رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي لـ"الشرق الأوسط" إن المزارعين في المناطق الريفية، اتخذوا قراراً بحمل السلاح والقتال بهدف الدفاع عن أنفسهم، ومقارعة القوات النظامية التي كانت تدخل وتحرق المحاصيل، وتنفذ حملات دهم في المنازل"، مشدداً على أن هذا القرار "جاء تلقائياً وأجبروا عليه، علماً أنهم لم يكونوا مقاتلين في الأساس". ولا ينفي ريحاوي أن ظاهرة الاتجاه إلى حمل السلاح، "عمت معظم أطياف الشعب السوري، سواءً أكان موالياً للنظام أو معارضاً"، وذلك يرجع إلى أن "تفلت الأمن في مناطق كثيرة، وبينها المناطق المحررة، أنتج موجة من اللصوص والشبيحة، مما اضطر معظم السوريين لحمل السلاح". وأشار إلى أن "الأزمة الاجتماعية القاتلة شملت كل السوريين، حيث بات السوريون فريقين، وهو من أخطر نتائج الحرب الراهنة، والتي سنواجهها بعد سقوط النظام". الحرفيون وطلاب الجامعات والمزارعون يتصدرون المقاتلين: وفيما حمل المزارعون السلاح لحماية مواسمهم ومنازلهم، فإن الحرفيين من الصناعيين كانوا الأكثر نشاطاً على الجبهات، وتقول مصادر المعارضة في ريف دمشق لـ"الشرق الأوسط" إن "الحرفيين كانوا ولا يزالون في صدارة المقاتلين في الجيش السوري الحر، يليهم طلاب الجامعات، ثم يأتي المزارعون. مشيرة إلى أن ذلك يعود إلى تدمير القوات النظامية مصانعهم في قصف استهدفها، وخروجهم في تظاهرات منددة بالنظام، مما كان يدفعهم إلى الهرب من الاعتقال، أو حمل السلاح وتصدر الجبهات. وتشير المصادر إلى أن معظم قادة الفصائل المسلحة في أحياء ريف دمشق، كانوا من الحرفيين، فالقائد الميداني في داريا (ريف دمشق) الذي قتل بعد أشهر من اندلاع الأزمة، الذي كان معروفا باسم "الخال"، كان يعمل حرفياً في مصنع للمفروشات.
أما قائد "أسود السنة" في يبرود أبو صالح خضرا، الذي قاتل حتى اللحظات الأخيرة في المدينة الواقعة في القلمون في شهر مارس (آذار) الماضي، فكان في الأساس عاملاً في البناء، وغيرهما الكثير.
الشرق الأوسط
الجزيرة نت
علاء الدين عرنوس
أورينت نت
أحمد أرسلان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة