..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

هلسنكي: تنازلات ترامب لبوتين في سوريا تثير انتقادات قادته الأمنيين والعسكريين

المرصد الاستراتيجي

٢٢ ٢٠١٨ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 1838

هلسنكي: تنازلات ترامب لبوتين في سوريا تثير انتقادات قادته الأمنيين والعسكريين

شـــــارك المادة

تسبب ضعف أداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقابل استحواذ نظيره الروسي فلاديمير بوتين على المشهد في قمة هلسنكي (16 يوليو) بردود فعل سلبية في واشنطن، حيث دعا زعيم الجمهوريين في الكونغرس الأميركي بول راين، ترامب إلى أن “يدرك أن روسيا ليست حليفتنا”، مؤكداً أنه: “ليس هناك تكافؤ أخلاقي بين الولايات المتحدة وروسيا التي ما زالت معادية لقيمنا وأفكارنا الأساسية. يجب أن تركز الولايات المتحدة على محاسبة روسيا ووضع نهاية لهجماتها الوضيعة على الديمقراطية".

ورأى الرئيس الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بوب كوركر أن تصريحات ترمب جعلت الولايات المتحدة تبدو كما لو كانت “لقمة سائغة…فعندما أتيحت له الفرصة للدفاع عن أجهزة مخابراتنا التي تعمل لصالحه، أصابتني خيبة الأمل والحزن بالمقارنة التي عقدها بينها وبين ما يقوله بوتين”.

كما نشبت أزمة ثقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومدير المخابرات الوطنية الأميركية دان كوتس الذي أكد أن جهازه كان واضحاً بشأن التهديد الذي يمثله التدخل السياسي الروسي، مما دفع ترامب لنشر تصريح يتراجع فيه عن موقفه السابق، ويؤكد ثقته بأجهزة بلاده الأمنية.

ويبدو من الواضح أن الثقة التي ادعاها ترامب بأجهزته الأمنية والعسكرية ليست متبادلة؛ إذ إن انعطافة الرئيس الأمريكي لصالح الموقف الروسي في سوريا قد تسببت بعاصفة من التكهنات والانتقادات حول سياسة البيت الأبيض إزاء الملف السوري.

فقد تحدث ترامب في أكثر من مناسبة عن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع موسكو حول جنوب غرب سوريا يسمح لهم ببسط السيطرة عليها، وتمكين النظام من السيطرة على طول الحدود الأردنية وفق “شروط معينة”، تتضمن استيعاب فصائل المعارضة المتعاونة في الفيلق الخامس بدلاً من القضاء عليها، وإقامة منطقة عازلة، ومنع القوات المدعومة من إيران من التمركز في المنطقة.

وحذر سياسيون مخضرمون الرئيس الأمريكي من تقديم المزيد من التنازلات لبوتين، حيث رأى رئيس مجلس الأمن القومي جون بولتون ضرورة المحافظة على قاعدة التنف، وعدم مقايضتها بأي ثمن، مصراً على طرد إيران من سائر الأراضي السورية وليس من المحافظات الجنوبية فحسب.

وعزز تلك المطالب الفريق مايكل ناتغا؛ أكبر مسؤول في مركز مكافحة الإرهاب، بتأكيده إن القتال ضد تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا لم ينته بعد، قائلاً: “رأيي أن دور الولايات المتحدة لا يمكن التخلي عنه للتعامل مع ما بقي".
وتقوم صفقة ترامب-بوتين (التي أبرمت قبل قمة هلسنكي بأيام) على افتراض أن روسيا جادة في التعاون مع الولايات المتحدة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، واعتبار تخفيض العنف أولوية تسمح بعودة اللاجئين، وأن لدى موسكو القوة والإرادة على احتواء طهران ودفعها للتخلي عن مواقعها المتقدمة جنوب البلاد، وهي افتراضات خاطئة بالكلية.

ويرى العسكريون الأمريكيون أن مسارعة ترامب للإعلان عن نية سحب قواته من سوريا قد أضعف موقعه السياسي والعسكري على حد سواء، وقلل من أوراق التأثير لدى الإدارة الأمريكية التي سلمت الجنوب السوري لروسيا والنظام دون أن يكون لها أي دور ميداني أو حتى اعتباري كضامن لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

ووفقاً لتقرير أمني مطلع؛ فإن مسؤولون أمريكيون يرون أن ترامب قد ارتكب أخطاء فادحة في جولته الأخيرة التي ختمها بقمة هلسنكي، حيث بالغ في انتقاد حلفاء واشنطن التقليديين، وعلى رأسهم حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وكال المديح لنظيره بوتين، وبرأه من تهمة التدخل في الانتخابات الأمريكية، وسمح له أن يتحدى التحذيرات الأمريكية بشأن دعم حملة النظام في جنوب سوريا، وأن ينتهك اتفاقية خفض التصعيد، وأن يمنح إيران موطئ قدم آخر في سوريا.

ويرى بعض القادة العسكريين أن سياسة ترامب قد أتاحت لبوتين والأسد المضي في خطتهما لإزالة العقبات أمام تعزيز التواجد الإيراني في سوريا، وأن يدفعا بالولايات المتحدة للتخلي عن قواعدها العسكرية وعن نفوذها شمال وشرق سوريا، مقابل تقدم الروس والإيرانيين وبسط سيطرتهما على سائر المحافظات الجنوبية، حيث تحتشد القوات الروسية -التي يمثل المرتزقة معظم قوامها في الشمال والشرق- إلى جانب الميليشيات الموالية لإيران وتقف على أهبة الاستعداد لضرب قوات “قسد” المدعومة من الولايات المتحدة.

وفي مقابل تدمير فصائل المعارضة وتفكيك ما تبقى منها؛ يعمل النظام على تعزيز موقفه من خلال حشد الميلشيات الموالية لإيران في الجنوب، وتشكيل قوة من العشائر الموالية بحلب والرقة والحسكة ودرعا ودير الزور ودفعهم لإصدار بيانات تطالب بطرد الولايات المتحدة والتعهد بالقتال إلى جانب قوات الأسد.

وقد ساهم الروس في تسليح هذه العشائر، وشكلوا منها فرقاً أبرزها مجموعة أطلقت على نفسها اسم “صيادو داعش” دربت روسيا عناصرها، وقاتلت إلى جانب المرتزقة الروس حيث تم جمع بعضهم من جنوب شرق محافظة ديرالزور بداية شهر يونيو الماضي.

وعلى إثر تلك التنازلات وضع بوتين على طالة المفاوضات مع ترامب في هلسنكي حزمة من الإجراءات التي تفرض الهيمنة الروسية-الإيرانية مقابل انحسار الدور الأمريكي في سوريا، ودفع واشنطن للقبول بالأمر الروسي الواقع كجزء من النظام العالمي الجديد، فيما يبدو ترامب مستمراً في التغاضي عن سلوك بوتين والابتعاد عن حلفائه التقليديين لإرضاء غريمه في الكرملين.

وتبدو دول الاتحاد الأوروبي تبدو غير راضية عن مسار التفاهمات الأمريكية-الروسية، حيث تشكك الدوائر الاستخباراتية الغربية في قدرة روسيا أو رغبتها بإضعاف إيران.

كما تلاحظ الأوساط العسكرية عدم رضا ترامب عن استمرار التعهدات العسكرية للشرق الأوسط التي تبناها أسلافه جورج بوش وباراك أوباما، حيث يعمل على هدمها خطوة خطوة، ولعل الأسوأ من هذه الإخفاقات هو السماح لتل أبيب بتعزيز علاقاتها العسكرية مع موسكو على حساب العلاقة بينها وبين واشنطن، حيث يضطر القادة الإسرائيليون للتوسل إلى بوتين لتقديم ضمانات لهم في الجنوب السوري بعد أن فقدوا الأمل في إقناع ترامب بعدم التعجل في تنفيذ سياسة الانسحاب غير المدروس من سوريا.

ويبدو أن استعداد ترامب لتقديم المزيد من التنازلات للسلطة الروسية في سوريا والتخلي عن المكاسب الأميركية التي تحققت بصعوبة، يزعجان العديد من مسؤولي المجتمع الأمني الأمريكي وضباط البنتاغون، في حين تعزز القوات الروسية نفوذها في الشرق الأوسط، وتستمر في دعم حلفائها لإضعاف هيبة واشنطن ونفوذها المتراجع في المنطقة.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع