كاظم البرجس
تصدير المادة
المشاهدات : 2783
شـــــارك المادة
من المشاهد التي لن ولم ينساها السوريون، حين قال بداية الثورة عام 2011، أحد أعضاء ما يسمّى مجلس الشعب لبشار الأسد: "أنت قليل عليك سورية، يا سيادة الرئيس، أنت يجب أن تحكم العالم". كان ذلك بمثابة شكر لبشار، لأنّ قواته حينها تسوم أهل درعا سوء العذاب. هذا هو المجلس الذي يصح تسميته بأي شيء، عدا أن يكون مجلس الشعب المفترض أن يمثل السوريين، ويجد حلا لأمورهم المعيشية المستعصية في نفق الوعود والتسويف، أما الخوض في مسائل السلم والحرب وسحب الثقة عن منصب رئيس الجمهورية (كما هو وارد في ميثاق المجلس) فهي من ضروب الخيال. ربما سيفتح السوريون دفتر بؤسهم، ويضيفون إلى جانب عبارة "أنت قليل عليك سورية"، أنّ المجلس التأم، أخيرا، وأجرى مسرحية حاول خلالها الاستعراض الديمقراطي، فأعلن إقالة رئيسته هدية عباس، وتكليف المخرج نجدت أنزور بمهامها ريثما ينتخب رئيسا جديدا له. وحسبما جاء في بيان المجلس: "استنادا إلى المبادئ الديمقراطية المصانة في دستور الجمهورية العربية السورية فقد تقدم 164 عضواً من أعضاء المجلس بطلب إعفاء رئيسة المجلس من منصبها، وبناء عليه انعقد المجلس.. برئاسة نجدت اسماعيل أنزور نائب رئيس المجلس وحضور أغلبية الأعضاء تم فيها عرض طلب الأعضاء الـ 164 ويصدر قراراه بإعفاء الدكتورة عباس من منصبها رئيسا للمجلس، وذلك بإجماع الحضور". طالب المجلس الذي بين أعضائه فنانون، كزهير رمضان وعارف الطويل وتوفيق إسكندر، بإبادة كل معارض للنظام، ومنهم الأخير توفيق اسكندر الذي ترك التمثيل، وانضم إلى صفوف الشبيحة لقتل السوريين.. أضافوا، في تصريحات لوسائل إعلام الأسد: "سبب إقالة عباس لأنها غير ديمقراطية وتعمل على قمع الأعضاء ولا تسمح لهم بالنقاش"! من دون تحديد مفهوم الديمقراطية والقمع، طالما أنّ بشار قتل وهجّر ملايين السوريين الذين قالوا له ارحل، أم أنّه تشابه القمع عليهم! ربما يسأل كل ذي لب: هل هذا هو المجلس الذي وقع اتفاقية الجلاء مع فرنسا عام 1945، بعد الاحتجاجات العنيفة آنذاك، والتي دفعت الفرنسيين إلى قصف المجلس بالمدفعية الثقيلة، واحتلال مبناه، بعد أن رفض شرطة المجلس أداء التحية للعلم الفرنسي. لم يكن تعيين هدية عباس منذ عام تقريبا سوى رسالة من النظام للمجتمع الدولي أنه يمنح المرأة مناصب قيادية، لكن سرعان ما انتهت تلك التمثيلية بطريقةٍ تراجيديةٍ، تلخص حال المجلس الذي تعيّن مخابرات الأسد أعضاءه ليكونوا أداة طيّعة بيد الأسد، ويتفنّنوا بالعروض الهزلية، بدءا من تغيير الدستور في خمس دقائق كي يتلاءم ومقاس الرئيس الصغير بعد وفاة أبيه عام 2000، وليس انتهاءاً بتعيين نجدت أنزور لإخراج لعبة الكومبارس، ولن يتعدّى دورهم في الحالتين التصفيق والهتافات لبشار الأسد، وربما تتخلّل ذلك فواصل قصيرة، تناقش أمور المواطن، كالمطالبة بتحديد دين اللقيط، كما طالب بذلك نبيل الصالح. لأول مرة، يجتمع السوريون، بمن فيهم الموالون، على شعور جامع ضد النظام، وهو السخرية من مجلس صوري ليس أنزور وعباس وأعضاؤه إلا أحجار شطرنج بيد بشار الذي هو الآخر دمية بيد مافيا المحتل الروسي.
العربي الجديد
الشرق الأوسط
حسين عبد العزيز
غازي دحمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة