..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

تحديات حكومة المعارضة السورية الجديدة

المسلم

١٧ سبتمبر ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4001

تحديات حكومة المعارضة السورية الجديدة
طعمة00.jpg

شـــــارك المادة

بخلاف سلفه غسان هيتو الذي قدم استقالته من رئاسة حكومة المعارضة السورية المؤقتة بعد أيام من انتخاب أحمد الجربا رئيسا للائتلاف السوري المعارض, فإن رئيس حكومة المعارضة السورية المؤقتة الجديد الدكتور أحمد طعمة يعتبر – حسب محللين - أكثر قدرة على كسب ثقة الداخل السوري, نظرا لتاريخه السياسي المعارض لنظام الأسد في الداخل منذ عام 1992م, وبلائه الحسن في مواجهة الاستبداد.

 


ويوصف طعمة بأنه إسلامي معتدل, وهو ابن دير الزور المحررة وطبيب أسنان يبلغ من العمر (48) عاما, ويمكن اعتبار تأسيس (إعلان دمشق) عام 2005م بداية نشاطه السياسي البارز, حيث كان من ضمن المؤسسين والأعضاء.
انتخبه المجلس الوطني لإعلان دمشق أمينا للسر في كانون الأول عام 2007م, ولكنه لم يستطيع القيام بمهامه نظرا لاعتقاله من قبل سلطات الأسد بعد أسبوع واحد مع زملائه في قيادة إعلان دمشق, ليحكم عليه بالسجن عامين ونصف وتجريده من الحقوق المدنية وفصله من الوظيفة.

أفرج عن طعمة عام 2010م ليعود للعمل السياسي بعد بداية الثورة, حيث اعتقل في تموز 2011م, وبعد خروجه شارك في العمل الإغاثي بدير الزور, ثم أصبح عضوا بالمجلس الوطني السوري, ثم رئيسا لمجلس السلم الأهلي بدير الزور, وأخيرا رئيسا لحكومة المعارضة السورية المؤقتة, بعد انتخابه بأغلبية 75 صوتا من أصل 97 ممن اشتركوا بالتصويت من أعضاء الهيئة العامة للائتلاف مساء أول أمس السبت.

ورغم التحديات الكثيرة التي تواجه هذه الحكومة الوليدة, من استعادة الاستقرار في الأماكن المحررة, وتوفير الأمن الغائب عن البلاد منذ أكثر من عامين ونصف, والذي يصعب التكهن بقدرة المعارضة على توفيره للسوريين, خصوصا في ظل الضوء الأخضر الدولي الجديد الذي أعطي لبشار في قتل السوريين, بعد الاتفاق الروسي الأمريكي بخصوص الكيماوي السوري, والتغاضي عن دماء السوريين التي تسيل كل يوم.

كما أن الجانب الاقتصادي وتحسين أحول الناس المعيشية في تلك الأماكن المحررة يعتبر التحدي الأبرز أمام الحكومة المؤقتة بعد الأمن والاستقرار المنشود, حيث تعاني البلاد من تدهور اقتصادي كبير, وانهيار في قيمة العملة السورية, وارتفاع شديد في أسعار السلع والخدمات, ونقص – إن لم نقل انعدام - في الانتاج المحلي الزراعي والصناعي.
ناهيك عن تحدي الجانب الإنساني والإغاثي, حيث التجمعات البشرية على الحدود الشمالية والجنوبية لسوريا, فمئات وآلاف العالقين على الحدود الذين لا يجدون غذاء و لا مأوئ ولا دواء ولا تعليما, ولا بد من حل سريع لمشكلتهم, من خلال إدخالهم إلى دول الجوار أو تأمين عودتهم للأماكن المحررة.

ومع أهمية كل هذه التحديات على الأرض وأولويتها, إلا أن الدكتور طعمة وفي أول مقابلة تجرى معه أمس مع وكالة رويترز بعد اختياره رئيسا لحكومة تضم 13 عضوا قال: إن المعارضة يجب أن تواجه القاعدة فكريا بالتأكيد على أن الديمقراطية لا تتنافى مع تعاليم الإسلام, كما يتعين عليها الحد من شعبية التنظيم باستعادة الخدمات العامة في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.

وتعهد طعمة بالحد من نفوذ متشددي تنظيم القاعدة كتحد أولوي لحكومته, الذين استغلوا عجز المعارضة عن ملء الفراغ الذي أحدثه انهيار سلطة بشار الأسد في كثير من أنحاء البلاد حسب قوله.

وأضاف طعمة: فوق ما عاناه الناس من النظام من قتل وتشريد ودمار, يعانون من سلوكياتهم وتصرفاتهم – ويقصد القاعدة - ومحاولة إجبار الناس على أفكارهم وطروحاتهم, الشعب خرج من أجل فكرة جوهرية أساسية وهي فكرة الحرية, فكيف يمكن أن يقبل بتسلط أكبر, نحن نسعى لنشر ثقافة الديمقراطية بشكل واسع لصالحنا ومصلحة والشعب, وإذا أردنا أن نقيم دولة تعددية ديمقراطية مستوعبة لجميع أبنائها لابد من نشر الديمقراطية على شكل واسع.

وأضاف: نظرية البيعة القائمة على الشورى لا يمكن أن تقبل بالحاكم إلا إذا أخذ البيعة من الناس وبمحض إرادتهم وخيارهم وشوراهم, هذه النظرية لا يمكن أن تطبق في العصر الحاضر إلا بالانتخابات وصناديق الاقتراع, إنكم إما أن تسيروا بإجبار الناس على أفكاركم وتتبنوا نظرية جواز ولاية المتغلب, وهي التي يرفضها الإسلام – حسب رأي طعمة - وحتى يرفضها الشيخ ابن تيمية, وإما أن تسيروا على نظرية البيعة والشورى, وهذه النظرية لا تتفق مع العصر الحاضر إلا من خلال الديمقراطية.

وكأن الديمقراطية قد طبقت على أحسن حال في دول الربيع العربي, وكأنه لم تكن هناك انتكاسات خطيرة وشديدة للديمقراطية عقب الثورات العربية, على أيد من كانوا يزعمون أنها الحل الوحيد للوصول إلى السلطة.

وقال طعمة: إن المعارضة تواجه (التحدي الفكري) لإقناع الكثيرين ممن انضموا إلى القاعدة بترك هذا التنظيم, وبالتخلي أيضا عن هذه الأفكار المتشددة لصالح الوطن, ونحن نؤمن بالحوار, ولكن إن أبوا فإن الحكومة سوف تبحث عن كل الوسائل الممكنة لتضمن أمن الناس ومعيشتهم وعيشهم الكريم.
وأشار إلى أن الكثيرين في صفوف التابعين للقاعدة في سوريا لا تربطهم علاقة قوية بالتنظيم وانضموا إليها لأنها تمدهم بالأسلحة اللازمة لمحاربة قوات الأسد وتوفر الخبز والسلع الأساسية للسكان المحليين.
وقال طعمة: يعتقدون بأنه لا يمكن إقامة الدين إلا بإقامة دولتهم, مع العلم أن الله سبحانه وتعالى يقول:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} الشورى/13.
فإذا كانت إقامة الدين ستؤدي إلى التفرقة فإن الله تعالى لا يريد إقامة الدين بالتفرقة, عليهم أن يتفقوا أولا ثم يقيموا الدين.
ومع وجاهة هذا الكلام وأهميته, إلا أنه يبدو بعيدا عن أولويات حاجات الناس ومشكلاتهم, كما أنه يثير الكثير من الشكوك حول محاولات الائتلاف المستمرة إرضاء الدول الغربية, بإبعاد بعض الفصائل المجاهدة عن الساحة السورية, ممن تصفها بالإرهابية كجبهة النصرة وغيرها, دون أن تقدم أي دعم فعلي للثورة السورية غير الوعود الكاذبة.
ومن المعلوم أن هناك بعض الاختلاف بين بعض فصائل المقاومة السورية مع كل من جبهة النصرة وتنظيم ما يسمى بدولة العراق والشام الإسلامية, الأمر الذي حدا بزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بمطالبة مجاهدي سوريا تجنب التحالف مع المعارضين العلمانيين المدعومين من الدول الغربية.
وقال الظواهري في تسجيل صوتي بمناسبة الذكرى 12 لهجمات 11 سبتمبر: إن الولايات المتحدة الأمريكية ستحاول دفع مقاتلي المعارضة للتحالف مع العلمانيين المتحالفين مع الغرب, طبقا لما أوردته وكالة الأناضول للأنباء.
ويثير تزامن هذين التصريحين – لرئيس الحكومة المؤقتة والظواهري - كثيرا من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول مخاوف المواجهة بين فصائل المقاومة السورية, فهل من الحكمة في شيء أن تكون من أولويات الحكومة الجديدة مواجهة بعض الفصائل المقاومة في سوريا - بغض النظر عن حجم الخلافات الفكرية بينها وبين باقي الفصائل المقاتلة أو المعارضة السياسية - بينما نظام بشار ما زال قائما؟؟!!
ولمصلحة من - غير بشار والقوى الغربية - ستكون نتائج هذه المواجهة إن حصلت – لا قدر الله – حيث ستدعم تلك المواجهة تهديد بشار من مغبة إزالة حكمه ومخاوف الغرب من ذلك, خاصة بعد التجربة المريرة التي خاضتها المعارضة السورية مع القوى الغربية على مدى عامين لدعم الثورة السورية دون فائدة.
ألا يمكن تأجيل هذه الخلافات وترحيلها إلى ما بعد إسقاط نظام بشار, أو على أقل تقدير عدم التصريح العلني من قبل الطرفين حول خلافاتهم, وتهيئة الأجواء لحوار فكري هادئ وغير معلن حول الأولويات والمبادئ والاستراتيجيات, لأن الغرب وبشار هما الأكثر استفادة من خلافاتهما وتصريحاتهما العلنية في هذه المرحلة الحرجة من عمر الثورة السورية.
لقد سئم الشعب السوري الخلافات السياسية والحزبية, وبات ينظر بشيء من الريبة إلى كل من يحاول حرف مسار الثورة السورية عن بوصلتها الأساسية, ألا وهي إسقاط نظام بشار ونيل الكرامة والحرية.
 

 

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع