مركز التأصيل للدراسات والبحوث
تصدير المادة
المشاهدات : 6207
شـــــارك المادة
دائماً وأبداً ما تكون أشد لحظات الليل ظلمة هي التي تسبق بزوغ الفجر، ولقد اشتد ليل ظلم بشار الأسد وشبيحته على مسلمي سوريا الذين لا يدري أحدهم إذا أصبح من سيفقد من الأحبة والأهل والأصدقاء؟ هذا إن قُدر له أن يعيش لصبيحة اليوم التالي، ولا يأمن إذا أخرج كف يده في ضوء الشمس هل سترتد إليه أم سيفقدها، إنه حال من يفتقد للأمن للنعمة العظمى التي امتن الله بها على عباده، والذي حكم - سبحانه - بأن فقدها هو أول وأكبر الابتلاءات: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}.
وعتاب السوريين على إخوانهم العرب والمسلمين، لم ينتظروا أمريكا ولا الاتحاد الأوروبي، لم يطلبوا شيئاً من الأمم المتحدة ولا من مجلس الأمن الذين يثبتان في كل مرة أنهما مجرد خيال مآتة للكبار فقط، يتحركون كقطع الشطرنج بأيدي الدول الكبرى، فلا نصرة لضعيف ولا لقضية، ولا اهتمام بقيم ولا أخلاق، فكل شيء محكوم بالمصالح وتحركه سياسات الدول الكبرى فقط. فإيران التي لا زالت تأتي وترسو سفنها على الشواطئ السورية حاملة الموت للسوريين عتاداً وسلاحاً ورجالاً لدعم بشار وعصابته، تأتي تلك السفن عابرة قناة السويس مارة على شواطئ دول عربية كثيرة تأخذ الإذن والسماح بالمرور من إخوة للسوريين في العقيدة والدم والكل يعلم أنها ذاهبة لقتل السوريين ولكن لا أحد يمنعها أو يعترض طريقها. وتذكر مواقع الثورة السورية ذلك، ويستغيث السوريون المضطهدون عبر حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل بأن هذه السفن تعود محملة بالرجال والنساء السوريين المختطفين من سوريا والمفقودين بعد أن ضجت سجون بشار عن استيعابهم، ولكي يساوم بهم بشار في المفاوضات التي تلي سقوطه الذي بات في ظنه كما في ظن الكثيرين حتمياً، مطالبين إخوانهم فقط بالتحقق من حمولتها في المواني العربية التي تمر عليها ولا مجيب لطلباتهم. ولهذا كانت مطالبتهم للشعوب كبيرة بعد أن آثرت الحكومات الحلول الدبلوماسية التي يعرف السوريون عنها أنها لن تغني ولن تسمن من جوع مع نموذج كبشار الأسد الغارق المستغرق في الدموية والذي لن تردعه إلا القوة. ولئن كان مطالبتهم للشعوب كثيرة إلا أن مطالبتهم للعلماء وأصحاب المنابر أكثر شدة وقوة، فيتساءلون لم السكوت عن سوريا؟!، ولم الانشغال بقضايا خلافية ومشكلات شخصية داخلية في الوقت الذي يحتاج حقيقة من المسلمين للتوحد ونبذ الفرقة والوقوف صفاً واحد لمطالبة الحكام باتخاذ موقف قوي لناصرة السوريين؟. ويتعجب السوريون من أن دعم الدول المعادية لهم لنظام بشار علني ومستمر ومتواصل، في حين أن داعميهم يستترون، هذا إن وصل دعمهم فعلاً، فإيران ترسل الأسلحة والرجال علناً دون مواربة، ومرشدهم يقول أنه لن يسمح بسقوط النظام السوري تحت أي ظرف وسيدافع عن الأسد بكل قوة، ونصر الله يقول أنه ليس هناك أي حل للثورة السورية إلا الحل السياسي، ولن تسقط الحكومة السورية مهما كان، وبالطبع فهو الذي يدعمها يومياً بالمال والسلاح والرجال، فأين السياسة مما يفعله بشار ونصر الله؟!! وروسيا والصين لا يوفران لبشار فقط الدعم السياسي والأمان من أي قرار في الأمم المتحدة، بل يقدمان الدعم العسكري والتكنولوجي له وكأنه يخوض حرباً مع دولة أخرى، فكما تقول وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء أن سفينة روسية مزودة بصواريخ وقادرة على التصدي للغواصات والطائرات قد انتقلت من مواني البوسفور إلى مرفأ طرطوس السوري، وهو بالمناسبة القاعدة البحرية الوحيدة التي تملكها روسيا في المتوسط. وبينما لا يزال العالم مشغولاً بالحلول الدبلوماسية ولا يريد أن يقتنع أن بشار ومن معه يحبون أن تسير الأمور بهذه الطريقة، فقاموا في إسطنبول بمؤتمر ضم أكثر من ثلاث وثمانين دولة - غابت عنهم بالطبع روسيا والصين -، واعترفوا فيه بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي للسوريين، واتفقوا فيه على أن يدفع المجلس الوطني رواتب لأفراد الجيش الحر تتكفل بها بعض دول الخليج. وبالطبع؛ قابل السوريون هذه الأخبار بفرح حذر، حيث يسرهم أن تكون قضيتهم محور اهتمام المسلمين، ولكن القلق والألم أن مثل هذه القرارات تعطي لبشار المزيد من الوقت لسكب المزيد من دماء السوريين؛ نظراً لعدم ثقة الشعب السوري في جدوى الحلول السياسية مع بشار الذي لا يفهم غير لغة القوة. ولهذا؛ فلا يزال الباب الوحيد الذي لم ولن يغلق أبداً في وجه الثوار المسلمين السوريين هو باب الله الذي لا يرد دعوة مظلوم، وهو ناصرهم وكافيهم بإذنه - سبحانه -، لتصدق فيهم ومنهم ذلك الشعار الذي رفعوه قبلاً: "مالنا غيرك يا الله".
أسرة التحرير
المندسة السورية
محمد عبد الله عايض الغبان
أحمد الجربا
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة