أحمد كامل
تصدير المادة
المشاهدات : 2656
شـــــارك المادة
سألني لماذا صرت تذم العلمانيين والعلمانية !؟ قلت الأسباب هي التالية : 1-الشعب السوري قدم مليون شهيد و٨ ملايين مشرد وملايين المعذبين والمعتقلين لأجل الحرية فقط. لا يوجد ولا مظاهرة واحدة من بين عدد لا يحصى من المظاهرات، طالبت بالعلمانية، لأن العلمانية موجودة وقائمة في سورية منذ خمسين سنة، علمانية صحيحة ١٠٠ ٪ (العلمانية هي إقصاء الدين ورجال الدين عن سن القوانين وعن قيادة الدولة، و٩٦ ٪ من القوانين في سورية فرنسية، ولا يوجد ولا رجل دين واحد في موقع سلطة حقيقية في سورية). الحرية تم تفسيرها في كل الوثائق السورية المعارضة (كلها) بأنها إقامة دولة حرة مدنية ديمقراطية، وليس علمانية. إذن المطالبة بدولة علمانية هي خروج عن أهداف الثورة مثل المطالبة بدولة داعشية. ولأن الشعب السوري والثورة السورية (وكل الثورات العربية) يريدون دولة حرة مدنية ديمقراطية، فأنا (وكل شخص يقول أنه وطني أو ثائر أو حر) يجب أن يكون هدفي إقامة دولة حرة مدنية ديمقراطية. وليس لا داعشية ولا علمانية. ولا خيار لي في ذلك. أهداف الثورات هي قواسم مشتركة يتفق عليها شعب، وليست مجالاً لإطلاق الأحلام والمطالب القصوى. هدف الثورة ليس تجسيد أجمل صورة في ذهني وخيالي للدولة والمجتمع، وإنما تجسيد القاسم المشترك الأقصى بين كل أفراد المجتمع. القاسم المشترك الذي يموت الناس من أجل تحقيقه. المليون شهيد سوري ماتوا من أجل الحرية، وليس من أجل العلمانية. ولا سوري مات من أجل العلمانية. من يريد أن يموت من أجل العلمانية فليتفضل، فليحمل السلاح وليشكل جيش مونتسكيو، أو فصائل جان جاك روسو. أما أن يموت المؤمنون بالحرية الباحثون عنها (غير المؤمنين بالعلمانية) لكي تتحقق أحلام ثوار الشانزيليزية فهذا لن يحصل. لن يحصل القاسم المشترك الذي يموت الناس من أجله. أبداً. أن تجير دماء مليون شهيد لغير ما ماتو لأجله فهذه خيانة وظلم وعهر فادح. 2-العلمانية في مجتمع مسلم، هي إقصاء واستبداد. هي منع الشعب ولو بموافقة ١٠٠ ٪ منه، أن يأخذ ولو سطر من التشريع الإسلامي. في البلاد المسيحية العلمانية تمنع الكنيسة والدين المسيحي من التدخل فيما لا شأن لهم به، أي التشريع الجزائي والتجاري والمدني والدولي.. في المجتمع المسلم العلمانية تمنع الإسلام من التدخل فيما يخصه مباشرة، أي التشريع الجزائي والتجاري والمدني والدولي.. هناك فارق جوهري بين الاسلام والمسيحية. المسيحية دين فقط (تنظم علاقات الإنسان بربه فقط) بينما الإسلام دين + تشريعيات (تنطيم علاقات البشر ببعضهم، والمواطن بالدولة.. تشريع جزائي + تشريع تجاري + تشريع مدني أي عقود ومعاملات + تشريع ضريبي...) والعلمانيون السوريون يصرون (تعسفا) على معاملة الإسلام (الذي هو دين + تشريع) معاملة المسيحية (التي هي دين فقط). 3-سنوات الثورة التسعة أظهرت لنا أن العلمانية لا تستطيع أن تقدم لسورية المذبوحة المحتلة من ١٠ جيوش أجنبية، إلا منظرين وفنانين ونقاد وفي أفضل الأحوال متظاهرين سلميين في الخارج، في حين أن سورية بحاجة ماسة وملحة والآن لألوف الرجال الذين لا يهابون الموت (مثل عبد الباسط الساروت) لمواجهة وحوش القرداحة وروسيا وإيران والعراق وحزب الله.. العلمانيون يتلهون برسم تصوراتهم لدولة ما بعد النظام، ولا يقدمون ما يفيد في إسقاط النظام وتحرير سورية من محتليها. 4-العلمانيون السوريون، كثير منهم يخفون وراء علمانيتهم شيء آخر غير العلمانية. مثلاً أحدى رموز العلمانية السورية المتطرفة (المخرجة هالة العبد الله) تعلن أننا لا نريد محجبات في سورية الحرة، وهي تعلن عداوتها المريرة للدين، وكل مظاهر التدين. ثم اكتشفنا أنها مسيحية متدينة. فإذن علمانيتها إقصاء للإسلام فقط (مهما كان خفيفاً) وليست إقصاء للدين كل دين. وهذه فضيحة تكررت مراراً مع زملاء وشركاء في الثورة مسيحيين ودروز وإسماعيليين وعلويين، ولا يمكن أن ترى ذلك من العلمانيين الأوربيين. العلماني أو الملحد الأوربي والأمريكي موقفه من دينه مطابق لموقفه من أديان الآخرين. ولذلك هو منطقي، والعلماني السورين بعيد جدا عن المنطق. 5-أنا أمضيت ٢٨ سنة من عمري في قلب أوربا، وأعرف العلمانيين الأوربيين، وأعرف العلمانية تماماً. ما يفعله العلمانيون السوريين هو تفسير من أكثر التفسيرات تطرفاً للعلمانية. مثلاً : في جنازة البطلة مي سكاف أراد بعض المشيعين قراءة الفاتحة على روحها (واحد لأنه يريد لها الرحمة من الله، وثاني لأن قراءة الفاتحه هي الطريقة الوحيدة التي يعرفها لطلب الرحمة والتعبير عن التقدير والحب والوفاء، وثالث لأن مي بنت مسلم وزوجة مسلم وهي قانوناً مسلمة دون أي شك..) فأبدى الثائر العلماني فارس الحلو ضيقاً شديداً من مجرد ذكر إسم الفاتحة ولو استطاع منع الناس من قرائتها لفعل (الحادثة مسجلة فيديو). بالمقابل أنا قرأت الفاتحة أمام جثمان ملك بلجيكا، وكان هذا مصدر ترحيب وتقدير وسعادة الجنرال المكلف بحراسة جثمان الملك، وكل من كان حولي من العلمانيين والمسيحيين البلجيك. إذن العلمانيون السوريين يتبنون أشد التفسيرات تطرفاً للعلمانية في وقت تقتضي الوطنية والمصلحة والعقلانية أن يتبنوا أقل التفسيرات تطرفاً لتوسيع مساحة المشتركات بين السوريين، وتوحيد صفهم. 6-ربما تفاجأ بأنني لست متدين كثيراً، ومقصر كثيراً جداً في أداء واجباتي الدينية الإسلامية، ومتربي تربية قومية عروبية متشددة جداً، وطوال عمري ما انتقدت العلمانية ولا بكلمة حتى السنوات القليلة الماضية (سنيتن أو ثلاثة فقط). لأنني لم أجد أي خطر أو تطرف في العلمانية الأوربية البلجيكية والألمانية والبريطانية.. وحتى النموذج العلماني الفرنسي وهو الأكثر تطرفا في أوربا، لا يصل في تطرفه لما يقوله ويفعله العلمانوين السوريون. لتعرف لماذا بدأت أفزع من العلمانية والعلمانيين إعمل جولة على صفحات فيسبوك العلمانيين والأقلويين السوريين. إذا كنت مسلم، فستسمع كل يوم أبشع الشتائم والتحقير والتسفيه وأقبح السباب والسخرية والإهانة لدينك وربك ونبيك وأمك المحجبة والمليون شهيد مسلم الذين سقطوا في معركة الكرامة. أي مسلم عنده ذرة كرامة أو ذرة حرية أو ذرة شرف وغيرة يجب أن ينتفض ضد هؤلاء السفهاء الجبناء، وأنا انتفضت. 7-الدولة الديمقراطية الحرة المدنية التي نريد، يمكن تعريفها، ويمكن تقديم أمثلة عليها، ويمكن تمييزها بسهولة عن الدولة العلمانية. إنها دولة السلطة فيها كلها للشعب، المواطنون متساوون مطلقاً في الحقوق والواجبات، نواب الشعب المنتخبون في انتخابات حرة ونزيهة وتعددية، يمكنهم أن يختاروا تشريعات من كل تراث التشريع في العالم، دون استثناء التشريع الإسلامي، يمكنهم أن يأخذوا منه سطر أو سطرين أو مئة أو مئتين، أو صفر، أو ألف، وما يأخذونه من التشريع الإسلامي يصبح واجب التنفيذ لأنه اختيار الشعب، وليس لأنه حكم الله، وهو لذلك قابل للتعديل أو الإلغاء في أي وقت. الدولة الديمقراطية المدنية الحرة يعني دولة مثل بريطانيا وألمانيا والسويد وإيطاليا.. فيها حزب ديمقراطي مسيحي (وسيكون فيها حزب ديمقراطي إسلامي) ويجوز للرجل أن يكون ملتحي وللمرأة أن تكون محجبة في الجيش والشرطة والجامعة والمحكمة وكل أجهزة الدولة. الدولة العلمانية التي نرفضها هي فرنسا التي تمنع فيها مظاهر التدين في المدارس والجيش والشرطة والقضاء، وتجبر الفتاة على لبس المايوه في المدرسة ولو أدى هذا لقهرها وقهر أهلها وإلحاق الألم والعذاب بهم، أو دفعهم أو دفعها لترك التعليم. وطبعا الدولة العلمانية التي نرفضها هي أيضاً الدولة الاتاتوركية التي تعدم من يلبس غطاء رأس على غير هوى الزعيم العلماني، ويسمح لنواب الشعب أن يختاروا من تشريعات العالم كله (مهما تكن منحطة وظالمة) إلا التشريع الإسلامي لا يجوز الاقتراب منه. وطبعاً نرفض علمانية ١٠٠ دولة علمانية مستبدة ومتوحشة (كل الدول الشيوعية وكل الانظمة العسكرية وغالبية الانظمة الوراثية، والانظمة المستبدة كنظام السيسي وبورقيبة وبن علي وبينوشيه وكاسترو وسيموزا.. ).
صالح محمد المبارك
مجاهد بن حامد الرفاعي
عماد الدين أديب
موقع المسلم
المصادر: حساب الكاتب على فايسبوك
حساب الكاتب على فايسبوك
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة