..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

في نقد خطابنا في مواجهة الغلو

مالك عرقسوسي

٢٢ يناير ٢٠١٧ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3229

في نقد خطابنا في مواجهة الغلو
fmhK1qX-.png

شـــــارك المادة

الاعتماد على خطاب الضخّ الإعلامي وحده في مواجهة خطاب الغلوّ (سواءً أكانت السياسة هي التنفير والتشنيع، أو الاستسخاف والاستسذاج) مؤذِنٌ بالمزيد من الغلوّ والانجذاب له، خصوصًا خلال المرحلة المقبلة.

المتلقّي لم يتعوّد تفعيل عقله في محاكمة الأمور، ولم يكنْ خطابكَ إليه مركّزًا على أساسيّات بناء الأحكام، لم يسمع منك توجيهاتٍ مثل:
توقّف، تبيّن، توثّق، ليس كلّ ناقل صادقًا ولا كلّ صادق دقيقًا في نقله، تأكّد من المعلومة من أكثر من مصدر، ضع أكثر من خيار لتحليل المعلومة، ضع نفسك مكان الطرف الآخر، انظر للعواقب، اتخذ القرار ذهنيًّا وانظر إلى آثاره المحتملة (اسرد الآثار المحتملة للقرار بعد أسبوع، ثم بعد شهر، ثم بعد ٣ أشهر، ثم بعد سنة، ثم بعد ٣ سنوات)، لاحظ الفروق بين المسائل، تأكّد أنّ الفروق مؤثّرة، لا تفرّق بين المتماثلات، اسأل أسئلة (ماذا، لماذا، ماذا لو، أليس من الممكن أن يكون)، قدّر المصالح والمفاسد، فصّل ولا تُجمل، حُلّ المشكلات في العالم الحقيقي لا في العالم الموازي الوردي المثالي، إلخ...

ما تعوّد عليه المتلقّي هو خطاب كثيرًا ما يكون عاطفيًا، يعتمد على الشعارات والنفخ الإعلامي والتهويش، ولا يحرّر المسائل ولا يفكّك الإجمال. يؤسفني أن أخبرك أنّ خصمكَ في هذه المجالات أبرع منك بمراحل، وهو قادر على اجتذاب الشباب بها أكثر منك أضعافًا مضاعفة. لذلك، بالله عليك لا تلم الشباب حين ينجذب لخطابه ويذوب في جلبابه، فأنت من ارتضيتَ اللعب في هذه المساحة التي اختارها الغلاة، دون أن تؤسّس لخطاب متّزن يجعل الإعلام والضخّ والضجيج تابعًا ورافدًا وخادمًا لتأسيسٍ فكريٍّ واضح في بناء الأحكام واتخاذ القرارات.

أنت الخاسر مرّتين: مرّة حين تركتَ مشروعك البِنائي وانجررتَ للساحة التي اختارها الغلاة، ومرّة حين خسرتَ الشباب واجتذب خصمُك بدعايته ما لم تستطع جذبه رغم سعيك.

أؤكّد، لستُ ضدّ خطابٍ إعلاميّ قويّ، يهاجم ويضغط ويفضح الممارسات الكارثية، بل ويستشرس في ذلك ولا يرحم. هذا واجب مطلوب، لكن على أن يكون:
- متحليًّا بالصدق والأمانة.
- ليس الأسلوب الوحيد، وإنما أحد الأساليب المهمّة.
- تابعًا ورافدًا لمنظومة قيَميّة، وروحٍ ثوريّة، وأسسٍ شرعية، وتأصيلاتٍ فكريّة، لا مجرّد مناكفة لأجل المناكفة وإعلامٍ من أجل الإعلام.

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع