سلامة كيلة
تصدير المادة
المشاهدات : 4321
شـــــارك المادة
كان واضحاً أن النظام السوري لا يريد الحل السياسي، وهذا هو موقف النظام الإيراني الذي أرسل، لأول مرة، قوات من جيشه، بعد أن أغرق سورية بالحرس الثوري والقوى الطائفية الملحقة به، كذلك هو موقف روسيا التي تحاول أن تُظهر أنها تنتصر في كل حربٍ تدخلها، وهذا تعبير عن “نقص” في الثقة بالذات، تتحكم في سياستها الدولية، كإمبريالية تريد الهيمنة. لهذا، جرى التوافق على فتح معركة حلب، على الرغم من التوافق الأميركي الروسي على “فرض” وقف إطلاق النار، وهو ما أعلنه رئيس وزراء النظام، ونال على أساسه توبيخاً روسياً، الدولة التي باتت هي المقرّر في سورية. والهدف، هنا، هو حسم معركة الشمال، وسد الطريق على تركيا من جهة، وعلى الكتائب المسلحة من جهة أخرى. وهي المعركة التي خيضت ضد الكتائب المسلحة من ثلاثة أطراف معاً: القوات الإيرانية وحزب الله، وحزب الاتحاد الديمقراطي وداعش، تحت غطاء جوي روسي. لكنها فشلت، بالتالي، أصبح واجباً حسم معركة حلب، بغض النظر عن “الخسائر”. حيث استخدم النظام “طيرانه” المتطور من أجل إبادة حلب، ومن ثم التقدم شمالاً. ولإخفاء الوحشية التي تمارس، عاد النظام إلى استخدام “ماكيناته الإعلامية” التي تتمحور في خطابها على مسألة وحيدة: إن كل الصور المعممة حول حلب “مفبركة”. استخدم الفبركة الإعلامية منذ البدء، وكانت هذه الوسيلة جزءاً من حربه لتشويه الثورة، و”إبقاء المتردّدين” متردّدين، وأيضاً إعطاء الممانعين مبرّراتٍ لاستمرار القناعة الذاتية، وتأكيد الدعم. لهذا، وجدنا أنه، في موازاة الهجوم الوحشي على حلب، باشر هجوماً إعلامياً يؤكد على فبركة الصور التي تظهر هذه الوحشية. وهذا ما يكرّره الممانعون في البلدان العربية، ربما لإقناع الذات فقط، بعد أن أوغلوا في دعم نظام وحشي، تحت حجة “المؤامرة الإمبريالية، حتى بعد أن كشف أوباما كل مواقفه من سورية منذ بدء الثورة، وكان فرحاً وراضياً أنه لم يتدخل.
الأمر هنا واضح، حيث أن إعادة النظر في الموقف تعني قبول هؤلاء اتهامهم بكل جرائم النظام وروسيا وإيران وحزب الله، من ثم لا خيار سوى الإيغال في الرواية المزوّرة عما جرى ويجري في سورية. ليست الصور مفبركة، لأن خبير الفبركة هو النظام، والوحشية هي ما يمارسه النظام وكل القوات التي تدافع عنه، بعد أن “تبخّر الجيش العربي السوري”، نتيجة فرار غالبية عناصره أو انشقاقهم، وهو ما اعترف به بشار الأسد صيف سنة 2015. والنظام الإيراني يعلن، علناً، عن إرسال قوات جديدة بين حين وآخر، من دون أن يفلح بكسب الحرب، حتى بعد أن استظلّ بالطيران الروسي، الأحدث عالمياً، والآتي من أجل إثبات تفوقه النوعي، كي تبيع شركات الأسلحة الروسية بمليارات جديدة، كما أعلن بوتين الفرح بأنه باع أكثر بعد تدخله في سورية. منطق إمبريالي يحكم الدولة التي تريد أن تصبح القوة العظمى في عالمٍ يعاني من أزمة رأسمالية عميقة، ستطيح كل هذه النظم. وفي وضعٍ لا يسمح لروسيا أن تكون كذلك نتيجة سيطرة المافيا على مفاصل الدولة والاقتصاد، وتشابكها المالي العالمي، وأيضاً ضعف صناعاتها. وذلك كله هو ما يجعلها تتصرّف بوحشية، وتدعم نظماً متوحشة. لن تنهزم حلب، على الرغم من كل القتل والدمار والوحشية، ومن سينهزم هو النظام وداعموه. بالضبط، لأن الشعب هو الذي يقاتل، ولا إرهابيين ولا عصابات جرى جلبها من أطراف العالم، لكي تخرّب على الثورة مدعومة من النظام وروسيا وإيران وأميركا وتركيا، فكل هؤلاء يخافون الثورة، ويعرفون أن انتصار الثورة، هنا، يعني انتقالها إليهم، فالوضع العالمي ثوري، نتيجة الأزمة العميقة التي دخلها كل النمط الرأسمالي، ونتيجة سيطرة طغم المال التي تعمل على نشر الوحشية في العالم، لأن هناك “زوائد بشرية” يجب أن تفنى. هذا ما قامت به أميركا في العراق، وما زالت. وهذا ما قام به النظام السوري، وما زال. وهو ما باتت تقوم به روسيا في سورية وأوكرانيا. لهذا، كان النظام السوري مناسباً لوحشيةٍ تريدها الطغم الإمبريالية.
العربي الجديد
محمد أيمن الجمال
داود البصري
علي ملحم
مرح البقاعي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة