..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اعلام وتراجم

الشيخ عبد العزيز عيون السود.. شيخ قراء زمانه

خالد عواد الأحمد

١٩ فبراير ٢٠١٧ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 9891

الشيخ عبد العزيز عيون السود.. شيخ قراء زمانه
000.jpg

شـــــارك المادة

في الثالث عشر من كانون الثاني عام 1979 رحل عن دنيانا واحد من أهم قراء القرآن الكريم في الوطن العربي، صاحب القراءات العشر وشيخ قراء بلاد الشام الشيخ العالم "عبد العزيز عيون السود" تاركاً وراءه سيرة حافلة بالعلم والتقى والزهد والمعرفة العميقة بعلوم القرآن وقراءاته المختلفة.ولد الشيخ عبد العزيز بن محمد عبد الغني عيون السود في مدينة حمص عام 1325 –1916 لأسرة عريقة في العلم والفضل، ولما نشأ تلقى عن عمه الشيخ عبد الغفار عيون السود وعن الشيخ عبد القادر الخوجة والشيخ طاهر الرئيس والشيخ عبد الجليل مراد وغيرهم، كما تلقى في دار العلوم الشرعية التابعة للأوقاف عن الشيخ زاهد الأتاسي والشيخ أنيس كلاليب ووالده الشيخ محمد علي عيون السود وتخرج من دار العلوم الشرعية عام 1936.

أُصيب بمرض قطعه عن الناس فاغتنم الفرصة وحفظ القرآن الكريم، ولمّا تجاوز الخامسة عشرة من عمره وتلقى علم القراءات السبع بـ(مضمن الشاطبية) عن الشيخ سليمان الفارس كوري ثم حفظ (الدرة والطيبة)، ونزل دمشق فقرأ على الشيخ "محمد سليم الحلواني" شيخ قراء الشام في زمنه وأخذ عنه القراءات العشر بمضمن الشاطبية والدرة، وفي الوقت الذي أخذ عن الشيخ عبد القادر قويدر الشهير بالعبريني القراءات العشر بـ(مضمن الطيبة)، وقرأ في مكة المكرمة عن الشيخ أحمد حامد التيجي شيخ قراء الحجاز القراءات الأربعة عشر بمضمن الشاطبية والدرة والطيبة والفوائد المعتبرة، استأّذن والده فرحل إلى مصر وتلقى القراءات عن شيخ عموم المقارىء المصرية الشيخ محمد علي الضباع، فقرأ عليه القراءات الأربعة عشرة عن طريق الشاطبية والدرة والطيبة والفوائد المعتبرة، كما تلقى عنه المقدمة في التجويد لابن الجزري ومنظومتي عقيلة أتراب القصائد وناظمة الزهر في علم الرسم والضبط والآي وكلتاهما للشاطبي، وقد أجازه علماء القراءات المذكورة كلهم و"بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم 26 رجلاً كل منهم مشهور بشيخ قراء زمانه ومشهود له بالتحقيق والتدقيق وهذا إسناد ليس في زمنه أعلى منه ولا أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم (كتاب: تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر، تأليف مطيع الحافظ ونزار أباظة).

إجازاته في رواية الحديث الشريف:
إلى جانب علمه في القراءات كان الشيخ عيون السود عالماً في التفسير يحقق فيه، وله باع في علم مصطلح الحديث وقواعد الجرح والتعديل، حفظ الكتب والسنة والمسلسلات وأجازه نعيم الجزائري المحدث، وعنده عدة إجازات في رواية بعض الأحاديث، تلقى الفقه الحنفي وأصوله عن والده وعمه الشيخ عبد الغفار وشيخه عبد القادر خوجة وهم فقهاء بالتلقي بالسند المتصل بأبي حنيفة رضي الله عنه وكان متمكناً يُرجع إليه في معضلات الفقه حتى غدا المرجع الأعلى في حمص في الفقه.

كان الشيخ عبد العزيز واسع الاطلاع في علوم اللغة العربية ومحفوظاته كثيرة تبلغ نحواً من ثلاثة عشر ألف بيت من الشعر في العلوم المختلفة، افتتح دار الإقراء في حمص وأخذ عنه الكثيرون علم التجويد ومخارج الحروف والقراءات والرسم والآي وأجاز بالقراءات السبع عن طريق الشاطبية والقراءات الثلاث فوق السبع عن طريق الدرة الشيخ عبد الغفار الدروبي وتلقى عنه الشيخ سعيد العبد الله الجزائري الذي وفد خصيصاً من الجزائر للقراءة عليه وتلقى عنه القراءات الأربعة بمضمن الشاطبية والدرة والطيبة والفوائد المعتبرة وقرأ عليه الشيخ محي الدين الكردي من دمشق ختمة كاملة لورش من طريق الأصفهاني من طريق الطيبة وأجازه وقرأ عليه آخرون وأجازهم.

قليل المزاح كثير الذكر:
جمع الشيخ الراحل من العلم التواضع للعلماء والمتعلمين لكنه كان مع التواضع وقوراً محبوباً من الناس، حسن العشرة والصحبة يهتم بمرافقيه وطلابه ويرفع قدرهم وكان الشيخ الراحل عبد العزيز عيون السود قليل المزاح كثير الذكر والتلاوة والصلاة يحافظ على الصلوات في أوقاتها مع الجماعة، ولم يصل منفرداً أبداً لا في سفر ولا في حضر، يديم التهجد ويثابر على الذكر بين العشاء والمغرب، وهو من أعلم العلماء إذا تحدث بينهم كان له قدره وجلاله، يجذب إليه الجالسين بكلامه (من حوار أجراه كاتب السطور مع ابن الشيخ الأوسط مبشر ونشر في جريدة الأنباء الكويتية بتاريخ 12 / 3 / 2003).

ويروى في هذا الشأن أنه التقى في أحد المرات في مصر شيخ الأزهر الراحل الدكتور عبد الحليم محمود وضم المجلس نائب رئيس الجمهورية وتطرق الكلام إلى أحاديث يوم القيامة وأخبارها ففصّل صاحب الترجمة في الموضوع وأدلى بدلوه، فأثار إعجاب الحاضرين وعجبهم، فلما مضى سأل شيخ الأزهر نائب رئيس الجمهورية، كيف رأيت الشيخ؟ قال لقد ملك علي نفسي.

كان رحمه الله متفرغاً للعلم والتعليم والعبادة وكان بابه مفتوحاً دائماً لا يُغلق، وكان يقصده الكثير من بلاد العرب وغيرها لصلاحه ووفرة علمه وقد شطر من منزله ساحة للثواب الجاري لتكون مسجداً يصلي به الناس الصلوات الخمس وفيه دُفن وما زال هذا المسجد قائماً بالقرب من الملعب البلدي يصلي الناس به ويقوم على الاهتمام به وإمامته أبناء الفقيد الراحل.

وفي ليلة وفاته صلى ونام ثم أحس بالتعب لكنه قام للتهجد كعادته فتوضأ للصلاة، وما إن بدأها حتى توفي في سجوده وكان ذلك في الساعة الرابعة قبل الفجر 23 صفر 1399 هـ 3 كانون الثاني 1979 عن واحد وستين عاماً.

 

 

زمان الوصل

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع