..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سوريا الأسدية لم تكن يوماً عربية!

فيصل القاسم

٢ يونيو ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3317

سوريا الأسدية لم تكن يوماً عربية!
القاسم 999.jpg

شـــــارك المادة

من عادة روسيا أن تطلق بالونات اختبار، ثم تتملص من البالونات لاحقاً، وتنسبها بصفاقة لجهات معادية. لعبة مفضوحة. فقد سربت القيادة الروسية قبل أيام مشروع دستور جديد لسوريا استبدلت فيها اسم "الجمهورية العربية السورية" باسم "الجمهورية السورية". وأنا واثق تماماً أن جريدة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله والنظام السوري لم يكن لها أن تنشر مشروع الدستور السوري الجديد لو لم يصلها مباشرة من الدوائر الروسية والسورية معاً.

وعندما تملص النظام وروسيا مما نشرته "الأخبار"، عادت الجريدة وأكدت أنها متمسكة بما نشرته، وأن مصادرها موثوقة. بعبارة أخرى، فإن النظام الطائفي السوري الذي صدّع رؤوسنا على مدى عقود بالوحدة العربية والقومية العربية  موافق تماماً على مشروع الدستور السوري الجديد. دعكم من الشعارات القومجية والوحدوية القديمة، فهذه كانت على مدى عقود مجرد ستار للتستر على النهج الطائفي البغيض لنظام آل الأسد لا أكثر ولا أقل. رفعوا شعارات قومية وعروبية، وحكموا على أرض الواقع طائفياً. حتى أنهم اضطهدوا قسماً كبيراً من العلويين المساكين أنفسهم. ومن يحكم طائفياً ومافياوياً لا يمكن أن يكون وطنياً، فكيف يكون وحدوياً قومياً؟

باختصار شديد: ذاب الثلج وبان المرج، وانكشف الوجه الطائفي والأقلوي القبيح للنظام السوري من خلال مشروع الدستور الجديد الذي حذف كلمة "العربية" من اسم "الجمهورية السورية"، وهذا ليس تحولاً أبداً إلا في نظر المغفلين، أما من يعرف النظام عن قرب، فلن يتفاجأ بتغيير المسمى، لأن النظام لم يكن يوماً عروبياً ولا من يحزنون، بل كان أكثر الكارهين للعرب والعروبة، بدليل أن حافظ الأسد وقف على مدى الحرب الإيرانية العراقية مع العدو الإيراني ضد الشقيق العراقي العربي.

وكي لا نذهب بعيداً، فقط انظروا الآن إلى الجماعات التي تقاتل إلى جانب النظام، فهي كلها جماعات غير عربية، بل طائفية مقيتة من إيران وأفغانستان وباكستان والعراق ولبنان. وهذا يؤكد أن حذف كلمة العربية من الدستور السوري الجديد جاء بمباركة نظام الأسد تحديداً. وقد علق أحدهم ساخراً: "لا عجب أن وافق الأسد على استبدال اسم "الجمهورية العربية السورية" باسم "الجمهورية السورية"، فالجيش السوري لم يعد لا عربياً ولا حتى سورياً، بل غدا مجموعة من المرتزقة غير العرب وغير السوريين. ولا تنسوا كلام بشار الأسد في أحد خطاباته الأخيرة عندما قال: "سوريا ليست للسوريين، بل لمن يدافع عنها". بعبارة أخرى، فإن النظام لم يعد يؤمن حتى بسورية سوريا، فما بالك بعروبتها.

وإذا أردتم أن تتأكدوا بأنفسكم بأن النظام باع عروبة سوريا، فقط تابعوا الصفحات المؤيدة للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، فلن تجدوا فيها غير الشتائم العنصرية للعرب والمسلمين السنة. لا تغرنكم أبداً تصريحات الإعلام السوري، فهي كاذبة من رأسها حتى أخمص قدميها منذ عقود، فهي ترفع شعارات عروبية وحدوية قومية كي تغطي على الممارسات الطائفية للنظام اللاعربي ولا وحدوي ولا اشتراكي. انظروا إلى صفحات النظام التي تشبّه سوريا القديمة بمرأة سمينة قبيحة، وسوريا الجديدة بمرأة رشيقة القوام. وهذا يعني أنه لا بأس أن تتخلص سوريا القديمة من وزنها "العربي" الزائد، وتكتفي بقوامها الطائفي النحيل. يعني بدل "الجمهورية العربية السورية" القبيحة، لا بأس بـ"الجمهورية السورية" الرشيقة.

من أصدق الأصوات التي تعبر عن النظام السوري ومؤيديه الحقيقيين وأتباعه ليس الإعلام السوري الذي يكذب حتى في درجات الحرارة، بل الصادق الحقيقي هو الكاتب نضال نعيسة من أبناء الساحل السوري الذي يسمّي الأمور بمسمياتها بعيداً عن الكذب والتزييف. ويحظى نعيسة بشعبية واحترام كبير في الوسط العلوي، لأنه الناطق الصادق باسمه. اقرؤوا كيف استقبل نعيسة ومؤيدوه الكثيرون استبدال اسم "الجمهورية العربية السورية" باسم "الجمهورية السورية" في منشور بعنوان: "الوصفة السحرية الأبدية لسوريا:"

"لن تنعم سوريا بالأمن والاستقرار حتى ييتم طرد آخر بدوي عربي متأسلم، ويرحل هو وثقافته الإجرامية، وترتاح سوريا من الاحتلال البدوي المستعرب ومن ثقافة الموت والتكفير والإجرام وعبادة الوثن المكي، ويتم فرض حظر قانوني على ثقافة البدو ومنع تعاطيها. فما دام هؤلاء المهلوسون بأساطير التوراة والصحراء والمفتونون ببطولات ومجازر الصحابة، ويسمونوها فتوحات ونشر لدين الحق موجودين، فلا أمان ولا استقرار ولا سلام في سوريا."

ويضيف نعيسة في منشور بعنوان: "تسقط أمة الجرب العربية": "نحن.. مع إلغاء القانون البدوي القبلي الصحراوي الإسلامي القرآني الظالم المجحف الجائر المسيء العنصري الفاشي التمييزي والمهين للسوريين... وهذا ما ناضلنا من أجله طويلاً... ها هو الحلم الوطني الكبير قاب قوسين أو أدنى من التحقق فيما لو تحققت تلك الأمنيات وصدقت الأقاويل عما يتم تداوله عن دستور سوري جديد رائع يقول إن: الجمهورية السورية فقط، ولا بد من إسقاط هوية "العرب" الجرب البرابرة الغزاة القتلة المحتلين عنها بما يشبه الاستقلال الوطني الحقيقي وعودة الهوية السورية الأصلية لأهلها.. إن إسقاط شرط ديانة رئيس الجمهورية وإلغاء بند أن "الفقة الاسلامي مصدر رئيسي للتشريع... هو التطبيق الأمثل لحقوق الإنسان... الذي ينزع الشعرة عن رأس المسلم الغازي البدوي المحتل لسوريا... الذي يعتقد بأساطير ومعتقدات تقول إن محمد نبي أرسله كائن خرافي يسمونه الله... لا وجود لهذه الخرافات في علم الفلك الحديث حيث الفضاء فراغ مفتوح بلا نهايات، والقول بوجود السماء السابعة يفترض وجود السماء الأولى والثانية والثالثة فأين هي هذه ومن فيها وما طبيعتها وووو؟"

ويمضي نعيسة قائلاً: "المهم ألف مبروك لكم دستور سوريا الجديد! مبروك لسوريا! مبروك للشعب السوري التحرر من النير العربي!" انتهى كلام نعيسة.

لا شك أن كثيرين من البعثيين سيتبرؤون  من كلام نعيسة، وسيكررون شعاراتهم "البعصية" الممجوجة، لكن من يصدقهم بعدما فضحتهم الثورة السورية على الملأ؟

سوريا الأسدية لم تكن يوماً عربية ولا عروبية ولا قومية ولا وحدوية ولا حتى طائفية، بل عصابة مافياوية بامتياز تغطي عوراتها بشعارات قومجية عربجية وطنجية لذر الرماد في العيون والضحك على الذقون. صدق صامويل جونسون عندما قال إن "الوطنية والقومية هي الملاذ الأخير للأنذال والساقطين".
وسلامتكم!

 

 

أورينت نت

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع