..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اضاءات

حبيساً في سبيل الله

أحمد أرسلان

٢٧ يونيو ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3428

حبيساً في سبيل الله
15370_10200459011379391_1978060222_n.jpg

شـــــارك المادة

يروى أن عبد الله بن رواحة قال : (أنا لا أزال حبيساً في سبيل الله حتى أموت).
الحياةُ في سبيل الله طريقٌ طويل، صعبٌ، شاق، يُطيقه ويسير فيه الأكابر، هو سبيل الصديقين الذين جعلهم الله بعد الأنبياء في الدرجة والتّفاضل، قال الله تعالى في سورة النساء: ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ) 69.  لذا كانت نهايتهم أسعد النهايات.

 


أن تكون من الأحياء بين الأموات، يعني أن تعيش هموم وقضايا أمتك، أن تختار عيش حياتك في مشاريع تنفع الناس، وتترك الراحة والانغلاق في دائرة النفس والعائلة، لتنطلق في فضاء من العمل المتواصل، تدور مع المصلحة، يصبح همّك الإصلاح، زرع القيم، الرّقي بالواقع من حولك.
يقول صاحب الظلال : (إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً، ولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً، فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير.. فما له والنوم، وما له والراحة، وما له والفراش الدافئ والعيش الهادئ والمتاع المريح؟! ).
أن تكون من الصّديقين، يعني أن تسير في هذه الحياة بقلب تعلّق بالله، أحبه، خافه، طمع برضاه، وإن تغيّرت النيّة ومالت ،سارعت بخلوة مع النفس، ودمعات حارة تظهر خطأك بين يدي ربك، يتبعها يقظة في القلب تقوّمها.
وأن تكون ممن يصبر على طول الطريق، وإن تعب غيرك تستمر، وإن تعبت مثلهم تسارع في النهوض، وإن مللت فالروح العالية الهمة تسارع في استعادة نشاطها، وإن خسرت بسبب سيرك في طريق المصلحين، أدرك قلبك أنك على طريق الفائزين بجنات النعيم، فترتسم ابتسامة الرضا على شفتيك، وتحمد الله جوارحك.
وإن انحرف غيرك ثبت، وإن انحرفت بطبيعة إنسانيتك تعود كالأوّابين، مرة وعشرة ومئة، ولا تخدع بالركون والضياع، ولا تقنط ، فروحك وشعلة العبودية في صدرك تأبى أن تنطفئ وروحك لم تنطفئ.
أن تعيش لله، يعني أن تثبت أيام الفتن، وتداوم على سؤال الله الثبات، دائماً عقلك في رياض الدين يدرك الحق، لا تجرفك عاطفة، ولا كثرة المخدوعين، ولا زخرفات قول القائلين، ولا أوهام الحالمين، لا يهمك لمز اللامزين، ما دمت على طريق رضا رب العالمين.
أن تكون من الأكابر يعني أن تكون وفياً، أن تكون عزيز النفس، لا تقبل الذل، كريم السجايا، لا تقبل الضيم والظلم، تثب في مقدمة القوم عند التضحية ونصرة المظلوم، في رأس الرمح عند مقارعة الظلام، وإن كنت على فراش العجز كانت روحك في السماء، وإن كنت خلف قضبان كان صبرك وثباتك نوراً لمن خارج القضبان.


يقول الشاعر طلال الشواف :

شتان بين الذي لازال يحسبها ** وبين ذاك الذي قبل الندا وثبا
شتان بين عزيز النفس ذي كرم ** وبين من لفراق الدرهم انتحبا
شتان بين الطفل في وطني ** يقارع الهول لا خوفاً ولا رهبا
وبين مرتجف رغم المدى وجل ** كأنما الموت قد وافاه فاضطربا

 

وأن تكون من الأكابر، يعني أن تكون كما قال تعالى : ( رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )، تحسن الظن بإخوانك، وتحسن لمسيئهم.
أن تنصف صديقك وعدوك، أن تنصف في الرضا والخصام، أن تنصف لمن تحب وتكره، أن تنصف علناً وفي سر
أن لا تكذب، لا تخدع ، لا تغش ، لا تحسد.
أن تحبس نفسك في سبيل الله حتى تموت، فأنت ممن اصطفاهم الله كما اصطفى منا شهداء 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع