عبد المنعم زين الدين
تصدير المادة
المشاهدات : 3669
شـــــارك المادة
لم أكن متفائلآ من أول يوم تم فيه عقد هدن محلية جزئية مناطقية، خاصة في ريف دمشق، وكتبت يومها بحثآ كاملآ أحذر فيه من العواقب السيئة المرتقبة. ... لدرجة أنني أخرجت -من ذهني- كثيرآ من المناطق المهادنة من دائرة التثقيل الثوري، طالما أنها غير معنية بمعارك واقتحامات وتنكيل بالنظام وحلفائه. ... مع تقديري واحترامي لكل الشرفاء والثوار الموجودين في تلك المناطق، وإدراكي لشدة الظروف التي يعيشونها من حصار وتضييق، اضطرتهم إلى قبول الهدنة. ... لكن: ألم يكن من الواجب خلال السنوات التي مرت حال المهادنة، أن تنشغل هذه البلدات، بحفر الأنفاق، وجلب السلاح، والتحصين، والاستعداد للمواجهة.؟ ... ألم يكن من الواجب عقد اتفاقات تنسيق ودفاع مشترك، بين كل تلك البلدات، حتى لا يأتي اليوم الذي يتفرد فيه النظام بالتهجير بها واحدة تلو الأخرى؟ ... نعم بلا شك سيكون شبابها وأهلها الآن في حالة خيارات سيئة، طالما أنهم لم يفعلوا ما سبق، وأبشع ما فيها إجبار شبابها على التجنيد لقوات النظام. ... وهذا خطير جدآ، فلا يجوز أن تحول سلاحك إلى إخوانك، وقد منعتهم نصرتك ووقوفك معهم، فلا أقل من أن تكف شرك عنهم، فاحذر القبول بذلك تحت أي ظرف. ... فإذا كان البديل هو المواجهة فليكن: أن تقتل وأنت تواجه المجرمين خير من أن تقتل وأنت تقاتل إخوانك، أترفض مواجهة النظام ثم تقبل مواجهة إخوانك؟ ... أما إذا كان البديل المغادرة؛ فالثبات أفضل أيضآ لأن المكان الذي يراد تهجيرك منه، سيستوطنه محتلون شيعة، وبلدتك ثغر خطير على النظام وحلفائه. ... ولا تأمن بعد مغادرتك أن يعود النظام للتنكيل بإخوانك، واعتقال الحرائر، وتعذيب الشيوخ، كيف لا.. وقد عاينت بنفسك غدر هذه العصابة وقذارتها. ... كما أن تجميع الثوار في الشمال السوري لا يبشر بخير، وهو مما يساعد على التقسيم، وينذر بخطر عظيم يستهدف كل من تم تجميعهم في تلك المنطقة. ... ومن كان قرب العاصمة، فوجوده أهم بألف مرة من وجوده في الشمال، فإن اضطررتم للتهجير فاشترطوا البقاء حول دمشق، فالثورة بحاجة ماسة لبقائكم هناك. ... قد يرى البعض أن الرفض معناه التدمير والجوع والقصف، إذآ لماذا تقصف حلب وإدلب وحماة وغيرها؟ بلا شك هذه ضريبة الثورة مع هذا النظام المجرم. ... ثم إن تشتيت العدو بألف بلدة ثائرة يقسم عليها إجرامه، خير من إعطائه فرصة التفرد ببعض البلدات، يركز عليها ليدمرها تمامآ، والدماء كلها واحدة. ... وقد يقول البعض إن النظام مصر على إنهاء ملف هذه البلدة تحديدآ، ويهدد بحرقها، أقول لو استطاع لما انتظر للآن، ورغبته أصلآ أن ينهي كل الثورة. ... قد يقول البعض أين بارقة الأمل؟ الأمل موجود ولولاه لما استمر مقاتل في حمل سلاحه، وهو معقود على الله، ثم على صدق قضيتنا وثوارنا فلا تيأسوا. ... وقد يقول البعض ماذا عن داريا؟ أقول حالة لا يقاس عليها كل الحالات، صمدت أربع سنوات تحت القصف، وبذلت آلاف الشهداء قبل أن يتم إخراج محاصريها. ... فلا نرضى لكل بلدة محاصرة أن تتأسى بداريا حال خروج الثوار منها، ولا تتأسى بهم حال صمودهم تحت القصف والحصار والاقتحامات والبراميل أربع سنوات. ... أما الحل فأكرره: تحالف عسكري سياسي، لكل البلدات المحاصرة المهادنة: (الهدنة الجماعية أو القتال الجماعي) مع الصبر وشحذ العزيمة وكسر الوهن. ... تأكدوا أن النظام وحلفاءه عاجزون عن قضم هذه المناطق مجتمعة، ولكنهم يراهنون على الاستفراد بكل واحدة على حدة، ليسهل عليهم تهجير الجميع تباعآ. ... ولا تشترط القوة الكاملة لمواجهته وردعه عن تلك المناطق، بل إن مجرد إعلان اتفاقية الدفاع المشترك، كاف لكبح فرامل هذه العصابة الجبانة القذرة. ... النظام في تلك المناطق ضعيف، وهو يدرك خطورة أن تشتعل أماكن عدة حول العاصمة، ولو بقدرات بسيطة، وأن تصبح مقرات ضباطه وطرق تحركاتهم مهددة. ... لن يكون النظام متفرغآ للمناطق المحاصرة، خاصة في ظل تجهيزات قوية لفتح جبهات عدة، في محافظات عدة، سترهق النظام، وتكسر غطرسته قريبآ بإذن الله. ... لكنه يراهن على عامل الوقت، وكذب الإعلام، الذي يضخم به انتصارات زائفة له كما في حلب، ويتغاضى عن هزائم كارثية لحقت به كما في حماة وغيرها. ... كما يراهن على تعب المعنويات عند الحاضنة، المتذمرة من الحصار، الفاقدة للأمل، ليتاجر بمعاناتهم، ويبشرهم بعودته، وهو الذي سامهم سوء العذاب. ... وأكثر ما يراهن على فرقة تلك المناطق،وعدم تضامنها واتحادها، وعدم اهتمام بعضها بمصير الآخرين، وكأنهم في مأمن، أو كأن وضعهم سيختلف عمن سبقهم. ... والخطر الشديد يكمن في منع عودة المهجرين إلى مناطقهم، التي يستوطن فيها المحتلون الطائفيون الوافدون من إيران ولبنان والعراق ليغيروا شكلها. ... كما يكمن الخطر في تغطرس النظام حال نجاحه بتهجير منطقة، فيشترط على ما يليها من المناطق شروطآ أقسى قد تصل للاعتقال مغترآ بما حقق في الأولى.
... قد يقول البعض"الهدنة ضرورية لهذه المناطق كي لا يهجر أهلها"أقول: لم نعد نتحدث عن هدنة، إنما عن استسلام وتهجير، حتى الهدنة تستلزم وحدة قرار. ... لأن هذا النظام في صورته الحقيقية لا يقبل الحياد، وقاعدته في ذلك، "من ليس معنا فهو ضدنا" ولكنه يقدم مواجهة الضد المباشر على الضد البعيد. ... نحن مع الاحتفاظ بهذه البلدات لسكانها، دون تهجير، ودون حصار، ودون تركيع، ودون إبادة، لكن السبيل إلى ذلك لا يكون بالاستسلام الكامل لأي شروط. ... وتقوية موقف المفاوضة وتحسين شروطها، لا يتأتى إلا بقرار جماعي، عسكريآ وسياسيآ، مع تضامن المناطق الأخرى مع هذا القرار، وتدعيمه بما يستطيعون. ... الصامدون في حلب تحت القصف تشبثآ بأرضهم ودينهم، لا يختلفون عن غيرهم، فلا يصح من أول قذيفتين وبرميل أن نعطي المحتل ما يريد، لا بد من الصمود. ... أدعو ثوار تلك المناطق لضم جهودهم إلى بعضها، وأدعو علماء تلك المناطق ووجهاءها لبدء مشاورات سريعة حثيثة، تهدف إلى تقوية قرارهم ومواقفهم. ... وأدعو السياسيين الشرفاء، أن يثيروا هذه القضية في كل المحافل، ويطالبوا بوقف جريمة (التهجير القسري والتغيير الديمغرافي) التي تحصل حول دمشق. ... كما أدعو كل الكتاب والمثقفين والنخب الشرعية والعلمية والحقوقية والإعلامية، أن يولوا هذا الجانب الأهمية التي يستحقها، بكل الوسائل المتاحة. ... وأدعوأهلنا في كل المناطق المحاصرة، للتحلي بالإيمان والصبر والثبات والعزيمة والإرادة الصلبة التي هي سبيل النصر بإذن الله، وأن ينبذوا الوهن. ... وأنصح بتكثيف المشاورات لأهل تلك المناطق من ثوار وعلماء، فهم أدرى بالحال منا، وما قلناه هو إبراء للذمة، لأن الكثير طلب رأيي في هذه المسألة. ... ختامآ: كلامي هو جواب المجتهد في هذه المسألة، المقدر لمن يخالفني في تفاصيل الرأي من ثوار تلك المناطق وعلمائها، وأسأل الله السداد والمغفرة.
نور سورية
محمد العبدة
مجاهد مأمون ديرانية
أيمن هاروش
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير