حسان الحموي
تصدير المادة
المشاهدات : 3446
شـــــارك المادة
أنسب مقولة يمكن أن ترد في هذا السياق هي مقولة الماغوط "بأن كل طبخة سياسية في المنطقة أمريكا تعدها، وروسيا توقد النار تحتها، وأوربا تبردها، وإسرائيل تأكلها، والعرب يغسلون الصحون".
بالأمس ظهر علينا عميل روسيا لدى عصابات الأسد سيرغي لافروف ليرمي بمبادرته الواهية التي أراد أن يشتري بها بعض الوقت للقتلة، بعد أن انتهت مهزلة المهل المعطاة للطاغية.
وليعيد تدوير الدوائر وتربيع المربعات حسب نظرية عضو مجلس التصفيق الحالي وبوق النظام الحالي والسابق خالد العبود، وبالتالي أراد أن يعيد الروح لمبادرة عنان ونقاطه الست بعد أن أدرك الجميع أن هذه الخطة قد فشلت قبل أن تولد، وأن من يعمل على إحيائها اليوم هم من أفشلوها مع رئيس عصابتهم في سورية، لأنهم أدركوا أنهم أمام استحقاق دولي؛ خاصة بعد المجازر التي شهدها العالم باسره، والتي ظهرت الإدانة لها واضحة أمام المجتمع الدولي بأكمله، لكن المنحبكجي لافروف، لا يسمع إلا بإذن واحدة، ولا يرى إلا بعين واحد، وهذا ديدن جميع الموالين للطاغية الأسد: - فالارهاب ترعاه المجموعات المسلحة التي هجمت على وكر الخبراء الروس في دمشق، هؤلاء الخبراء الذين يدعمون القاتل بكل ما أوتوا من قوة، وبالتالي فقد منح هذا العميل الغطاء لزيادة جرعة العنف المسكوب على الشعب. - والمعارضة هي التي تقتل رجال الدين وتهدم المعابد، وبالتالي يخرج هذا المعتوه عن نظرية الطرف الثالث أو العصابات المسلحة التي ترتكب المجازر والتي ينادي بها معلمه في دمشق، ليتوجه مباشرة إلى المعارضة، ويلصق بها تهمة ارتكاب كل تلك المجازر ويوعز للطاغية لارتكاب المزيد منها، ظاناً أنه يستطيع بذلك الضغط على الدول الصديقة للشعب المذبوح، وليطلب من مجموعة الاتصال الجديدة؛ التي ينادي بها بأن ترغم المعارضة على التحاور مع القتلة. لكنه يدرك في الوقت ذاته أن أمريكا تلعب على متناقضاته، وهذا ما صرح به بعد مباحثاته مع أمريكا: "إن هناك نقاطاً متناقضة في الموقف الأمريكي من الأزمة السورية، حيث نوقشت إلى جانب الجهود الدولية، استراتيجية نقل السلطة في سورية. وأشار لافروف إلى أن ذلك يعتبر "أحد التناقضات الرئيسية من ناحية المضمون. حسب تفسيره، لنتائج مباحثات كلينتون عنان". فروسيا تدرك أن الموقف الأمريكي يعتمد على الغباء الروسي في السياسة الخارجية، وبالتالي هو يعتمد على المثل الشعبي السوري "انفخوا وادفشوا وشوف ما ...." فهو ينفخ في الدب الروسي ليوصله إلى اتخاذ مواقف متصلبة من أي مبادرة لحل الأزمة السورية، موهماً إياه أنه سوف يستطيع تحقيق مكاسب عظيمة من وراء ذلك، ولكن بعد أن يتعرى أمام المجتمع الدولي سوف "يسحب البساط من تحته ويخرجه من المولد بلا حمص". كما فعلوا معه في أماكن متعددة من العالم، ويساعدهم على ذلك التعنت الغير مسبوق من قبل الطاغية في سورية، لأن الآخر؛ لا يرى في المسالة أبعد من الحفاظ على كرسيه، وبالتالي أي أمر آخر هو غير معني به، مهما كانت أبعاده الدولية أو الإقليمية أو الكارثية على الصعيد الداخلي. وهذا الأمر طبعاً المستفيد الأول فيه هو إسرائيل؛ لأن هدر أي طلقة في غير مسارها الصحيح هو يصب في مصلحتها دون شك، فكيف وبأركان دولة تدعي المقاومة والممانعة والصمود والتصدي، لذلك ترى أركان الكيان المحتل يعلوا صوتها بالشجب والإدانة على المجازر التي ترتكب في سورية، وهي تصرخ فرحاً وطرباً على أنغام سيمفونية القتل اليومي التي يعزفها المعتوه ليل نهار في شعبه المغلوب، مدركة في ذات الوقت أنه سوف يلجأ إلى زيادة عنفه كلما فقد سيطرته على الأرض. أما الطرف الأخر: فيأتي متأخراً لينادي بتطبيق لعبة المصالح المتبادلة مع روسيا؛ محاولاً شراء موقفها من الأزمة السورية، وهو بحسن نية لا يجيد سوى غسل الصحون، لأن الصيف قد انتهى والدب الروسي قد تناول مخزونه من الطعام، ودخل في سباته الشتوي، والملف برمته استلمته أمريكا، وهذا ديدنها في كل قضية. فالمطلوب من روسيا وأمريكيا اليوم أن ترفع الأثمان في كل مرحلة تجد فيها من يستطيع دفعها، لتجد في النهاية أن بضاعتها قد بارت، ولم يعد هناك من يشتريها. وأن الثمن الوحيد المدفوع هو من الشعب السوري المقاوم والذي دفع ومازال يدفع ثمن السياسة الدولية المتخاذلة؛ والتي لا تعرف منطقاً أو عرفاً أو قانوناً أو إنسانية.
أسرة التحرير
غازي دحمان
عبد الوهاب بدر خان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة