سامح راشد
تصدير المادة
المشاهدات : 2775
شـــــارك المادة
لم يكن باراك أوباما بحاجة إلى المذكرة التي أرسلها إليه 51 دبلوماسياً أميركياً، ليدرك حجم الإخفاق الذي أصاب السياسة الأميركية في سورية. ويبدو أن إدارته لا تشعر بأي خجلٍ من انكشاف ضعف موقفها، وعجزها عن اتخاذ إجراءاتٍ فعالةٍ في سورية، بل ليس لديها مشكلة في أن تكون سياستها السورية موضع خلافٍ داخليٍّ في الدبلوماسية الأميركية، ومصدر احتجاج دبلوماسيين ذوي خبراتٍ متفاوتة.
معروف أن الخارجية الأميركية لا تمانع في وجود آراء مختلفةٍ حول السياسة الخارجية الأميركية، بما في ذلك اعتراضات من داخل المجتمع الدبلوماسي نفسه. لكن من غير المعتاد أن يتم إعلان تلك الآراء على الرأي العام، فضلاً عن أن تكون بتلك الحدة في الاعتراض والرفض للنهج المتبع من الإدارة. ومما يعطي ثقلاً وأهميةً لتلك المذكرة الاحتجاجية، أن من موقعيها دبلوماسيين خبراء في الملف السوري، مثل السفير الأميركي السابق في دمشق، روبرت فورد. تضمنت المذكرة نقداً حاداًّ لسياسة أوباما في سورية، حيث اعتبر أصحابها أن استراتيجية أوباما هي نفسها السبب في عدم إنهاء الحرب، وإزاحة بشار الأسد من السلطة. وفي هذه الجزئية تحديداً، كان الدبلوماسيون الأميركيون أكثر وضوحاً وأشدّ صراحة بالقول إن استراتيجية الإدارة الأميركية “تهاوت تحت عنف النظام”. وأن تركيز واشنطن جهدها على محاربة داعش جعلها تتجنّب تماماً المساس بنظام بشار الأسد.
سمحت هذه الانتقادات لبعض الصحف الأميركية بالتقاط الخيط، فراح بعضها يصف ما حدث بأنه “ثورة” دبلوماسية داخلية على أوباما، لكن التغطية الإعلامية المركزة على تلك الاعتراضات ضد سياسة أوباما في سورية ليست في معزل عن أجواء انتخابات الرئاسة الأميركية التي تخيم على الداخل الأميركي حالياً.
صحيح أن السياسة الخارجية ليست ذات أهمية قصوى لدى الناخب الأميركي، إلا أن توجيه النقد إلى الإدارة من داخلها فرصة لا يمكن تفويتها، ولا مبرّر للامتناع عن توظيفها انتخابياً بواسطة الجمهوريين ووسائل الإعلام القريبة منهم. جعلت تلك المذكرة من سورية العنوان العريض لفشل الإدارة في معالجة قضايا الشرق الأوسط، وإدارة الصراعات القائمة فيها.
بينما تضم القائمة ملفاتٍ أخرى لم تحقق واشنطن في أي منها نجاحاً، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي كان أوباما قد وعد، في عامه الأول في البيت الأبيض، بتأييده صيغة الدولتين حلاً لها. ومفاوضات الملف النووي الإيراني التي انتهت باتفاق يمثل انتصاراً سياسياً واقتصادياً، بل ونووياً أيضاً، لطهران. وهكذا في بقية الملفات، سواء العراق أو ليبيا أو محاربة “داعش”، لم يحقّق أوباما فيها جميعها شيئاً يُذكر سوى التعثر والعجز. لا يتوقع في الأشهر الأخيرة لأي إدارة أميركية أن تقدم على خطوةٍ مهمةٍ، أو تحول جوهري في السياسة الخارجية، خصوصاً إذا كان باتجاه استخدام القوة. لكن معضلة أركان إدارة أوباما أعمق من ذلك، فهم، على ما يبدو، مقتنعون ومستمتعون بذلك الموقف السلبي، أو بالأحرى العاجز أمام مختلف القضايا، وفي مقدمتها سورية.
وحسب المتحدثة باسم البيت الأبيض، فإن الإدارة “منفتحةٌ لسماع أي أفكار مختلفة بشأن التحديات في سورية”، لكنها استدركت قائلةً إن الحل العسكري (الخيار الأفضل في مذكرة الدبلوماسيين المحتجين)، ليس مطروحاً للاستخدام. وفي ذلك إشارة واضحة إلى أن هذا الموقف ليس مرحلياً ولا مؤقتاً. وأنه حال وصول هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض، لن تتغير السياسة الأميركية كثيراً. وإن كان وصول دونالد ترامب لن يختلف كثيراً عن جورج بوش الابن، وربما أسوأ، فإن رئاسة كلينتون لن تبتعد كثيراً عن سياسة أوباما، إلا بمزيد من العجز والتردّد.
العربي الجديد
محمد نور حمدان
محمود عثمان
هشام رزوق
شريف عبد العزيز الزهيري
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة