الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 3237
شـــــارك المادة
تدفق عدد كبير من الفلسطينيين النازحين من مخيم اليرموك في سوريا باتجاه الأراضي اللبنانية، متوجهين إلى أقرباء لهم يقيمون في المخيمات الفلسطينية في شمال لبنان وجنوبه هربا من أعمال العنف في المخيم، وذلك بالتزامن مع إعلان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة أن المعارضين سيطروا على مخيم اليرموك بالكامل.
واستخدم الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية أنور رجا نفس تعبيرات النظام السوري قائلا، إن «العصابات الإرهابية تمكنت من اقتحام واجتياح مخيم اليرموك في دمشق كالبربر والتتر والمغول، وتعيث فيه فسادا، وتقوم بعمليات السلب والنهب للمنازل والمتاجر»، مشيرا في حديث لقناة «روسيا اليوم» إلى أن المسلحين «وعلى رأسهم (جبهة النصرة) حشدوا طاقاتهم وأدواتهم واخترقوا المخيم، بعد محاولات سابقة عبر إطلاق قذائف الهاون على الساكنين هناك، أدت إلى مقتل العشرات».
وتزامنت تصريحات رجا مع إعلان المعارضة السورية سيطرتها على مخيم اليرموك، غداة إعلان الجيش الحر سيطرته على مقر الجبهة الشعبية في المخيم، وهي الفصيل الفلسطيني المؤيد للنظام السوري، وتقاتل عناصره إلى جانب القوات النظامية في المخيم. وأكد رجا أنه «لا وجود للجيش السوري النظامي في محيط المخيم ولا داخله، وأشار إلى أن أحمد جبريل، الأمين العام للجبهة الشعبية، لم يغادر دمشق وهو موجود في مكان إقامته بوسط العاصمة دمشق»، واضعا الحديث عن خروجه منها ضمن إطار «الشائعات».
في هذا الوقت، شهدت الحدود اللبنانية – السورية عند نقطة المصنع تدفقا كثيفا لفلسطينيين نازحين من مخيم اليرموك باتجاه الأراضي اللبنانية خلال اليومين الماضيين، بسبب أعمال العنف الدائرة. وقالت مصادر الأمن العام اللبناني لـ«الشرق الأوسط»، إن «أول من أمس، شهد دخول 1200 فلسطيني إلى الأراضي اللبنانية، بينما سجلت قوائم الأمن العام اللبناني أمس، دخول 800 فلسطيني». وأوضحت المصادر أن «عدد النازحين الفلسطينيين الذين دخلوا إلى لبنان منذ 14 يناير (كانون الثاني) عبر نقطة المصنع، بلغ 2800 نازح فلسطيني»، وهو التاريخ الذي بدأت فيه المعركة على تخوم مخيم اليرموك.
وإذ أكد شهود عيان أن نقطة المصنع شهدت زحمة خانقة بسبب ارتفاع أعداد المقبلين، أشارت مصادر الأمن العام إلى أن «كل الفلسطينيين الذين استوفوا الشروط القانونية لناحية الأوراق الثبوتية الرسمية وإجراءات الخروج الشرعي من الحدود السورية، عبروا إلى لبنان، ولم تكن الزحمة ناتجة إلا عن كثافة عدد الوافدين». وأوضحت المصادر أن حركتي الدخول والخروج الكثيفة للسوريين واللبنانيين والفلسطينيين على المصنع تسببت بالزحمة، لافتة إلى أن «الأمن العام سجل في قيوده أمس حركة 6800 شخص دخلوا إلى سوريا وخرجوا منها باتجاه لبنان».
واستقبلت المخيمات الفلسطينية في لبنان أعدادا كبيرة من النازحين الفلسطينيين من مخيم اليرموك. وقال مسؤول لجنة النازحين الفلسطينيين السوريين في مخيمي البداوي والبارد ربيع دامس لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن العدد التقريبي للعائلات الفلسطينية التي نزحت على مدى الـ48 ساعة الماضية من مخيم اليرموك إلى مخيمي البداوي والبارد يتراوح بين 60 و70 عائلة موزعة على منازل أقارب لها.
وأشار دامس إلى أن «أوضاع العائلات سيئ للغاية ومعظمهم اضطروا لمغادرة منازلهم دون أن يخرجوا أيا من أمتعتهم».
بدورها، أكدت مصادر بارزة في مخيم عين الحلوة لـ«الشرق الأوسط» أن المخيم استقبل أول من أمس 56 عائلة، بينما وصل عدد أكبر من العائلات إلى المخيم أمس. وأشارت المصادر إلى أن عدد العائلات التي تقيم في مخيمات صيدا منذ وصول موجة العنف إلى مخيم اليرموك، قاربت الألف عائلة، مشيرة إلى أن مخيم اليرموك شهد خلال اليومين الماضيين «عملية نزوح كاملة، انقسم فيها النازحون بين متجهين إلى الأراضي اللبنانية، أو قاصدي مناطق سوريا أخرى أكثر أمنا».
ونقلت المصادر عن النازحين من اليرموك خوفهم من «إبادة شاملة يتعرض لها المخيم بعد وصول المعارك العنيفة إلى داخله»، مؤكدة «التزام الفلسطينيين في لبنان التعليمات الواضحة للفصائل الفلسطينية من رئيس السلطة محمود عباس بوجوب الحياد عن الأطراف المتصارعة، والنأي بالنفس كي لا يكون الفلسطينيون ضحية صراعات داخلية لا تخدم القضية الفلسطينية».
وقد حذرت سوريا اللاجئين الفلسطينيين من تقديم المساعدة لقوات الثوار الذين يقاتلون الرئيس بشار الأسد، وهو ما دفع مئات الفلسطينيين إلى الهرب من حي اليرموك في دمشق، وتوجه الكثير منهم إلى مناطق الأمن النسبي في لبنان، بعد يوم من هجوم القوات السورية على هذا الحي من خلال قصف جوي للمرة الأولى في الحرب الأهلية. كان التحذير الذي تم توجيهه إلى الفلسطينيين قد جاء ضمن رسالة إخبارية بثتها وكالة «سانا» الإخبارية الرسمية، كانت تتحدث عن محادثة هاتفية بين وزير الخارجية وليد المعلم، والأمين العام للأمم المتحدة بشأن الموقف العام في سوريا، وتحديدا حي اليرموك.
ونقلت الوكالة عن المعلم قوله لبان كي مون إن الفوضى التي هزت اليرموك لعدة أيام، كانت نتيجة لتسلل مجموعات إرهابية إلى داخل المخيم، التوصيف الحكومي للثوار.
وقالت رواية «سانا» إن القوات البرية السورية أحجمت عن دخول معسكر اليرموك، لكنها لم تتحدث عن الهجمات الجوية والمدفعية السورية التي أصابت اليرموك يوم الأحد، والتي تحدث عنها شهود عيان وثوار وناجون فلسطينيون يساندون الثوار. ووفق بعض الروايات قتل أكثر من 20 شخصا وأصيب العشرات، وشوهدت الكثير من العائلات التي تسارع إلى الهرب من المنطقة.
وأكد مارتن نسيركي، المتحدث باسم بان كي مون في الأمم المتحدة، أن الأمين العام تحدث مع وزير الخارجية السوري ليعبر له عن قلقه بشأن تصاعد العنف في الآونة الأخيرة، وتحديدا حادثة الأمس التي تعرض فيها معسكر اليرموك، القريب من دمشق، للهجوم.
كما عبرت الولايات المتحدة أيضا عن قلقها، على لسان فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية التي قالت: «إن قصف مخيم اليرموك يشكل تصعيدا واضحا وخطيرا للصراع في سوريا».
من جهة ثانية، أكد عضو كتلة المستقبل النيابية النائب نهاد المشنوق أن خمسة آلاف نازح فلسطيني دخل إلى لبنان في الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن هناك موجات نزوح مستمرة بالمئات بسبب قصف طيران النظام السوري مخيم اليرموك أكبر المخيمات الفلسطينية في دمشق.
وكشف المشنوق أن عدد الفلسطينيين الذين سقطوا منذ بداية الثورة في سوريا حتى اليوم هم 774 فلسطينيا، معتبرا أن النظام يتعامل مع الشعب الفلسطيني في سوريا باعتباره جزءا من الثورة السورية المباركة. وقال المشنوق: «إن المخيمات الفلسطينية في لبنان محايدة ولا تتدخل في الشأن اللبناني لا بالجانب الأمني ولا بالجانب السياسي»، مؤكدا أن الذي انشق عن أحمد جبريل في سوريا هو فراس شرورو ابن شقيقته أي ابن المناضل الفلسطيني الراحل فضل شرورو الذي رفض أن يلتزم بسياسة خاله وانضم إلى خيار الشعب السوري. كاشفا أن أحمد جبريل ونجله يحاولان المجيء إلى لبنان، إلا أنه تم منعهما من قبل الأجهزة الأمنية السورية وأعيدا إلى سوريا.
ورأى أن النظام السوري لا يمكنه أن يكون داعما للفلسطينيين، وقال: «نحن اعتدنا منذ 40 عاما في لبنان على هذا النظام الذي ينظر إلى المطالب بالحرية على أنه متآمر ومن يؤيده هو المقاوم والممانع». وقال المشنوق: «لقد عشت مع الفلسطينيين فترة طويلة، وكتبت عنهم وتخصصت في شؤونهم في لبنان وغير لبنان»، مؤكدا أن تنظيم الجبهة الشعبية - القيادة العامة لم يكن في أي مرة إلا جزءا من النظام الأمني السوري، ينفذ عمليات بطلب من الأمن السوري وهو لا يمثل الشعب الفلسطيني لا من قريب ولا من بعيد.
وكشف أن طيران النظام السوري استعمل في ضرب مسجد عبد القادر الحسيني في مخيم اليرموك، وتسبب باستشهاد 25 مواطنا ومواطنة وطفلا من الشعب الفلسطيني كانوا لاجئين في المسجد وجرح 85 فلسطينيا وسوريا، لافتا إلى أن مخيم اليرموك يضم نحو 700 ألف شخص بين فلسطيني وسوري.
ووصف المشنوق الشعب السوري بالعظيم، لافتا إلى أنه قاتل وناضل ودافع من أجل فلسطين، وهو يناضل اليوم ويقاتل ويستمر في ثورته من أجل الحصول على حريته من نظام أمني قاتل ومجرم.
نور سورية بالتعاون مع المكتب الإعلامي لهيئة الشام الإسلامية
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة