مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 4817
شـــــارك المادة
يعيش المرء ما شاء الله له أن يعيش فيصرف أكثرَ وقته في العمل لدنياه وأقلَّه لآخرته، يرى ما في الدار الآخرة بعيداً وما في الدنيا قريباً، فيشغله القريبُ عن البعيد والعاجلُ عن الآجل. ومن الناس من يبيع آخرتَه من أجل دنياه، فيغشّ ويسرق ليزيد مالَه أو يستبد ويبطش ليزيد سلطانَه، ولو عرف هذا وهذا والناسُ جميعاً قيمةَ الدنيا وحقيقتَها لهانت في أعينهم، فلم يضيّعوا قيراطاً من آخرتهم من أجل أطنان منها وقناطير.
لن ندرك أبداً حجم الدنيا وحقيقتها حتى نبتعد عنها، ولن نبتعد عنها حتى نفارقها بالموت. ولكنْ ألا يَسعُنا أن نمنح أنفسَنا فرصةً في الحياة لعلنا ندرك ما فات قبل الممات؟
بلى. لو سافر المرء يوماً بالطيّارة لأدرك حجم الدنيا وحقيقتها، عندما ينظر من شبّاك الطيارة فيرى البيوتَ كحبّات الفول والسيارات كحبات العدس وأفرادَ الناس كذرّات التراب.
هذا ما يراه الرائي من طيارة لا ترتفع سوى عشرة أكيال، فكيف لو أتيح له أن يركب مركبة فضائية فيحلّق في الفضاء حتى يفارق الأرض كلها؟ سوف يراها كرة بحجم البطيخة، ثم يبتعد عنها فتغدو بحجم حبة جوز، ثم يبتعد فتصبح نقطة في الفضاء، ثم تتلاشى النقطة ويبلعها الفراغ. ألا ما أهونَ الدنيا!
عندما يقبض ملَكُ الموت نفسَك وينطلق بها بعيداً عن جسدك الفاني ستنظر خلفك، فترى دنياك وهي تبتعد وتتضاءل حتى لا تبقى منها إلا نقطة في ملكوت الله، ثم تَفنَى النقطة وتزول ولا يبقى من الدنيا شيء، ولا أيُّ شيء، هنالك تقول: يا حسرتا على ما فرّطتُ وما أضعت في سبيل ذلك الوهم الزائل!
يا أيها الناس، ستكون أمنيّة كل واحد فينا ذات يوم أن يُرَدّ إلى الدنيا ليتوب عن ذنب ارتكبه ويستزيد من العمل الصالح، وأنَّى؟ لا عودةَ بعد الرحيل، فلماذا لا نتخيل ذلك الفراق الأبدي والرحلة التي لا رجعة منها ونحن في سعة وعافية وقدرة على التوبة والاستزادة؟ تخيّلوا رحلة الموت مرة في اليوم أو مرة في الأسبوع أو في الشهر، تَهُن الدنيا في أعينكم فتعملوا لدار البقاء.
أسأل الله لي ولكم النجاة في الآخرة والفوز بجنّات النعيم. من حساب الكاتب على فايس بوك
محمد ممدوح جنيد
خالد روشه
محمد العبدة
محمد سلامة الغنيمي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير