..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

سورية تموت مرتين

جاسر الجاسر

٧ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6264

سورية تموت مرتين
111.jpg

شـــــارك المادة

حين أمر طاغية رومانيا تشاوتشيسكو بإطلاق النار على المتظاهرين قيل له: لكنك تقتل شعبك! قال: يكفيني الجيش. هذا منطق النظام السوري اليوم وإن كان الروماني أكثر رحمة أو أقل قدرة.


في سورية أول وأقرب الاحتمالات كل صباح أن تعتقل أو تموت؛ يصبح الرعب نبضك، والخوف عروقك، وحين تنقطع الكهرباء وتنعزل الأسر في منازلها المهددة بالاقتحام أو القصف تتلاصق العائلة جوعاً وبرداً تحاول التأكد أن أعضاءها سليمة هذا النهار، أو تستعد لتشييع شهيد أو بكاء معتقل.
في سورية وحدها يتغذى النظام على دماء شعبه، ويطرب لأنينهم وآهاتهم، ويجسد ممانعته الظافرة في أن يجعل البلد قبوراً وسجوناً. يحيي ذكرى حماة بمجزرة حمص، ويحيل الشعب إلى عصابات مسلحة فلا تكون المواطنة إلا لكتائبه وشبيحته والنابتين على مصالحه.
سنة أو نحوها حفظ العالم أسماء القرى والبلدات السورية أكثر من أهل البلد، وعرف خريطتها التفصيلية كأنه واضعها، وأدمن مشاهد القتل والتعذيب بلذة العاجز حتى ألفها واعتادها وظنها مشاهد سينمائية وليست حوادث كل ساعة.
حمص لن تكون نسخة من حماة حتى وإن عاد علي مملوك متسلحاً بتجربة حماة الدموية، والسوريون لن يتوقف هديرهم وإن خذلهم العالم وفتح الباب واسعاً لأن تخلو سورية من سكانها لتكون البلد/ المقبرة. هم، منذ الشهر الأول، يزيدون ولا ينقصون، مدركين أن المعتقل كان بيت آبائهم وإخوانهم وفيه كل ذكرياتهم وأوجاعهم، وأن وجودهم خارجه لا يبدل الحال كثيراً مادام الرعب مسيطراً، والخوف مشلاً فكسروا خوفهم بتضامنهم، وأيقنوا أن التغيير يجيء منهم وإن رغمت أنوف روسيا والصين وإيران.
السوريون في جهاد فعلي، فهم يحاولون طرد الغزاة والمستعمرين، فالظلم ليس قدراً إلا إن استكانوا إليه وجبنوا عن مواجهته.

المصدر: العربية نت , نقلاُ عن "الشرق" السعودية.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع