زياد الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 4630
شـــــارك المادة
لا تزال أمريكا تمارس في تعاملها مع الدول السنية في المنطقة كذبها المعهود ونفاقها الذي بات مفضوحا، وخصوصا في علاقتها مع كل من المملكة العربية السعودية وتركيا، ففي الوقت التي تزعم أنها حليفة لهاتين الدوليتين على وجه الخصوص، تجد سياسيتها في المنطقة تتناقض مع هذا الزعم والادعاء تناقضا صارخا.
ويبدو أن الزيارة الحالية التي يقوم بها كل من الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير دفاعه آشتون كارتر إلى الرياض لا تخرج عن هذا السياق، ففي الوقت الذي نقلت فيه رويترز عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن أوباما وكارتر سيسعيان إلى طمأنة دول مجلس التعاون الخليجي – وعلى رأسها السعودية - على أن مصالحها لا تزال تتفق مع مصالح واشنطن، وأن الولايات المتحدة ستواصل ضمان أمنها، وفي الوقت الذي جدد فيه وزير الدفاع الأمريكي "كارتر" إعلان التزام بلاده بأمن الخليج ومواجهة أنشطة إيران التي تزعزع الاستقرار في المنطقة... لا يرى المراقب والمتابع إلا عكس ما يقول الأمريكان دائما.
فبدلا من التعامل مع مصدر الإرهاب وعدم الاستقرار في المنطقة "إيران" بما يردعها عن عبثها بأمن دول الخليج واليمن وسورية والعراق، يمكن ملاحظة تقارب بل وتوافق تام بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، تقارب أفضى إلى توقيع الاتفاق النووي الذي رفع العقوبات عن إيران، وحوّلها بين ليلة وضحاها من عدو أمريكا والكيان الصهيوني و أوروبا، إلى حليف يسعى الجميع إلى كسب وده وعقد الصفقات الاقتصادية معه!!!
أما الأدلة التي يمكن استعراضها لتأكيد كذب ادعاء أمريكا بما يتعلق بتحالفها مع الدول السنية فهي في الحقيقة كثيرة، و يكفي أن نذكر منها:
1- مقابلة أوباما مع مجلة "The Atlantic" التي اتهم فيها "حلفاءه" في السعودية ودول الخليج بأنها مصدر "التطرف"، كما وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالمستبد والفاشل .....في الوقت الذي خلت مقابلته هذه من أي اتهام لأيران بالتطرف أو بــ "الإرهاب" أو زعزعة أمن المنطقة عموما!!
2- دراسة الكونغرس الأمريكي تشريع قانون يجيز للقضاء الأمريكي النظر في دعاوى قد ترفع إليه، تطال الحكومة السعودية أو مسؤولين، على دور مفترض لهم في أحداث 11سبتمبر/أيلول 2001، بل ويتم من خلاله السماح لمواطنين أمريكيين بمقاضاة السعودية على خلفية أحداث سبتمبر...
وعلى الرغم من إعلان "أوباما" في لقاء تلفزيوني بثته شبكة "سي بي إس" الأمريكية رفضه التوقيع على مشروع القانون الذي يحاول الكونغرس الأمريكي تمريره، وذلك حتى لا يُفتح الباب لمقاضاة الولايات المتحدة من قبل الأفراد في بلدان أخرى حسب وصفه، معربا عن تفضيله الطرق الدبلوماسية للتعامل مع المملكة... إلا أن ذلك لم يكن بدافع المحافظة على الحلف المزعوم مع المملكة والدول السنية، وإنما بسبب الخشية على مصالح بلاده الاقتصاية ربما، خصوصا بعد تقارير صحفية تحدثت عن إبلاغ السعودية الإدارة الأمريكية بأنها ستبيع وتُصفّي أصولاً مالية تملكها المملكة، وتُقدر بمئات المليارات من الدولارات -أكثر من 750 مليار دولار- إذا ما أقر الكونغرس مشروع قانون المساءلة.
وإذا ما انتقلنا إلى سياسة أمريكا وأسلوبها في التعامل مع ملفات المنطقة الساخنة، فإن كذب ادعائها التحالف مع الدول السنية يبدو أكثر وضوحا وأشد فجاجة، فهي تسير بعكس توجهات وسياسة الدول السنية مع هذه الملفات.
فبينما تدعم المملكة السعودية الحكومة الشرعية في اليمن، وتقود تحالفا عربيا مدعوما من تركيا وكثير من الدول السنية ضد الإنقلابيين الحوثيين والمخلوع صالح لإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد... لا نرى أي تعاون أمريكي لإتمام الهدف السعودي، بل هناك بعض التقارير التي تشير إلى وجود دعم أمريكي للحوثيين الذين ينفذون أجندة ومشروع إيران في المنطقة.
فقد غرد المفكر وأستاذ العلوم السياسية الكويتي د. عبد الله النفيسي على حسابه على "تويتر": أنه "كتفريعة للاتفاق النووي مع إيران فإن الولايات المتحدة تلتزم بحماية الدور الإيراني في بلاد العرب. هذا يبدو واضحا من تعاون الأمريكان مع الحوثي".
وبحسب المفكر الكويتي فإن: "تأخر وفد الحوثي من الحضور للكويت ربما كان بتنسيق مع الأمريكان، وإن التصعيد المفاجئ لموقف الحوثي في اليمن وكميات السلاح التي وصلته تشير إلى ذلك".
ووفقا لرؤية النفيسي، فإنه "واضح أن ثمة تنسيقا أمريكيا - حوثيا ضد المملكة ومحاولة إعادة سياسة المملكة إلى بيت الطاعة وكسر حزم العاصفة".
أما في العراق فإن أكذوبة التحالف الأمريكي مع الدول السنية يبدو مزحة ونكة مضحكة، وكيف لا يكون الأمر كذلك وقد قضى الأمريكان على الدولة السنية في العراق بعد غزوها عام 2003م، وسلموها غنيمة باردة لملالي طهران ليعيثوا بها فسادا وإفسادا حتى الآن.
وأما في سورية فقد لعبت أمريكا دور الصديق والحليف للدول السنية الداعمة للثورة السورية، ومارست أبشع أنواع الكذب والنفاق في هذا السياق لأكثر من ثلاثة أعوام، لتكشف الأيام أنها أشد أعداء الثورة السورية، وأنها لا تقل إجراما عن إيران وروسيا، بل ربما تكون أكثر مسؤولية عن مأساة الشعب السوري منهما.
لقد مارست أمريكا -وما زالت تمارس– أشد انواع الضغط و"الإرهاب" ضد الدول السنية الداعمة للثورة السورية لمنعها من تزويد الثوار بالسلاح النوعي الذي يحسم المعركة، بينما باركت التدخل العسكري الإيراني والروسي الذي يرتكب المجازر اليومية بحق الشعب السوري...
وفيما يتعلق بأكذوبة التحالف الأمريكي التركي -والذي من المفترض أن يكون قويا وبدهيا نظرا لعضوية تركيا في حلف الناتو الذي تقوده أمريكا عمليا– فيكفي أن نذكر الدعم الأمريكي لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي byd الذي تعتبره تركيا حزبا إرهابيا بسبب ارتباطه الوثيق بحزب العمال الكردستاني المسؤول عن بعض العمليات الإرهابية الأخيرة في تركيا.
لا يمكن حصر الأدلة التي تؤكد أكذوبة تحالف أمريكا مع الدول السنية، فهي من الكثرة والتواتر بمكان، كما لا يتسع التقرير لبيان البراهين التي تشير إلى وجود تحالف أمريكي صهيوني صفوي ضد الوجود والهوية السنية في المنطقة.
ويبدو أن هذا ما يفسر الاستقبال الفاتر للرئيس الأمريكي في الرياض بالأمس، حيث لم يكن العاهل السعودي الملك سلمان في استقباله كما هو متوقع، ولا حتى ولي العهد أو ولي ولي العهد ، بل كان في مقدمة المستقبلين أمير الرياض فيصل بن بندر، ووزير الخارجية عادل الجبير.
المسلم
عبد الغني محمد المصري
خالد مصطفى
عريب الرنتاوي
مهدي الحموي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة