هشام منور
تصدير المادة
المشاهدات : 2916
شـــــارك المادة
السباق نحو "الرقة" عاصمة "دولة الخلافة" بالنسبة لما يسمى "تنظيم الدولة"، هو محور اهتمام الإعلام الغربي حالياً، لتحقيق إنجاز "غربي" أمريكي تحديداً، في مواجهة سعي النفوذ الروسي للظهور إعلامياً وسياسياً في سورية.
تتواصل المعارك بين قوات "سوريا الديمقراطية" و"تنظيم الدولة" في محيط مدينة منبج، كبرى مدن الريف الحلبي، منذ أيام عدة، بمساندة من التحالف الدولي لاستعادة المدينة الاستراتيجية التي يسيطر عليها التنظيم بشكل كامل منذ أكثر من عامين، وتعد أهم معاقله شمال سورية.
قوات "سوريا الديمقراطية"، المكوّنة من قوات "حماية الشعب" الكردية (ثقلها الأساسي) ومقاتلين عرب، نجحت في السيطرة على قرى جديدة، بمساندة غارات مكثفة من طيران التحالف على مواقع للتنظيم. وباتت القوات الكردية على مسافة 13 كيلومتراً من مدينة منبج، التي تقع شرق حلب بنحو 80 كيلومتراً، بعد سيطرتهم على عشرات القرى في ريفها، إثر عبورهم إلى الجهة الغربية من نهر الفرات، انطلاقاً من معسكرات وقواعد عدة لهم، وفي مقدمتها سد تشرين.
الهدف المرحلي للقوات المهاجمة يكمن في محاصرة المدينة من ثلاث جهات، وتضييق الخناق على عناصر التنظيم، الذين من المتوقع أن ينسحبوا في اتجاه مدينة الباب التي تقع إلى الغرب من مدينة منبج بنحو خمسين كيلومتراً. وتواصل قوات "سوريا الديمقراطية" نقل الآليات والجنود عبر نهر الفرات من مناطق سيطرة القوات الكردية في ريف عين العرب إلى الضفة الغربية من النهر، عبر ناقلات خشبية. وقام المسلحون الأكراد بنقل أكثر من مائة سيارة ونحو أربعمائة مقاتل، لينضموا إلى آلاف المقاتلين، تم نقلهم عبر النهر.
القوات المهاجمة التابعة لـ"سوريا الديمقراطية" يبلغ عددها نحو خمسة آلاف مقاتل، بينهم ألف مقاتل عربي، وهو ما يدحض كلام الإدارة الأمريكية عن أن معظم مقاتلي القوات المهاجمة هم من العرب، وأن القوات الكردية تقدم "الدعم اللوجستي فقط.
إزاء هذه التطورات، تجدّدت مخاوف من قيام ما أُطلق عليهم "المحررون الجدد" لمدينة منبج، بعمليات تهجير وانتقام على غرار ما حدث في مدينة تل أبيض، وبلدات وقرى في ريف الرقة الشمالي إثر طرد التنظيم منها وسيطرة الوحدات الكردية عليها منتصف العام الماضي. واتهمت منظمات حقوقية سورية ودولية، منها منظمة العفو الدولية، الوحدات الكردية، وهي الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، بممارسة عمليات تهجير واسعة ضد العرب والتركمان، وعمليات انتقام تحت ذريعة "محاربة الإرهاب والانتساب لداعش".
عدد كبير من سكان منبج وريفها، الذين يقدر عددهم بنحو 700 ألف، بينهم نازحون من مناطق سورية، لا يخفون ذعرهم من التعرض لعمليات "اضطهاد متعمّد"، من قبل قوات "سوريا الديمقراطية". ويشيرون إلى احتمال نزوح عدد منهم إلى مناطق في ريف حلب الشرقي، في حال اقتراب هذه القوات أكثر من المدينة، التي دمر قسماً كبيراً منها طيران النظام، والتحالف الدولي، والروسي.
يسمح هذا التمدّد لـ"قوات سورية الديمقراطية" في بسط سيطرتها في ريف منبج الجنوبي الشرقي، لتصل لمنطقة تلال أبو قلقل وجب حسن آغا بعد إطباقها على منطقة خربة الروس، التي جاءت بعد تحرير نحو 20 قرية على الضفة الغربية من نهر الفرات انطلاقاً من سدّ تشرين. أما على المحور الشمالي الموازي لطريق قلعة نجم، فقد تمكنت "قوات سورية الديمقراطية" من التمدد على الطريق الواقع جنوب طريق قلعة نجم، وشرق مدينة منبج، لتُصبح على بعد تسعة كيلومترات فقط من المدخل الشرقي لمنبج، بعد وصولها إلى قرية جب حسن آغا.
منبج منطقة كبيرة تضمّ أربع نواحٍ، وحوالى 400 قرية، وتحريرها قد يستغرق أسبوعين، لكن السيطرة على المدينة ورفع علم قوات سورية الديمقراطية بات قريباً، وتشير تسريبات إلى أن هناك خطة جاهزة عقب "التحرير" هي أن يقوم سكان المنطقة بتشكيل مجالس حكم محلية وأسايش (الشرطة المحلية الكردية) مؤقتة تملأ الفراغ، في حين يستمر المقاتلون في طريقهم لتحرير مناطق أخرى مع رفاقهم.
تضم "قوات سورية الديمقراطية تضمّ 30 فصيلاً أو تشكيلاً، ضمنهم مجلس منبج العسكري وكتائب عدة أخرى سابقة للجيش الحر من أبناء المنطقة. وكان قد أُعلن عن تشكيل مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" رسمياً، في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015، في محافظة الحسكة، بهدف إنشاء جبهة عسكرية موحّدة شمالي سورية، لطرد تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" من منطقة الجزيرة السورية، و"بناء سورية ديمقراطية علمانية" بحسب بيان التأسيس. وتضمّ "قوات سورية الديمقراطية" وحدات عسكرية، تشمل مليشيات كردية وعربية وسريانية مسيحية، تُشكّل قوات "حماية الشعب" الكردية الكيان الأكبر فيها، والمُهيمن على قرارها فعلياً. وقد تشكّلت مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" بناءً على طلب واشنطن التي تدعمها بالتدريب والسلاح، بهدف أن تكون هذه القوات شريكاً ميدانياً لواشنطن في محاربة تنظيم "داعش".
أما المجلس العسكري في منبج، والذي يشارك في عملية منبج حالياً، فقد تم الإعلان عنه في بيان صدر من مناطق سيطرة قوات "حماية الشعب" الكردية في ريف عين العرب، مطلع شهر إبريل/ نيسان الماضي.
العملية العسكرية الرامية للسيطرة على منبج، تبدو سريعة ومدعومة بشكل كبير من التحالف الدولي، وتضع في حسبانها الانتقال لمهاجمة "داعش" في باقي مناطق سيطرته بريف حلب الشرقي، وأهمها مدن الباب ومسكنة ودير حافر وجرابلس. لتخطو "قوات سورية الديمقراطية" بالتالي خطوة كبيرة نحو وصل مناطق سيطرتها شرق سورية بمنطقة عفرين، التي تسيطر عليها شمال غرب حلب، لكن هذه المرة برضا ودعم أمريكي معلن!
السورية نت
القدس العربي
مهنا الحبيل
أنور مالك
ميشيل كيلو
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة