حسين. ع
تصدير المادة
المشاهدات : 3005
شـــــارك المادة
سال حبر كثير في وصف اللوبي الموالي للنظام الإيراني داخل واشنطن، وقوبل في الغالب بسخرية من القراء، خصوصا من المؤيدين لإيران وحلفائها في المنطقة. لكن قصة هذا "اللوبي" أصبحت مكشوفة تماما بعدما تحدث نائب مستشارة الأمن القومي، بن رودز، عن الصلة بين إدارة الرئيس باراك أوباما و"اللوبي" الإيراني في مقابلته الفضائحية في مجلة "نيويورك تايمز" قبل أسبوعين. ومما قاله رودز، في وصف تلاعبه بالإعلاميين الأميركيين، إنه سبق أن أجرى جولات جس نبض ليعرف من يمكنه حمل رسالة الإدارة بفاعلية، ومن المجموعات التي أثبتت مقدرتها جمعية خيرية تحمل اسم "بلوشيرز"، وهذه الجمعية معروفة برعايتها "المجلس القومي الإيراني الأميركي"، الذي يرأسه في واشنطن الإيراني تريتا بارسي، صديق وزير الخارجية جواد ظريف منذ أن عمل الأخير موفدا لبلاده في الأمم المتحدة في نيويورك، كما يظهر حكم محكمة صادر في حق بارسي. وما كادت تمضي أيام على تصريحات رودز حول "بلوشيرز" حتى سارعت وكالة "اسوشتيد برس" إلى إعداد ونشر تحقيق حول نشاطات هذه الجمعية الخيرية وتبرعاتها العلنية، والغالب أن الجمعية قدمت تبرعات سرية لا يفرض القانون الأميركي كشفها. ولطالما دعمت "بلوشيرز" بارسي ومؤتمراته حول إيران. وكذلك مولت أعمال ونشاطات باحثين نوويين وخبراء ودبلوماسيين سابقين، حتى إنها تبرعت بمبلغ 70 ألف دولار لجامعة برنستون المرموقة حتى ترعى الدبلوماسي الإيراني النووي السابق حسين موسويان وتسوّق كتابه وتحليلاته وإطلالته في الندوات والإعلام. ومن مراكز الأبحاث التي تسلمت أموالا من بلوشيرز "معهد بروكنغز" و"مجلس الأطلسي" و"مركز النزاهة العامة"، الذي يراقب عمل الإعلام للتأكد من حياديته. وكذلك، تسلمت الإذاعة والتلفزيون شبه الرسمية "ان بي آر" 700ألف دولار، وجاءت إذ ذاك تقاريرها الإخبارية مساندة للانفتاح على إيران. ومولت "بلوشيرز" عمل وإقامة صحافيين في طهران، مثل مراسل "نيويورك تايمز"، توماس اردبرينك، و"واشنطن بوست"، جايسون راضيان، الذي اعتقله الإيرانيون وبادلوه مع سجناء إيرانيين أميركيين كانت واشنطن تحتجزهم لمحاولتهم خرق العقوبات الاقتصادية ومحاولة تزويد طهران بتقنيات عسكرية ونووية. ومن مستشارة أوباما الأقرب فاليري جاريت، المولودة في شيراز، والتي تؤيد الانفتاح على النظام الإيراني، إلى سحر نوريزادة التي عملت في مجموعة بارسي قبل أن تنتقل إلى "مجلس الأمن القومي" الأميركي، إلى سلسلة مسؤولي الشرق الأوسط في هذا المجلس: فيليب غوردن وستيف سايمون وروبرت مالي، والثلاثة من مؤيدي بقاء بشار الأسد في الحكم، واثنان منهم زارا الأسد في الماضي ويعرفونه شخصيا، كل هذه شخصيات داخل الإدارة مؤيدة لإيران وحلفائها. و"اللوبيان" الإيراني والسوري في واشنطن يعملان مثل "اللوبي" المؤيد لإسرائيل، فالقانون الأميركي يفرض التصريح علنا عن الأموال التي تتبرع بها حكومات أجنبية أو مواطنين غير أميركيين للحملات الانتخابية للسياسيين أو للإعلاميين أو مراكز الأبحاث، وهو ما تفعله كبرى جماعات الضغط العالمية العالمية مثل التابعة لكندا وألمانيا. لكن "اللوبيات" الإيرانية والسورية والإسرائيلية لا تصريحات لديها لأن مموليها مواطنون أميركيون، ما يجعل من الصعب تحديد كمية الأموال التي يضخونها لشراء نفوذ سياسي داخل واشنطن، لكن يمكن فهم مصدر تمويل إحدى أبرز الصحافيات الأميركيات، لورا روزن، التي تعمل لموقع إعلامي يموله سوري - أميركي موالٍ للأسد، والتي تابعت المفاوضات النووية مع إيران بيومياتها وتفاصيلها بتكاليف سفر وإقامة باهظة في أوروبا، ونشرت تقارير مفصلة عنها، وحاولت تسويقها أثناء إطلالاتها الإعلامية وفي مراكز الأبحاث الأميركية باعتبارها من الخبراء الذين واكبوا المفاوضات. وعبر شبكة الانترنت قد تظهر علاقات وصداقات بين إعلاميين وخبراء، لكن من يعيشون في العاصمة الأميركية يشاهدون خريطة جماعات الضغط ونفوذها عن كثب أكثر، فعندما لا ينشر الإعلاميون مقالاتهم، وعندما لا يطل الخبراء عبر الإعلام ومراكز الأبحاث، فهم يتسامرون معا ويذهبون إلى المطاعم، ويأخذون أولادهم إلى الملاعب والنزهات، ومن يعيش في واشنطن، يرى من صديق من، ومن يؤيد من، ويعرف أنه كما في باقي الدول حول العالم، "اللوبيات" هي شبكات مصلحية واجتماعية في الوقت نفسه، وفي حالة "اللوبيين" الإيراني والسوري، فإن الترابط بينهما سابق لتولي أوباما الحكم، وهو على درجات متعددة اجتماعية ومصلحية وغيرها. "اللوبي" الإيراني في واشنطن قهر نظيره الإسرائيلي وفرض التوصل لاتفاقية نووية مع إيران، ومازال يعمل لتكريس الانفتاح الأميركي على طهران وبشروط إيرانية. في الماضي القريب، كان الحديث عن "اللوبيين" الإيراني والسوري بمثابة دعابة و"نظريات مؤامرة". ولكن اليوم من لا يصدق هذه "الدعابة"، يمكنه العودة إلى تصريحات "رودز" وأن يطالع بيانات تبرعات "بلوشيرز".
العصر
عبد الوهاب بدرخان
علي حسين باكير
عدلي صادق
حسان الحموي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة