حسن الدغيم
تصدير المادة
المشاهدات : 3027
شـــــارك المادة
رفعت السلفية الجهادية من أواخر القرن الماضي شعار المواجهة العالمية لتفكيك المجتمع الدولي وهزيمته وفق مبدأ حرب الكل الإسلامي على الكل الكفري وأن المفاصلة الجهادية هي الحل لقهر النظام العالمي الداعم لحكومات المرتدين حسب وصفهم. وبعد أن بدأ يتبين للسلفية الجهادية أنها يوماً بعد يوم لم تستطع تنفيذ أي خطوة من هذا المشروع بل على العكس تماماً قام المجتمع الدولي بتفكيكها وتدميرها فحولها إلى مجاميع مطاردة ملاحقة تنتظر ظروف الفراغ السياسي والثورات الشعبية لتختبئ خلفها. بعد هذا يبدو أن قناعات السلفية الجهادية في المواجهات المفتوحة مع المجتمع الدولي بدأت تتراجع إلى مضامير قطرية محدودة ووجدنا ذلك بما آلت إليه جبهة النصرة من فك ارتباطها بتنظيم القاعدة واختيار الإطار الشامي للمواجهة الميدانية مع تجميل هذه المواجهة بشعارات فتح أوربا لحشد الأغرار وتجميع الأتباع. ومن ثم زاد الأمر ابتعاداً عن السلفية الجهادية بالاندماج والتحالف مع مكونات ثورية سورية لم يكن على أجندتها في يوم من الأيام تفكير خارج حدود (سايكس بيكو) وحتى يتم تغطية هذا الانسحاب التكتيكي من تيار السلفية الجهادية ومن المواجهة العالمية وعدم خسارة المجندين التي تستهويهم الشعارات الرنانة، تم العمل على ما يسمى عندهم بفرض الأقدام الثقيلة ويعنون بذلك أن يفرضوا الاعتراف على المجتمع الدولي قهرا وليس تعاقدا وما الفرق؟ الفرق كبير، فالتماهي مع المجتمع الدولي والاعتراف بمجلس الأمن وعضوية الأمم المتحدة كل هذا عند السلفية الجهادية من مناطات الردة عن الدين وأنها تخرج المسلمين إلى الكفر وبهذا كفَّرَ تنظيم الدولة طالبان لأنها تبحث عن الاعتراف الدولي. وللهروب من هذه المناطات تم اللجوء لنظرية الأقدام الثقيلة بأن تقوم هذه المجاميع بفرض نفسها على المجتمع الدولي بالقوة لتجبره على التعامل معه متخذة كثيراً من الوسائل والآليات بغض النظر عما تحتوي هذه الآليات من تجاوز لمبادئ الشرع أو مؤسسات القضاء أو التعاهد والتعاقد والأمن الاجتماعي ومن ذلك قيام جبهة النصرة ومن ثم تسميتها فتح الشام ومن ثم تسميتها هيئة تحرير الشام بالبطش بالمكونات الثورية الخارجة عن سياسة السلفية الجهادية وتفكيك كياناتها وتهجير شباب الثورة للخارج بحجة تعاملهم مع المجتمع الدولي. وكذلك قامت بالسطو على المخافر الثورية وأقسام الشرطة الحرة وانتهبتها وأنهت عملها في المناطق المحررة. وكذلك السطو والسيطرة على مؤسسات المجتمع المدني والهيئات الإغاثية وإعاقة عملها والتضييق عليها لإجبارها على دفع قسم من مخصصات الفقراء والمحتاجين لجبهة النصرة وإلا فسيكون الإغلاق والمصادرة هو الحل. وما تزال هيئة تحرير الشام وهو الاسم الأخير لجبهة النصرة ممعنةً في سياسة فرض الأمر الواقع على الداخل السوري بما في ذلك التخطيط للسيطرة على المعابر الحدودية إما بطريقة مباشرة وغير مباشرة وكل هذه الأعمال تحت غطاء التمويل الذاتي هذا عدا عن خطف الصحفيين الأجانب وبيعهم بلا خلق ولا ضمير متأولين فتاوى الشرع حسب المزاج الأمني ومصلحة الظفر. وبغض النظر عما أفضنا به في مقالات أخرى عن مدى استهتار هذه المكونات بشريعة الله التي تدعي تحكيمها وتجاوز المحاكم التي تدعي إقامتها وبغض النظر عن أخلاق العرب قبل الإسلام الذين كانوا يمقتون الغدر والإغارة بلا إنذار وهتك حرمات البيوت نقول بغض النظر عن هذا كله: إن فرض الواقع على المجتمع الدولي بالأقدام الثقيلة كما يقولون هو نظرية هروب للأمام فاشلة بامتياز وذلك يؤكده ما يلي: 1- حاولت طالبان فعل الأمر ذاته وفرض نفسها كمكون عسكري قوي على الأرض يعترف به المجتمع الدولي بالقوة ولكن هيهات وها هي اليوم طالبان على ما فيها من بعد شعبي وقبلي وبيئة دفاعية صلبة إيديولوجياً وجغرافياً ها هي اليوم تبحث عن أحسن العلاقات مع إيران وتسعى لفتح المكاتب في الخليج العربي وتسعى جاهدة لنيل الاعتراف من المجتمع الدولي ويوم تكون عضو في الأمم المتحدة سيكون ذلك عيداً عندها. 2- حاول أسامة بن لادن ذلك وعلى ما كان يملك من سعة المال والقدرة على التمويل والذي أعلن الحرب على العالم كله عاد آخر أيامه ليرسل الرسائل إلى فروع القاعدة أن لا يعلنوا دولة ولا إمارة لأنهم سيكونون عرضة للقصف والتهجير كما حدث له ولأتباعه وهم اليوم لاجئون عند أكبر الدول عداء للسنة وهي إيران ومدنها وجيوشها سالمة منهم. 3- إن قيام النصرة ومسمياتها المختلفة في سوريا بالتغلب والبطش بالآخرين وجعل لحوم البشر ومقدرات الثورة مادة لمساومة المجتمع الدولي سيخلف آلاف الحاقدين والموتورين من هذه السياسات الهمجية التي عطلت الشورى وحكمت البسطار ودجنت الدين وعلبت الفتاوى وتاجرت بالشعارات ليتحول هؤلاء المنكوبون المطرودون من ساحة الثورة إلى أوراق مبعثرة تحت سمع وبصر المخابرات العالمية وما أسهلها حينها من تجنيد البعض منهم وتوظيفهم لينقلبوا إلى حفاتير على شعوبهم وثورات مضادة تستهدف حتى شعبهم الذي خرجوا منه وكل ذلك بسبب تخرصات الأقدام الثقيلة التي تقودها العقول الخفيفة والأفهام الزائفة والتي تستمر في حرق شباب الأمة وتجنيدهم في مغامراتها بخطاب كربلائي بات مكشوفاً أمام من رزقه الله الرأس الثقيل والأقدام المتوازنة التي شعارها. (على قد بساطك مد رجليك )
رؤية للثقافة والإعلام
عزت صافي
ماهر علوش
حسين حمادة
منذر الأسعد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة