قبيل أيام سألني أحد الطلاب: ما رأيك ببرنامج "عرب ايدول" وتزامنه مع الثورة السورية.. كانت المرة الأولى التي يطرق فيها مسامعي هذا المصطلح، خطر على بالي لأول وهلة أنه تجمع عربي تشكل قبيل مؤتمر أصدقاء سوريا.. أو أنه تشكيل عسكري جديد، أو.. شيء مهم لاحتوائه على اسم العرب.. استغربت خفاء مثل هذا الأمر علي، مع أنني مطلع على الأحداث العربية والعالمية في ما يبدو لي!!

وكعادتي حين لا أعرف الجواب: ابتسمت في وجه هذا السائل نصف ابتسامة، ثم وليته ظهري.. بعد هذا السؤال السريع كان لدي محاضرة لطلاب الدراسات العليا، وكانت محاضرة طويلة، لكنها لم تنسني هذا المصطلح الذي لم أفهمه، فسؤال الشاب ما زال يتلجلج في صدري.. وما إن عدت إلى البيت بعد صلاة العشاء حتى رغت إلى العلامة جوجل، وبحثت فيه عن عرب ايدول، لتهولني نتائج البحث.. لم أكن أعلم أن هذا البرنامج الذي اختصر العرب في أحد شقيه هو عبارة عن برنامج للفسق والمجون والعري.. أهكذا هم العرب؟! لم أكن أعلم أن العرب اختزلوا في مسرح الرقص واللهو، في حين أن مسرح الموت في الطرف الآخر لا يبعد عنهم سوى سويعات قليلة!!
تلاطمت أمواج الأسى في نفسي، وتزاحمت عبارات الحزن، لكنني لا أذكر الآن إلا أنني كنت أكرر: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.. لا أعلم إن كان جوجل قد بالغ في عدد المتابعين لهذا البرنامج أو في الميزانية المرصودة له.. ولكن الذي أعلمه وأنا على يقين منه أن هذا البرنامج - وما كان على شاكلته - لأمر يراد.. يراد لأمتي أن تظل في غيها سكرى، وفي عمهها متردية، وذلك على أيدي أبناء الأمة أنفسهم.
أشد ما يحزنني أن الأمة العربية متفرقة في قراراتها وفي سياساتها وفي أهوائها، ولكنها مجتمعة على الفسق والعهر والرقص والمجون.. فالقناة ممولة بأيدي سعودية، والبرنامج بلبنان، والمشاركون أراذل العرب، والمشاهدون أبناء الوطن العربي.. يرقصون على أوقاع الأوتار والغناء، في حين أن إخوة لهم في الدين والنسب وعلى بعد أميال يسيرة منهم يرقصون مذبوحين من الألم!! نزعت نخوة المعتصم، ومروءة السموأل، نعلم ذلك، ولكن هل نزع الحياء كذلك؟! هل يا ترى هؤلاء هم أبناء العرب الفاتحين، هل هم أبناء بني أمية والعباس، هل هم أحفاد من ملؤوا  الدنيا وشغلوا الناس؟!
أمتي:

أتلقاكِ وقلبي مطرق  *** خجلاً من أمسك المنصرم

ويكاد الدمع يهمي عابثا *** ببقايا كبرياء الألم

ولك الله يا أمة ضحكت من جهلها الأمم..

المصدر: مدونة: الدكتور/ أحمد بن فارس السلوم