الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 2960
شـــــارك المادة
رفض عدد متزايد من قادة العالم من بينهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند استبعاد القيام بتدخل عسكري لوضع حد لأكثر من 14 شهرا من العنف، الذي قتل فيه 13 ألف شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت فرنسا أمس أنها تأخذ «في الاعتبار كل الخيارات التي من شأنها أن تتيح وقف القمع في سوريا» بعد الاقتراح البلجيكي إقامة «مناطق آمنة» في هذا البلد تضمنها «قوة دولية».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «نأخذ في الاعتبار كل الخيارات التي من شأنها أن تتيح إنهاء القمع في سوريا وبدء عملية سياسية تتسم بالصدقية». وذكر أن الرئيس فرنسوا هولاند قال مساء أول من أمس إنه لا يؤيد أي تحرك عسكري إلا في إطار الأمم المتحدة.
وتدعو بلجيكا إلى إنشاء «مناطق آمنة» في سوريا تحميها «قوة دولية»، كما قال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز، مستبعدا عملا على غرار العمل الذي أدى إلى إسقاط معمر القذافي في 2011.
وأضاف وزير الخارجية البلجيكي «من دون وجود عسكري على الأراضي السورية لتأمين وقف لإطلاق النار ولدعم خطة لحماية المراقبين وتأمين إيصال المساعدة الإنسانية، لن نحصل على شيء من الرئيس الأسد».
وتراهن باريس على إحداث تطور في موقف روسيا من الملف السوري وهي تعمل على ذلك مع العواصم الغربية الأساسية وتحديدا واشنطن ولندن وبرلين. وترصد باريس «مؤشرات» تدل على «تطور» في موقف موسكو وآخرها قول لافروف إن بلاده «لا تدعم الرئيس السوري بل خطة أنان» وسبقها قبول روسيا إرسال مراقبين دوليين إلى سوريا ودعم خطة المبعوث الدولي - العربي كوفي أنان.
ورغم إعلان هولاند أن تدخلا عسكريا في سوريا «ليس مستبعدا» وتأكيد فابيوس في حديثه إلى صحيفة «لو موند» أول من أمس أن «تدخلا أرضيا» في سوريا ليس واردا ما يعني أن تدخلا من «نوع آخر» ربما يكون واردا، فإن مصادر فرنسية «خففت» من وقع ما قاله الرئيس الفرنسي الذي استعاد بذلك موقفا عبر عنه أثناء الحملة الرئاسية. ودعت هذه المصادر إلى «قراءة كاملة» لما قاله هولاند الذي أكد أنه «يتعين العثور على حل لا يكون بالضرورة عسكريا». وأشار هولاند إلى الضغوط الإضافية التي يتعين ممارستها على النظام السوري لحمله على الرحيل. وقال هولاند: «ثمة عقوبات يجب أن تتخذ ويجب أن تكون أكثر قساوة وسأتناولها مع الرئيس بوتين... لأنه والصين الأكثر تحفظا في موضوع العقوبات وسنسعى لإقناعهما أنه من غير الجائز أن نترك النظام السوري يقتل شعبه».
غير أن موسكو سارعت، بلسان نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف، إلى الإعلان عن معارضتها لـ«أي مبادرة أممية» ضد سوريا معتبرة إياها «مبكرة». وترى موسكو أن البيان الصادر عن مجلس الأمن بخصوص مجزرة الحولة «يشكل إشارة قوية للجانب السوري ورد فعل كافية» منه. ويفهم من كلام غاتيلوف أن موسكو لا تعارض فقط أي لجوء إلى القوة ضد سوريا وهي ما تحذر منه منذ أشهر وترفض تكرار «النموذج الليبي»، إلا أنها أيضا ترفض العقوبات الدولية على دمشق وتحمل، كما النظام، «المجموعات المسلحة والإرهابية» مسؤولية ما حصل حتى في الحولة. ويتمثل خط موسكو الآن بدعم أنان والدعوة إلى حوار بين النظام والمعارضة والمطالبة بـ«آلية رقابة إضافية للإشراف على تنفيذ خطة أنان» من غير أن تفسر ما تريده حقيقة.
لكن الأوساط الفرنسية مقتنعة بأن موسكو لن تستطيع إلى ما لا نهاية التمسك بموقفها بالنظر لوصول العنف إلى درجات لم يعرفها في السابق. كذلك تعتبر فرنسا أن موسكو «مسؤولة كما كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي» عن تطبيق خطة المبعوث الدولي - العربي كوفي أنان وهي تسعى بالتالي لأن «تتحمل المسؤولية» الواقعة عليها كما على غيرها من أعضاء المجلس. غير أن المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» ترجح أن تكون موسكو مستعدة لتسويق أي تغيير في موقفها من الأسد لدى الطرف الأميركي «مقابل ثمن مرتفع» تسعى للحصول عليه ولا تستطيع أي دولة باستثناء الولايات المتحدة الأميركية تقديمه إذ المطلوب، كما تقول هذه المصادر، هو «الاعتراف بالمصالح الروسية في سوريا ومجمل الحوض المتوسطي». يضاف إلى ذلك، أن موسكو «لن تقبل بأي حل» بل إنها تريد «تطمينات» لما بعد الأسد إذ أنها تريد حماية نفسها من «المد الإسلامي» الذي يمكن أن يصل إلى أراضيها.
وترى المصادر الفرنسية أن السؤال المطروح يتناول «اللحظة» التي سترى عندها موسكو أنه «حان الوقت للتفاوض» ولذا فإنها حتى اليوم «تسعى لكسب الوقت» الأمر الذي يفسر استمرار دعمها للنظام السوري. ولكن ما يبدو مؤكدا اليوم، كما تقول هذه المصادر، هو أن روسيا «ليست جاهزة بعد» للتخلي عن نظام دمشق. من هنا أهمية مباحثات بوتين في برلين ثم في باريس فضلا عن المعلومات الواردة من واشنطن حول مساع أميركية لإقناع بوتين بالسير في «الحل اليمني» الذي يروج له الرئيس باراك أوباما.
ومن جهته واصل وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي رفضه لإرسال مهمة قتالية دولية إلى سوريا. وقال فسترفيلي في تصريحات لصحيفة «دي فيلت» الألمانية المقرر صدورها اليوم الخميس إن «الحكومة الألمانية لا ترى داعيا للتكهنات حول الخيارات العسكرية». وفي الوقت نفسه حذر فسترفيلي من اندلاع «حريق واسع المدى» في المنطقة.
كما حذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان إسيلبورن، في مقابلة نشرتها أمس مجلة «در شبيغل» الألمانية الأسبوعية من تدخل عسكري في سوريا «سيتسبب في سقوط عشرات آلاف القتلى». كما جددت الصين أمس معارضتها لأي تدخل عسكري في سوريا.
في غضون ذلك طردت تركيا واليابان أمس الدبلوماسيين السوريين لديها غداة قيام دول غربية بإجراء مماثل يعكس تصعيدا غير مسبوق على النظام السوري. وأتى ذلك فيما اعتبر المجلس الوطني السوري المعارض أن مواقف روسيا من الأزمة السورية تشجع النظام على مواصلة «جرائمه الوحشية» وتأمين غطاء سياسي له في المحافل الدولية.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية اليابانية لوكالة الصحافة الفرنسية إن الحكومة اليابانية طلبت من السفير محمد غسان الحبش مغادرة البلاد «في أسرع وقت ممكن». وأضاف المسؤول «هذا التحرك هدفه أن تظهر اليابان احتجاجها الشديد لسوريا ليس فقط على العنف وإنما على الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان». كما طلبت تركيا أمس من الدبلوماسيين السوريين مغادرة البلاد في غضون 72 ساعة، بحسب بيان للخارجية التركية.
ويأتي ذلك غداة قيام كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وسويسرا وأستراليا وكندا بطرد أعلى الدبلوماسيين السوريين لديها بهدف زيادة الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد.
والخطوات المنسقة لهذه الدول تأتي عقب تزايد الغضب الدولي إثر المجزرة في بلدة الحولة وسط سوريا، والتي قتل فيها 108 أشخاص من بينهم 49 طفلا، بحسب الأمم المتحدة.
وردت الخارجية السورية في بيان مقتضب بطرد القائمة بالأعمال في السفارة الهولندية في دمشق وأمهلتها ثلاثة أيام للمغادرة. ومن جانبه صرح وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أول من أمس أن طرد سفراء سوريا في أوروبا والولايات المتحدة لا يكفي و«لن يحرم» الرئيس السوري بشار الأسد «النوم» داعيا إلى اتخاذ «تدابير أكثر فاعلية».
ودانت روسيا الأربعاء الطرد «غير المجدي» لسفراء سوريين في عواصم غربية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية في بيان «في إطار الجهود الدولية للتسوية السلمية للأزمة السورية، يبدو لنا طرد السفراء السوريين من أبرز العواصم الغربية تدبيرا غير مجد».
من جهة أخرى، انتقدت الصحف السورية الصادرة صباح أمس في دمشق إقدام دول غربية على طرد السفراء السوريين.
وتحت عنوان «سعار دبلوماسي» كتبت صحيفة «البعث» الناطقة باسم الحزب الحاكم «ما معنى أن يقرر الأطلسيون طرد السفراء السوريين دفعة واحدة بينما كان كوفي أنان في دمشق يبحث سبل إنجاح خطته».
وانتقدت الصحيفة السياسة الخارجية للرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند معتبرة أنه «يلوح بخطاب الحرب مجازفا بالتضحية بسياسة فرنسا الخارجية كلها على مذبح استرضاء إسرائيل وتحت تأثير الدولارات القطرية».
أسرة التحرير
ميدل إيست
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة