..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اضاءات

نداء عاجل إلى أهلنا في سوريا

حسان الجاجة

٦ فبراير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7444

نداء عاجل إلى أهلنا في سوريا
111.jpg

شـــــارك المادة

{ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين}
قالها طالوت وجنوده لما برزوا لجالوت وجنوده؛ {فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت..}.
{حسبنا الله ونعم الوكيل}
قالها إبراهيم - عليه السلام - حين ألقي في النار، فجاءه الفرَج من الله: {قلنا يا نار كوني وبرداً وسلاماً على إبراهيم}.

 


وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم - لما قال لهم الناس: {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم}.
{ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين}.
هذا حال أولياء الله - تعالى - الذين قال عنهم: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين}، فهنيئاً لكم عاقبتهم: {فآتاهم الله ثواب الدنيا وحُسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين}.
يا أيها الصامدون المجاهدون المرابطون في حمص والزبداني وسائر بلاد سوريا المباركة.. يا أيها الصابرون من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال.. يا أيها الجرحى والمصابون والمعتقلون والمعذبون.. يا أيها اليتامي وأيتها الأرامل والثكالى.. يا كل حرّ في سوريا أصابه العنت ونزل به البلاء..
ألا يرضيكم أن تكونوا على خطى حبيبكم - صلى الله عليه وسلم - أصابه من الجهد والبلاء في سبيل هذا الدين ما لا يطيقه غير أولي العزم من الرسل..
ألا يرضيكم أن تدخلوا في من يحبهم الله - عز وجل -؛ ((إن عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط)).
ألا يرضيكم أن يمن الله على أحدكم ليمشي على الأرض وليس عليه خطيئة. "قلت: يا رسول الله: أي الناس أشد بلاءً"؟ قال: ((الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبْتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة)).
ألا يرضيكم أن تكونوا ممن أراد الله بهم خيراً؛ ((من يُردِ الله به خيراً يُصبْ منه)).
ألا يرضيكم يا من فقدتم أبناءكم أن تجدوا حبيبكم - صلى الله عليه وسلم - ينتظركم عند أبواب الجنة، "أن رجلاً كان يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه ابنٌ له، ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((ما فعل ابن فلان))؟ قالوا: يا رسول الله: مات، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبيه: ((أما تحبُّ ألا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك))، فقال رجلٌ: يا رسول الله: أله خاصة أو لكلنا؟ قال: ((بل لكلكم)).
ألا يعزيكم في مصابكم قول حبيبنا - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته فيّ فإنها أعظم المصائب)).
يا أيها الصامدون المرابطون على أرض سوريا..
إنّ ما يصيبكم على أرض الرباط قد نزل مثله برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهو أكرم الخلق على الله؛ {إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم، وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزُلزِلوا زلزالاً شديداً}.
وإنّ جميع المسلمين ليربؤون بكم أن تقولوا: {ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً}، ولكم في رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ومن معه أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً؛ {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً}.
فهنيئاً لكم العاقبة؛ {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً * ليجزي الله الصادقين بصدقهم، ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم..}.
يا أهل الغوطة، يا أيها المرابطون في أرض تكفل الله بها وبسطت عليها ملائكته أجنحتها.. ألا يكفيكم أنكم في أرض فسطاط المسلمين يوم الملحمة وخير مدائن الشام يومئذ؟
يا أيها المرابطون في أرض المحشر والمنشر.. ألا يكفيكم أنكم خير أجناد الأرض بشهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكفى بها شهادة؛ ((سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنوداً مجندة؛ جند بالشام، وجند باليمن، وجند بالعراق))، قال ابن حوالة: "خر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك"، فقال: ((عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده؛ فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم، فإن الله توكل لي بالشام وأهله)).
يأيها المرابطون في الشام.. يا أيها المسلمون في العالم..
وعزّة الله وجلاله لا نصر لنا إلا من الله.. ولا ملتجأ لنا إلاّ إلى الله.. ولا حبل لنا إلا بالله.. ولا قوة لنا إلا بالله.. ولا معتمد لنا إلا على الله..
انفضوا عن كواهلكم أي تعلق بشرق أو غرب.. اقطعوا قلوبكم عمّا سوى الله.. أخلصوا توكلكم على الله.. ارفعوا حاجاتكم إلى الله.. ما أروع قولكم وهتافكم: يا الله.. ما لنا غيرك يا الله..
أيها الناس..
لنَعُد عودة صادقة إلى الله.. إنه إلهنا وحبيبنا وولينا.. يمتحننا أنلجأ إليه.. أنتضرع إليه.. أنلوذ به.. أنفوّض أمرنا إليه.. أننطرح نبكي بين يديه.. أنتوب إليه.. أنرجع إليه.. أنَفِرّ إليه..
ما أروع لذة القرب من الله ومناجاته.. ما أسعد النفوس بالخلوة به والأنس به.. ما أروع الشكوى إلى الله وإظهار الافتقار إليه..
كم تنشرح بها الصدور وتأنس بها النفوس؛ {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
لنكثر من الصيام والقيام والدعاء والمناجاة والصدقة..
لنجمع نساءنا وأولادنا وضعفاءنا ورضيعنا ومريضنا ونجأر إلى الله معهم ونتضرع إلى الله بضعفهم، لترتفع أصوات جؤارنا كباراً وصغاراً، شيباً وشباناً رضّعاً وأطفالاً، لنعلن عجزنا وضعفنا وفقرنا وتبرُّؤنا من الحول والطول والقوة إلا به.
أيها الناس..
أبشِروا وأمّلوا.. فوالله إن الفرَج مع الكرب.. وإن مع العسر يسراً.. وإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته..
ليس بشار الحقير بمعجز مَن في السماء.. ولن يكون بشار الأسد بأقوى من {فرعون ذي الأوتاد * الذين طغوا في البلاد * فأكثروا فيها الفساد * فصب عليهم ربك سوط عذاب}.
لن يكون بشار بأقوى من فرعون الذي قال: {أنا ربكم الأعلى *  فأخذه الله نكال الآخرة والأولى}.
ولله الحكمة في تدبير الأمر وتعجيل النصر أو تأجيله.. ليختبر العباد ويمحصهم ويميز الخبيث من الطيب ويتخذ منهم شهداء ويزكيهم ويربيهم ليرجعوا إليه ويؤوبوا.. ويملي للظالمين {ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين}.
وقد قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "إن الله إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم قيض لهم الأسباب التي يستوجب بها هلاكهم ومحقهم، ومن أعظمها بعد كفرهم بغيُهم وطغيانُهم، ومبالغتهم في أذى أوليائه ومحاربتهم، وقتالهم والتسلط عليهم، فيتمحّص بذلك أولياؤه من ذنوبهم وعيوبهم، ويزداد بذلك أعداؤه من أسباب محقهم وهلاكهم".
أما المتخاذلون.. المتآمرون.. الخائنون لأماناتهم.. فلعل الله يريد أن يقول لهم:
تخلوا ما شئتم عن عبادي فأنا معهم.. سأخذلكم وأنصرهم.. سأريكم قوتي وبأسي وبطشي بأعدائي؛ {إن بطش ربك لشديد}.. سأصِلهم بحبلي لئلا يكون للمنافقين أمثالكم على المؤمنين سبيلاً.. ولئلا يكون لأحد على عبادي منّة غيري.. فأنا صاحب المنّ والفضل.. سأبدّل خوفهم أمنا.. وحزنهم فرحا.. {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم}.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع