..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

مأزق تركيا في إدلب يدفعها للتفاوض مع دمشق

المرصد الاستراتيجي

٢٥ يونيو ٢٠١٩ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2280

مأزق تركيا في إدلب يدفعها للتفاوض مع دمشق

شـــــارك المادة

مع استمرار العمليات العسكرية في إدلب تضيق خيارات أنقرة، خاصة وأن الولايات المتحدة وإسرائيل قد نجحتا في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإدارة ظهره لأستانة والتنسيق معهم في صفقة يُتوقع أن تنكشف معالمها نهاية شهر يونيو الجاري.
ودفع ذلك التعاون بأنقرة لبحث خياراتها عبر فتح قنوات التواصل مع النظام، إذ تؤكد مصادر أمنية مطلعة أن لقاء رئيس الاستخبارات التركية حقان فيدان مع رئيس الأمن القومي اللواء علي مملوك قد هدف إلى فتح آفاق للخروج من الزاوية الصعبة التي وضعت فيها أنقرة، على خلفية العمليات العسكرية في إدلب، حيث عرض الطرف التركي مقترحاً للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق للنار يتم بموجبه العودة إلى الاتفاقيات المبرمة في سبتمبر 2018، والتي نصت على تشكيل منطقة منزوعة السلاح بعمق 15-20 كم.
واستبقت السلطات التركية لقاء فيدان-مملوك بمبادرة حسن نية تمثلت في السماح بوصول شحنات ضخمة من النفط الإيراني إلى دمشق عبر تركيا، حيث رست تلك السفن في موانئ شرق تركيا لمدة 3 أسابيع قبل أن تغادر ميناء إسكندرون، وتطفئ بعدها أجهزة إرسالها بالقرب من الساحل السوري في 7 مايو، وتفرغ حمولتها قرب ميناء بانياس.
والتزم الموقف الرسمي التركي الصمت في البداية أمام التصعيد العسكري من قبل موسكو ودمشق على أمل التوصل إلى اتفاق، حيث دار الحديث عن ضغوط مارستها أنقرة على بعض الفصائل لإبرام اتفاقيات تسوية مع القوات الروسية بضمانات تركية، لكن الجهود الدبلوماسية والاستخباراتية لم تكلل بالنجاح.
وجاء قرار موسكو بتصعيد عمليات القصف الجوي لحمل أنقرة على تسليم المنطقة العازلة التي تم الاتفاق عليها مسبقاً ضمن “خفض التصعيد” إلى النظام السوري، في حين اكتفت الرئاسة الروسية بالحديث عن اجتماع وشيك مع المسؤولين الأتراك بخصوص مستقبل سوريا في الفترة المقبلة.
وعندما أخفقت الدبلوماسية التركية في إقناع روسيا، في اجتماعات “مجموعة العمل المشتركة” الأخيرة، بضرورة إنهاء التصعيد لتفادي تدفق اللاجئين إلى تركيا؛ قررت أنقرة دعم الفصائل في هجوم مضاد ألحق خسائر فادحة بالنظام وحلفائه في إدلب وريف حماة، الأمر الذي دفع النظام لمهاجمة نقاط المراقبة التركية وتصوير المعارك في الأعلام الرسمي على أنها مواجهة مباشرة مع تركيا “التي تدعم الجماعات الإرهابية” وفق تعبيرهم.
إلا أن المعارك، على ضراوتها، لا تزال تحت السيطرة، إذ إن القصف الجوي الروسي قد استهدف المنطقة العازلة بصورة رئيسة، وتفادى إلى حد كبير قصف مدينة إدلب وريف إدلب الشمالي، حيث يدور الجزء الأكبر من المعارك في شمال حماة وجنوب إدلب، حيث تعمل موسكو على تأمين سيطرة النظام على الطريقين السريعين الرئيسيين، من حلب إلى حماة واللاذقية، وهما من أهم شرايين الشمال الغربي، وذلك في محاولة لدعم الاقتصاد السوري المتضرر من العقوبات.
وتعزز هذه الإستراتيجية التكهنات برغبة موسكو في التوصل إلى اتفاق جديد مع أنقرة بعد ترتيب أوراقها في الاجتماع الثلاثي بالقدس المحتل نهاية الشهر الجاري، إذ تبدو موسكو غير مستعجلة على تحقيق حسم عسكري سريع، بل ترغب في حشد التأييد الغربي لموقفها في “محاربة الإرهاب”، ودعم جهودها لاستئصال فلول تنظيم القاعدة غربي سوريا، بهدف التوصل إلى تفاهمات جديدة تضمن هيمنتها الكاملة على الساحل السوري.
وعلى الرغم من حراجة الموقف التركي؛ إلا أن موسكو لا تزال راغبة في التنسيق مع أنقرة في الشأن السوري، حيث ترغب بالاستمرار في إضعاف العلاقات التركية-الأمريكية، وإلحاق ضربات موجعة بحلف شمال الأطلسي “ناتو” من خلال نشر منظوماتها الصاروخية (إس-400) في تركيا، في حين ترغب طهران في الاحتفاظ بعلاقة وطيدة مع أنقرة للتنسيق في الملف الكردي والتخفيف من وطأة العقوبات المفروضة عليها.
وتدرك الفصائل في الوقت ذاته، أن اتفاقيات خفض التصعيد لم تكن سوى ترتيبات مؤقتة، وأنه من الصعب على أنقرة الاستمرار في مقاومة رغبة شركائها في “أستانا” بشن عملية عسكرية على إدلب في وقت ما.
ولا تمثل إدلب الهم الأكبر بالنسبة لتركيا التي يتركز اهتمامها الإستراتيجي على تأمين منطقة عازلة في محيط حدودها شرقي الفرات، وتمثل هذه القضية أولوية لها بالمقارنة مع الشمال السوري، وقد لا ترى في بقاء إدلب تحت سيطرة الفصائل قضية مهمة إذا حصلت على مبتغاها وفق ترتيبات جديدة.
وتقيم الاستخبارات التركية اتصالات مع مسؤولين أمنيين تابعين للنظام، حيث نُشرت تسريبات عن لقاءات عقدت في الأعوام 2018 مع: علي مملوك بقاعدة حميميم، ومحمد ديب زيتون في الجزائر، وكذلك عام 2016، عندما زار مسؤولون في الاستخبارات التركية دمشق، فضلاً عن اللقاء الذي جمع فيدان بمملوك في شهر فبراير الماضي بطهران.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع