صالح النعامي
تصدير المادة
المشاهدات : 3134
شـــــارك المادة
في خطوة تشي بعمق وسعة الشوط الذي قطعه الطرفان في مجال التعاون الإستراتيجي، شرع الكيان الصهيوني وروسيا في مباحثات تهدف إلى التوافق على صيغة تفضي إلى تصميم خارطة الشرق الأوسط المستقبلية بما يخدم مصالحهما.
وقد أكدت وسائل الإعلام الصهيونية أن اللقاء الذي جمع الخميس الماضي رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلادمير بوتين في موسكو؛ تناول الآليات الواجب اتباعها من أجل التأثير على التحولات الإقليمية.
ولم يكن من سبيل المفارقة، أن تجمع وسائل الإعلام الصهونية على أن بوتين قد أكد لنتنياهو أنه معني بألا يفضي أي حل في سوريا إلى تهديد المصالح الصهيونية.
وقد تبين أن نتنياهو وبوتين في اجتماعهما الذي عقد للمرة السابعة، قد بحثا التعاون المشترك الهادف إلى التأثير على مفاوضات جنيف التي تجرى للتوصل لتسوية بشأن الأوضاع في سوريا.
ومما لا شك فيه أنه في حال تم التخلص من الغطاء الدبلوماسي الفضفاض للمفاهيم الصهيونية، يتبين أن التعاون في رسم خارطة الشرق الأوسط يعني تقسيم سوريا وفق المصالح الروسية والصهيونية.
ولا شك أن الكثير من الصيغ حول التقسيم قد تم تداولها في اللقاءات التي تجمع قادة المستوى السياسي والمستوى المهني لكل من تل أبيب وموسكو.
وقد قال السفير الروسي في تل أبيب إليكساندر شاين إن روسيا "دائماً تحرص على أخذ الاعتبارات الأمنية الصهيونيية في أي قرار يتعلق بسوريا".
وحسب شاين فأنه في كل ما يتعلق بسوريا، فأن التعاون والتنسيق بين موسكو وتل أبيب يتعزز مع الوقت وينتقل من مرحلة إلى أخرى أكثر تقدما".
ومن أجل التدليل على طابع الشراكة بين الكيان الصهيوني وروسيا، ومن أجل طمأنة تل أبيب، فقد نفى شاين أن تكون روسيا قد التزمت باستهداف تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" فقط، مشيراً إلى أن هناك تنظيمات جهادية أخرى في سوريا "ستواصل روسيا ملاحقتها وضربها".
ليس هذا فحسب، بل أن شاين حرص على إبلاغ الصهاينة بأن تواجد كل من إيران وحزب الله يهدف فقط لمواجهة الحركات الجهادية السنية، حيث قال: "نحن والإيرانيون نقاتل منظمات الجهاد العالمي، هناك فراغ كبير ترك في سوريا، والمنظمات الجهادية استغلته وأسست قواعد هناك، وعندما يتم القضاء على هذا الخطر فلن يكون هناك مبرر لتواصل الوجود الإيراني والروسي بالحجم الحالي".
ومن الواضح إن روسيا قد حصلت على ثمن مقابل خدماتها للكيان الصهيوني، حيث كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم"، التي تعد الصحيفة الأكثر قرباً من ديوان نتنياهو أن تل أبيب قدمت مساعدات لروسيا مكنتها من التدخل في سوريا بشكل مثالي، مشيرة إلى أنه بدون التعاون الإسرائيلي كان الروس "سيغوصون في الوحل السوري حتى العنق".
وقد مهد نتنياهو لزيارته لموسكو باعترافه لأول مرة بتنفيذ هجمات في عمق الأراضي السورية، وذلك من أجل التأكيد على خطوط تل أبيب الحمراء أمام موسكو.
ومن الأهمية بمكان الاستماع لمئير بلوشطاين، القيادي في حزب الليكود الذي قال إن تل أبيب استنفذت الطاقة الكامنة في العلاقات مع موسكو دون التنازل "قيد أنمة عن المصالح الإسرائيلية".
ويتضح من كلام بلوشطاين أن بوتين يقدر امتلاك الكيان الصهيوني سلاحاً نووياً، إلى جانب إدراكه للتأثير الطاغ لتل أبيب على الكونغرس الأمريكي الذي كان وراء سلسلة من العقوبات ضد موسكو.
ولفت بلوشطاين، الذي كان مفوضاً للعلاقات بين الليكود والجالية اليهودية في الاتحاد الروسي، الأنظار إلى أن روسيا، ولأول مرة تجاهر باعترافها بالرابط التاريخي بين "الشعب اليهودي" وما أسماه بـ "أرض إسرائيل" بما فيها الضفة الغربية، مشيراً إلى أن روسيا سمحت الأسبوع الماضي بعرض "وثائق البحر الميت" في مسرح "ههارميتاز" أهم المسارح الروسية، مع العلم أن هذه "الوثائق" تتحدث عن "حق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل"، على حد تعبيره.
قصارى القول، يتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن الحرص على بقاء نظام الأسد مهد لإرساء دعائم تحالف خطير بين روسيا والكيان الصهيوني يدفع ثمنه الشعب السوري، الذي تفتك الطائرات الروسية بأرواح أبنائه.
وسيتضح لكل من إيران وحزب الله في وقت لاحق أن كلفة انهيار نظام الأسد ستكون أقل بكثير من كلفة التحالف بين تل أبيب وموسكو، فهناك الكثير من المؤشرات التي تدلل على أن الروس يمكن أن يتخلوا عن إيران وحزب الله مقابل عوائد العلاقة مع الكيان الصهيوني.
ومما لا شك فيه أن الحوار الروسي الصهيوني يعري كل المبررات التي تقدمها إيران وحزب الله ونظام بشار الأسد لتسويغ التحالف مع موسكو، لأنه يظهر أن صناع القرار في طهران قد قبلوا عملياً بواقع التحالف الروسي الصهيوني، وكل ما يترتب عليه من تمكين تل أبيب من تحقيق مصالحها، فقط لأن الروس يحرصون على بقاء نظام الأسد.
ألم يواصل الصهاينة استهداف ما وصف بأنه قوافل سلاح متجهة من سوريا إلى لبنان، حتى بعد التدخل الروسي، وتمت تصفية سمير قنطار القيادي في حزب الله داخل سوريا، دون أن يصدر عن روسيا أي رد، بل واصلت التنسيق مع تل أبيب.
لو كانت هناك ثمة دماء تجري في عروق متعهدي "الممانعة" و "المقاومة" وأبواقهم لكان قد تم التوقف عن امتداح التدخل الروسي، الذي بات في حكم المؤكد أن الكيان الصهيوني هو أكبر المستفيدين منه.
أن مواصلة صمت هؤلاء المتعهدين على التفاهمات الروسية الصهيونية يضع الكثير من علامات الاستفهام حولهم وحول مواقف التيار الذي يمثلونه.
مجلة البيان
غازي التوبة
حامد الخليفة
أمير سعيد
باسم عالم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة