عماد كركص
تصدير المادة
المشاهدات : 3513
شـــــارك المادة
مع بدء الثورة بدأت تتوضح نية ملالي طهران في سوريا عبر أداتهم بشار الأسد والرجال المحيطين به، حيث يعملون على تغيير الخارطة السكانية في سوريا، بما يناسب ديمومة وتوسع الرقعة المؤيدة للنظام، وربطها نهائياً بالنظام الايراني معتمدين على تجنيس شيعة من إيران ولبنان والعراق، وتوزيعهم على المناطق المراد السيطرة عليها، والتي تجاور المناطق ذات الغالبية العلوية، لتصل مؤخراً إلى قلب العاصمة دمشق.
وذلك بعدما فقد نظام بشار الأسد حاضنته الشعبية في الكثير من المناطق التي ثارت على حكمه المرتكز على طائفة بعينها في مصدر القرار الأقوى، ويقول إعلامي سوري متخصص بالشأن الايراني: تعرضت – ولا تزال تتعرض - المدن السورية لعمليات تهجير وقتل ممنهج على الهوية، بغية إخلائها تمهيداً لصبغها بلون شيعي، كما حصل، ويحصل في حمص، والقصير، وريف حماة. ويتابع: اعتمد ملالي طهران على شبيحة النظام المدربين في إيران لتنفيذ مخططهم الاستيطاني، فكانوا أداتها المباشرة في تهجير الأهالي، وإذلالهم وإجبارهم على ترك مناطقهم تمهيداً للمرحلة الأهم - حيز التنفيذ - وهي استقدام عائلات الميليشيات والمرتزقة الشيعة إلى تلك المناطق على كثرتهم وتوطينهم فيها. في التاسع عشر من كانون الثاني 2012، أصدر بشار الأسد المرسوم رقم 66 بإحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق، واتضح بعدها أن خطط الهدم استهدفت الأحياء الجنوبية من دمشق وصولاً إلى حرستا الثائرة أيضاً، وهذا ما تعرضت له 9 أحياء في حمص، ومخيم النازحين في درعا، بالإضافة لمناطق في ريف سلمية في حماة. تقول مصادر إن آلاف العائلات الشيعية، من الميليشيات العراقية واللبنانية، والأفغانية، والإيرانية، مُنحت الجنسية السورية، وتركز توطين عدد منها مع عائلاتهم في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، والمحتضنة على مضض لهذا النظام، على الرغم من الكثير من البيانات التي صدرت من مشايخ السويداء رفضت فيها خدمة أبناء السويداء في جيش النظام على جبهات القتال وطالبت بأن تكون خدمتهم في السويداء حصراً، بالإضافة لإصدار قرارات منها تحريم شراء الأثاث (المعفش) والذي يبيعه شبيحة النظام ومرتزقة ملالي طهران، على غرار ما حدث في جرمانا. سوريا بالأرقام: تقول الإحصاءات إن نسبة (السنّة) في سوريا أكثر من 80 بالمئة، للعرب النصيب الأكبر منها إلى جانب كل من قوميات أخرى كـ"الأكراد، والتركمان، والشركس، وهناك طوائف تشكل حوالي 15 بالمئة من مجمل سكان سوريا التي يبلغ تعداد سكان أكثر من 23 مليون نسمة. وتقدر إحصائيات نسبة النازحين منهم داخل البلاد أكثر من 6 ملايين نازح، أما عدد اللاجئين في دول مجاورة أو في أوربا وكافة بلدان العالم، فقد بلغ 3 ملايين لاجئ، ولعل الملفت في هذه الإحصائيات أن نسبة النازحين واللاجئين العرب من السنة تقدر بـ 98 بالمئة من مجمل النازحين واللاجئين على حد سواء. الواضح أن أكثر المناطق تأثراً بالتغير الديموغرافي الناتج عن عمليات التهجير، بحسب المناطق والمدن الأكثر تضرراً هي: "حمص وريفها، وحلب، ودرعا، ودمشق وريفها"، وعلى وجه الخصوص المناطق الريفية من حمص وإدلب وحماة ودرعا، أي أن التغير الديموغرافي استهدف الأكثرية السكانية من العرب السنة ومراكزها العمرانية الكبرى. عائلات مقاتلين شيعة تستوطن في دمشق وريفها: يقول أحد مقاتلي الجيش الحر في الغوطة الشرقية (أبو سالم) لـ"سراج برس" إنه وفي طريق زحف الثوار نحو فرع المخابرات الجوية في عربين، وإدارة المركبات في حرستا، فاجأهم ما رأوه في حي العجمي الذي يفصل عربين عن حرستا، والذي تعد جبهاته مشتعلة دائماً، حيث يعتبر الحي الحصن المنيع وخط الدفاع الأول عن إدارة المركبات وطريق الإمداد الوحيد لها، ويوجد في الحي فرع مرور ريف دمشق وكراج الحجز ومبنى محافظة ريف دمشق ومبنى وزارة الري، ما جعل للحي أهمية بالنسبة لقوات النظام. يقول "أبو سالم: "تبين أنه هناك مقاتلون أجانب على الجبهة وخلال تقدمات الثوار على جبهات الحي تبين أن هناك عائلات غريبة تسكن ذلك الحي"، ويضيف: "أحد العناصر المصابين الذي بقي لفترة عالقاً في الحي، قال لنا: من يسكن في الحي هم مقاتلون شيعة وعائلاتهم، ويقدم لهم النظام الخدمات كافة بدعم إيراني كامل، حيث جعلهم يتخذون من منازل الحي مساكن لهم ما يبرر استبسالهم للدفاع عن المنطقة، وذلك بعدما أخلى النظام السكان الأصليين عنه بحجة أنها منطقة عسكرية وجبهة مواجهات، والمقاتلون هم من جنسيات مختلفة (إيران، العراق، لبنان، أفغانستان، جنسيات أخرى. حمص و(الحاج فادي): شهدت مدينة حمص وريفها وخاصة القصير، أخطر وأوضح عملية تغيير ديمغرافي، حيث هجرّت ميليشيات "حزب الله" أكثر من 250 ألف نسمة من حمص وحدها. وتقصّد النظام تدمير مبنى السجل المدني في حمص، في مسعى لطمس الهوية الديمغرافية للمدينة، علماً أن دوائر النظام التي تعمل بشكل متخلف منذ أكثر من أربعين عاماً من حكم الأسدين الأب والابن، لا تملك وثائق إلكترونية لهذه السجلات، ما يعني أن النازح في حال عودته لن يجد أي وثيقة تثبت أحقيته، وملكيته للعقار الذي كان يملكه قبل تهجيره. ومن المعلوم أن من رعى خروج الثوار من أحياء حمص المحاصرة هو المبعوث الإيراني "الحاج فادي"، ويفاوض حالياً لإخراج الثوار من حي الوعر المحاصر أخر معاقل الثوار في حمص، ويقدم التسهيلات بغية خروج المدنيين إلى لبنان بغية إفراغ الحي من سكانه الأصليين. يقول جعفر محب الدين أحد أبناء القصير بريف حمص: "بالنسبة للقصير، بدأ التدخل الواضح من قبل ميليشيا حالش الشيعية اللبنانية، بالتزامن مع معركة القصير الشهيرة، وبعدها باتت تظهر ملامح المد الطائفي في حي الخالدية بحمص القديمة، سياسة النظام في حمص كانت طائفية بامتياز وأعوام الثورة كانت كافية لتبديل هوية حمص بالكامل لتكون الطائفة السنية هي الأقلية بعد أن كانت الأكثرية في المدينة". ويضيف جعفر: "ربع محافظة حمص والتي تمثل أحياء السنة تم محوها من الخارطة السكانية، مؤكداً أن القطاع ما بين طريق (حمص - طرطوس) وطريق (حمص - دمشق) هذه المنطقة والتي تبدأ من (باب عمرو) مروراً بقرى (تل الشور، آبل، المباركية)، وصولاً إلى القصير، وجوسيه المتاخمتين للحدود اللبنانية حيث تضم هذه المنطقة ما يتجاوز ٧٥ قرية سنية، تم تهجير سكانها وسرقة منازلها المهدمة بفعل القصف، واستبدال السكان بآخرين من عوائل المرتزقة الشيعة الذين يقاتلون بتلك المنطقة. ويضيف: "وكذلك الحال بالنسبة للقصير التي هجر معظم سكانها من السنة، وحتى بعض العائلات المسيحية في المدينة تمت مضايقتهم من قبل تلك الميليشيات، ليقرروا الهجرة أيضاً". ويردف: "الخطة التي يرسمها النظام لمدينة حمص خبيثة جداً، فحمص القديمة أضحت خالية من سكانها الأصليين علاوة عن التلاعب فيما تبقى من السجلات العقارية والمدنية، لصالح الوافدين الجدد من قرى جبال العلويين، أو حتى المقاتلين الشيعة الذين اصطحبوا عائلاتهم معهم". كل ما ذكر ينذر بكارثة تنتظر سوريا، في مخطط ممنهج لتغير الخريطة السكانية، بما يلائم بقاء نظام بشار الأسد على الأقل في مناطق لا ينوي التخلي عنها، على أمل منه التوصل إلى حل يبقيه بالسلطة على أساس تقسيم جغرافي معين!
سراج برس
الجزيرة نت
الشرق الأوسط
محمد أمين
المرصد الاستراتيجي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة